النهار

مذبحة أنصار... لا لربط اختفاء النساء بالمشكلات العائلية ولمحاسبة المهملين
مذبحة أنصار... لا لربط اختفاء النساء بالمشكلات العائلية ولمحاسبة المهملين
A+   A-
ما حصل منذ أمس بتسليط الضوء المكثّف على اختفاء أثر فتيات عائلة صفاوي ووالدتهن، كان يجب أن يحصل منذ اليوم الأول لاختفائهن. منذ 2 آذار الفائت، ولا بعد التيقّن من وقوع الجريمة وتحوّل المفقودات جثثاً يجهد الطبيب الشرعي لتقفي أثر ما حلّ بها في مغر ليال جنوبية ظلماء عاصفة. 
 
باسمة علي عباس، وبناتها ريما وتالا ومنال صفاوي، ضحايا مذبحة ارتكبت ببرودة، واستدعى القضاء المشتبه في تنفيذها للتحقيق قبل أن يُخلى، ويهرب الى سوريا، فيُستدرج مجدداً الى لبنان. 
الأكيد أنهنّ لسن ضحايا هذا المجرم فقط. حقيقة الإهمال لا يمكن إنكارها ولا تبريرها، لاسيما مع ترجيح أن تكون الجريمة ارتكبت في النطاق الجغرافي للبلدة.  
 
يحدث أن يترك كثير من قضايا اختفاء النساء تحديداً شيئاً من التريّث في التعاطي معها، نتيجة الموروثات، فتحضر فرضيات "الخطيفة" والمشاكل العائلية وغيرها في أجندة الأمن والقضاء والاعلام في آن واحد. ويحدث أن يصبح التريّث مضاعفاً حين تكون القصة آتية من الأطراف، وحين تعمل العائلة على الابتعاد عن الاعلام، من باب "كفّ الفضائح"!
 
أذكر جيّداً أنه مع نشرنا خبر اختفاء الشقيقات ووالدتهن وبالاشارة الى موضوع عائلي وفقاً لرواية مصدر أمني، اتّصل والد الفتيات محتجاً على معلومات وردت فيه وطالباً إزالتها. وكان يجهد لإبعاد صبغة وجود إشكال عائلي عن القضية، في حين كانت مصادر أمنية تتمسك بهذه الرواية التي قيل لاحقاً أن الجاني استخدمها لتضليل التحقيق. 
 
في بلدنا، تفاخر أجهزة أمنية بتمكنها من إعادة طفل مخطوف في أقل من 24 ساعة، وبكشف جريمة قتل رجل أعمال في ساعات، ناهيك عن الإنجازات بإحباط مخططات "داعشية". 
 
ما لا نفهمه حقاً، كيف لاختفاء 4 نساء أن يحصد كل هذا التلكؤ والاهمال. والمخيف أن المشتبه فيه الرئيسي بارتكاب الجريمة حقق معه في القضاء وترك وهرب الى سوريا قبل أن يستدرج الى لبنان، فيما كان مصير المختفيات لا يزال مجهولاً. هل توضح القاضية التي يزجّ باسمها في محضر الاهمال؟ هل يوضح القضاء حيث يجب أن يوضح؟ وهل يفعل الأمن الشيء نفسه؟ هل هناك مربعات أمنية تشعر فيها الأجهزة بعدم جدوى الحراك الفاعل بوجود قوى أمر واقع أمنية؟ وأين العيون التي تزعم السهر في الأودية والمغر حيث وجدت الجثث؟ 
 
هل صحيح أن المجرم نفّذ جريمته بكل برودة؟ وما الدوافع الحقيقية للجريمة؟ هل قتلهن مرة واحدة؟ هل شاهدت الأم بناتها يقتلن؟ أم شاهدت الفتيات أمهن تقتل؟ ربما تجد الأسئلة الأخيرة إجابات في الساعات الآتية بعد الاستنفار الاعلامي-الأمني، لكن عبَر الجريمة ستبقى ماثلة الى الأبد. لا للاستخفاف بقضايا اختفاء النساء ولا الرجال. ولا لطمرها من باب لصقها بموضوع الشرف والقضايا العاطفية. و"اللا" الأهم هي لغياب محاسبة الفاعلين، والمهملين أياً كانوا. 
 
من المتوقع أن تشيّع باسمة، وريما، وتالا، ومنال، يوم الأحد الى مثواهنّ الأخير في بلدة أنصار. لأرواح المغدورات سلام الله وعدالة السماء.
 
 هذه جريمة لا تشبه جرائم كثيرة، ويجب أن نحوّلها درساً لنا جميعاً في التعاطي مع قضايا الاختفاء لحماية من أمكن  مستقبلاً. 
 
 لا تبارحني صورة القاتل وهو يفاخر بقتل الحيوانات وعرضها ميتة بسادية على مواقع التواصل. للمجرمين آثار يمكن أن تقتفى قبل حصد المزيد من الأرواح لو طبقت القوانين من صغيرها الى كبيرها. 
 
 
@dianaskaini
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium