الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

"النصرة" تضلّل الثورة السورية بعد التحقيق مكاسب النظام من المتطرفين تربك الدول

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

لم ينجح فيديو ابو عدس الذي كشف الادعاء في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي انطلقت المحاكمة في اغتياله واغتيال الشهداء الذين سقطوا معه قبل يومين في لاهاي، انه أعد بحدود 7 شباط 2005 اي قبل اسبوع من عملية الاغتيال في تضليل التحقيق الدولي في هذه الجريمة. الفيديو نسب التفجير الى ابو عدس بالنيابة عن جماعة ظهرت اعلاميا للمرة الاولى على اثر اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه في 14 شباط تحت اسم "جماعة النصرة والجهاد لبلاد الشام" واختفت كليا بعد ذلك لتظهر مجددا وتتخذ وجودا حقيقيا وليس وهميا وتحظى بدرع التثبيت لها في السنة الثانية من الثورة السورية ليس من اجل اعادة تأكيد الاتهامات في جريمة اغتيال الحريري والتشكيك بصدقية المحكمة الدولية واظهار صلة للتنظيمات الاصولية بعملية الاغتيال فحسب انما ايضا من اجل عنصر جديد هو تضليل الثورة في سوريا وكذلك تضليل المجتمع الدولي في شأن هذه الثورة وبنجاح منقطع النظير. فهذه الجماعة، ومن يدور في فلكها، اعادوا تأهيل النظام السوري الذي يستعد للجلوس على طاولة واحدة مع المعارضة السورية من اجل التفاوض مبدئيا على هيئة لسلطة انتقالية في سوريا في مؤتمر جنيف 2 الاسبوع المقبل في حين تقر مصادر ديبلوماسية ان جبهة النصرة ومن لف لفها انهكوا المعارضة السورية وقدموا خدمات جلى للنظام. وتكشف هذه المصادر قبل ايام من انعقاد مؤتمر جنيف 2 ان ثمة معلومات استخباراتية عدة تثبت وجود تناغم بين النظام والتنظيمات الاسلامية الاصولية المتصفة بالارهاب وكذلك وجود خدمات متبادلة، الا ان ذلك لا ينفي وجود اتجاهين متناقضين عشية مؤتمر جنيف 2 :


الاول ان هناك اقتناعا متزايدا لدى الدول الغربية المؤيدة منها للثورة السورية حول تحول سوريا ارض جهاد وحتى ارهاب وتنطلق منها العمليات ليس في سوريا وحدها بل في العراق ولبنان ودول اخرى مما يشكل نجاحا كبيرا ومدروسا للنظام الذي جهد منذ اليوم الاول للثورة لاشاعة هذه النظرية وعمل بقوة من اجلها مدعوما من كل من ايران وروسيا في شكل خاص. ومع ان ثمة اراء كثيرة سياسية وخبيرة بسوريا تدرك وتجاهر بمدى مسؤولية النظام في تحويل سوريا ملاذا للارهاب من خلال استفزازه اعمال العنف والقتل او من خلال خلق جماعات اصولية باساليب مختلفة نظرا لخبرته الطويلة في فبركة تنظيمات مماثلة ورعايتها ومحاربة الاخرين بها، فانه يخشى في ظل عدم امتلاك الدول الغربية الخيارات الكثيرة للتحرك او البحث عن حلول قادرة على فرضها ودفع النظام الى التسليم بواقع وجود ثورة شعبية ضده من اجل تغييره واستبدال حكمه المستمر منذ اربعين عاما الى التسليم في المقابل بواقع استمرار امتلاك النظام القدرة والادوات على مواجهة هذه التنظيمات.
اما الاتجاه الثاني، وعلى رغم اعتبار دول غربية عدة ان نظاما مسؤولا عن مقتل ما يزيد على 150 الف سوري خلال ثلاث سنوات وتهجير الملايين داخل سوريا وخارجها لا يمكن ان يبقى في السلطة او ان يكون له مكان في مستقبل سوريا، فان المصادر المعنية تقر بانه، وعلى رغم التوافق المبدئي على ان مؤتمر جنيف 2 هو، ووفق الدعوة التي وجهها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى الدول الغربية والاقليمية المعنية بالازمة السورية من اجل الاتفاق على سلطة انتقالية مشتركة بموافقة النظام والمعارضة، لا يزال هناك بون شاسع بين وجهة النظر الروسية ووجهة النظر الغربية من موضوع الازمة السورية. وينقل عن ديبلوماسيين غربيين التقوا نظراءهم الروس في الاسابيع الاخيرة استمرار هؤلاء في المنطق نفسه الذي يدعم النظام السوري وعدم المساومة عليه اي المنطق المتخوف من انتشار الارهاب وتحول سوريا ارضا للفوضى في المنطقة وابعد منها مع سيطرة هذه التنظيمات بدلا من النظام او حتى نجاح هذه التنظيمات في سلب المعارضة الثورة السورية والانتصارات الميدانية التي حققها الجيش السوري الحر بعد انطلاق الثورة. ومن غير المستبعد في حال رغبت روسيا في الضغط على النظام واقناعه بقبول المشاركة بسلطة انتقالية مع المعارضة ان تتذرع بعدم قبول النظام الذي تدعمه بتغييرات جوهرية في صلاحيات السلطة البديلة او انتقالها او تفاوض في احسن الاحوال وبالتنسيق مع ايران على ان يبقى صاحب السلطة المؤثرة علما ان المصادر الديبلوماسية المعنية تعتقد ان هذا سيكون كفيلا باستمرار الازمة وليس حلها مع احتمالات بالغة المخاطر قد تؤدي الى تقسيم سوريا وفق سيناريوات لم ينزعها احد من حساباته بعد.
وفي مكان ما بين الاتجاهين، ثمة افادة لا تقدر للنظام بما يستمر يحصل في مصر ان لجهة التجربة الفاشلة للاخوان المسلمين في الحكم او لجهة نبذهم من الشعب نفسه وتفضيل هذا الاخير وفق الاستفتاء على الدستور الذي جرى بالامس ان يعود العسكر الى الامساك بالسلطة وان على طموح بان يختلف ذلك عما كان في السابق زمن حكم الرئيس حسني مبارك او ايضا لجهة اقناع الدول الغربية بان تدخلها لدعم التحول في الانظمة العربية في هذا الاتجاه او ذاك لم يظهر ادراكا عميقا للشعوب العربية وما يجري فعلا على الارض. فالتجربة المصرية حيث وصلت اخيرا مدت نظام الاسد بمصل الافضلية على البدائل تبعا لملاحقة السلطة الانتقالية المصرية الاخوان المسلمين بعد تصنيفهم ارهابا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم