الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

ما دام "إعلان بعبدا" يحظى بتأييد عربي ودولي \r\nلماذا لا يكون وحده برنامج الحكومة الجامعة؟

اميل خوري
A+ A-

لماذا صار تشكيل الحكومات في لبنان مشكلة يستعصي حلها الا بتدخل خارج نافذ؟


يقول نائب سابق عتيق ان الحكومات في الماضي كانت تشكلها الاكثرية النيابية المنبثقة من الانتخابات والاقلية تعارض في انتظار ان تصبح اكثرية فتؤلف هي الحكومة، وهذا كان يتم تطبيقا للنظام الديموقراطي تطبيقا صحيحا ولم تكن الطوائف او الطائفة المقيمة في النفوس تحول دون ذلك لأن التعددية كانت قائمة داخل كل طائفة، وفي استطاعة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اختيار وزراء من كل الاوزان في كل مذهب ولا اعتراض على ذلك. فاذا كانت الحكومة حكومة اقطاب جاء بأقطاب، واذا كانت حكومة ممثلين عنهم او ممثلين لطوائفهم جاء بوزراء من اوزان متساوية.
اما عندما يكون الرئيس المكلف مضطرا الى تشكيل حكومة ائتلافية او وحدة وطنية وجامعة كما تسمى اليوم من القوى السياسية الاساسية التي تشكل اكثرية نيابية، فالخلاف لم يكن يدور لتشكيلها حول الاسماء والحقائب انما حول برنامج الحكومة حتى اذا ما صار اتفاق عليه تشكلت الحكومة من الاحزاب والكتل الموافقة عليه، وعندها يتم اختيار الوزراء وفق الحقائب التي ستسند الى كل وزير، وهذا ما كان يحصل في الازمات السياسية وعند الخلاف على البرنامج قبل الدخول في تشكيل الحكومة.
ومن هذه الازمات تلك التي حصلت اثر توقيع اتفاق القاهرة، اذ استمرت الازمة الوزارية يومذاك سبعة اشهر من دون التوصل الى حل لها الى ان حددت الاحزاب والكتل موقفها من هذا الاتفاق، فمن وافق عليه شارك في الحكومة ومن لم يوافق عليه ظل خارجها وحجب الثقة عنها. والأزمة الاخرى التي واجهت تشكيل الحكومة هي ازمة الخلاف على اتفاق الطائف، فمن وافق عليه شارك في الحكومة ومن لم يوافق ظل خارجها. هكذا كانت تشكل الحكومات في الماضي يوم كان النظام الديموقراطي مطبقا بحيث يجعل الاكثرية النيابية هي التي تحكم كل السلطات (رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس النواب، رئاسة الحكومة) والاقلية تعارض. ولكن عندما تعطل تطبيقه ولم يعد في استطاعة الاكثرية النيابية ان تحكم وحدها لأسباب سياسية ومذهبية ولم تعد التعددية قائمة داخل كل المذاهب والطوائف لا سيما داخل الطائفة الشيعية وقام المتحالف الثنائي المؤلف من "حزب الله" وحركة "امل" الذي يحتكر قرار الطائفة، وهو الذي يسمي وزراءها ويقرر المشاركة في الحكومة وبشروطه، لتصبح ميثاقية والا فانها لا تكون كذلك اذا قرر عدم المشاركة فيها، واذا تجرأت شخصية شيعية ووافقت على المشاركة بدون موافقة هذا التحالف اعتبرت غير ممثلة للطائفة ومورست عليها الضغوط للاستقالة.
هذا الوضع الشاذ الذي استجد على النظام الديموقراطي في لبنان باختراع بدعة "النظام التوافقي" جعل نتائج الانتخابات النيابية بلا قيمة وبلا معنى، اذ انها تساوي بين الخاسر والرابح، فالرابح لا يستطيع ان يحكم وحده الا مع الخاسر وبشروطه والا وقعت الازمة الوزارية الحادة التي لا حل لها الا باستمرارها الى اجل غير معروف او مواجهة خطر الفراغ الدائم الى ان يقتنع الطرفان السياسيان المتناحران بتبادل التنازلات وصولا الى حل لا يكون فيه غالب ومغلوب.
هذا هو الوضع الشاذ الذي واجه ويواجهه تشكيل الحكومة برئاسة تمام سلام منذ اكثر من تسعة اشهر كما واجه سواه لأن 8 آذار ترفض تشكيل اي حكومة ان لم تكن جامعة وممثلة فيها تمثيلا صحيحا يعبر عن وزنها وحجمها، وقوى 14 آذار ترفض ان تكون في الحكومة مع 8 آذار لان الخلاف بينهما عميق حول امور كثيرة ولا سيما حول "اعلان بعبدا" وسلاح "حزب الله"، فكيف يمكن جمع نقيضين في حكومة واحدة ولا تكون مهددة اما بالشلل واما بالانفجار من الداخل؟
فهــل تتفق 8 و14 آذار على ان يكون "اعلان بعبدا" والاستراتيجية الدفاعية وفق ما اقترحهما الرئيس ميشال سليمان هما السبيل لحل مشكلة السلاح خارج الدولة، كما كان اتفاق القاهرة واتفاق الطائف هما سبيل الخروج من الازمة وذلك بتشكيل حكومة من الاحزاب والكتل التي وافقت عليهما؟ عندها لا يعود الخلاف بين 8 و14 آذار على المحاصصة وعلى الحقائب انما على المبادئ وهذا شيء طبيعي، فإما ان يتفقا عليها فتشكل حكومة منهما، واما لا يتفقان فتشكل حكومة من شخصيات مستقلة تعمل لمصلحة لبنان وليس لمصلحة احزاب ومذاهب، وهذا هو المطلوب في الظرف الدقيق الراهن اذا ظل الخلاف قائما بين 8 و14 آذار على ان يكون الاتفاق على البيان الوزاري قبل تشكيل الحكومة او بعد تشكيلها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم