الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

بين القبض على دفتردار وتفجير الهرمل روابط عدة الإرهاب يسعى إلى التجذّر والجيش لن يتراجع حتى اجتثانه

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
A+ A-

بين قبض مخابرات الجيش على احد كوادر "كتائب عبدالله عزام" والمرشح لتولّي امارتها في لبنان، جمال دفتردار في احدى بلدات البقاع الغربي وبين التفجير الانتحاري في الهرمل مسافة جغرافية بعيدة نسبياً ولكن ثمة اكثر من رابط واكثر من صلة ووجه علاقة.


العنوان العريض هو سعي الارهاب إلى تمكين أقدامه في الساحة اللبنانية والى صيرورته رقماً صعباً، وفي المقابل جهد دؤوب من الجيش اللبناني حصراً للحيلولة دون تحوّل الساحة اللبنانية بؤرة خصبة للجماعات التكفيرية، وخصوصا ان الاخيرة تعتبر أن اللحظة الراهنة هي لحظتها المناسبة للنمو والتجذر مع إمساكها بزمام المعارضة في الساحة السورية من جهة والانقسام الحاد في الساحة اللبنانية من جهة اخرى.
في كامد اللوز توّجت مخابرات الجيش سلسلة ضربات أمنية ناجحة كانت بدأتها منذ ان قررت الدخول في عمليات مواجهة استباقية لشبكات وخلايا وتنظيمات ارهابية على اختلاف مسمياتها ومرجعياتها، وذلك في اعقاب الهجومين على حاجزي الجيش عند مدخل صيدا الشمالي وفي مجدليون، وكانت بداية هذه الضربات عندما مشطت دوريات الجيش أودية في تخوم صيدا، يحتمل أن تكون ممرات لمجموعات "القاعدة" أو مراكز تدريب واختباء لها، ثم كانت ضربتها الثانية الأكبر بالقبض على قائد "كتائب عبدالله عزام" السعودي ماجد الماجد. ورغم أن المعلومات التي راجت اثر وفاته ان الرجل، الذي هو عبارة عن كنز معلومات، لم ينبس ببنت شفة ولم يدلِ بأية معلومات كونه كان في وضع صحي حرج جداً، فان عملية القبض عليه شجعت قيادة الجيش على المضي قدماً في محاصرة هذه المجموعة الارهابية الخطرة (كتائب عبدالله عزام)، فكانت عملية القبض على دفتردار الذي تم تداول اسمه على اساس انه الخليفة المحتمل الوحيد للماجد في امارة "الكتائب".
وسواء أصحّت هذه المعلومات أم لا، فالثابت أن الجيش وانفاذاً لقراره الضمني بالانخراط كلياً في الحرب الكونية على الارهاب، قد ولج امنياً الى عمق هذه الخلايا والمجموعات الارهابية بدءاً من مخيم عين الحلوة حيث رأسها الكامن، وصولاً الى البقاعين الغربي والأوسط حيث مدى تحركها الحيوي في الوقت الحاضر نظراً الى تماسهما مع الساحة السورية.
وبحسب المعطيات المتوافرة من اكثر من جهة أمنية، فإن مخابرات الجيش نجحت حتى الآن وبشكل غير مسبوق في تكوين قاعدة معلومات وبيانات دقيقة عن هيكلية هذه المجموعات وهويتها ومرجعياتها وأماكن تحركها.
واستناداً إلى المعطيات نفسها، فإن هذه المجموعات الموجودة في لبنان بدأت تتأثر بشكل مباشر بالانقسام الحاد الحاصل بين "الجماعات الجهادية السلفية" على الساحة السورية، وبشكل اكثر دقة بدأ الخلاف يتمظهر بين المجموعات المرتبطة بـ"داعش" وتلك التي تدور في فلك "جبهة النصرة"، الى درجة ان ثمة "حرب بيانات" مكتوبة وعلى شبكات الانترنت والتواصل الاجتماعي سجّلتها الأجهزة الأمنية بين أنصار الجماعتين في الشمال اللبناني خلال الساعات القليلة الماضية ولم تكن مسارعة "جبهة النصرة" وللمرة الأولى الى تبنّي التفجير الانتحاري في الهرمل سوى جزء من الصراع الحاصل بين هذه المجموعات، وخصوصاً ان "داعش" سبق لها ان تبنّت التفجير الانتحاري الأخير في حارة حريك. اضافة الى ذلك، فإن ثمة معطيات تكوّنت لدى الأجهزة الأمنية المعنية بملاحقة المجموعات الارهابية التكفيرية وفحواها ان عمليات الملاحقة الدؤوبة لها أفضت الى نوع من الارتباك والاهتزاز في داخلها الى درجة ان بعض كوادرها قد ترك "الميدان" اللبناني وهرب الى سوريا. وهذا الوضع شجع الأجهزة المعنية على التفاؤل بتوجيه مزيد من الضربات لها وفرط عقد ما كوّنته من خلايا نائمة، وأخرى متحركة، وخصوصاً ان الجيش بدأ يواجه هذه المجموعات على قاعدة ان الحرب عليها لا عودة عنها حتى اجتثاثها، لأنه يدرك انه هو نفسه سيكون في قابل الايام هدفاً مباشراً لهجماتها وعملياتها، بعدما ارسلت اليه أكثر من رسالة عملانية تصب في هذا الاطار.
ولم يعد خافياً على الأجهزة المعنية ان البيئة الحاضنة لهذه المجموعات في بعض المناطق، وخصوصاً في محافظة البقاع، قد بدأت تصاب بحال من الهلع، او على الاقل تحسب لسلوكها ألف حساب بعدما كانت تتحرك وتتجول بحرية أكبر في السابق ظناً منها ان لا حسيب ولا رقيب فوق رأسها. أما عن علاقة المشهد الأمني بالتفجير الانتحاري في الهرمل، فالواضح ان ثمة أكثر من رابط ومعطى تكوَّن لدى الجهات المعنية لدى الجيش و"حزب الله" على حد سواء،
أبرزها:
- ان العمليات الانتحارية صارت خاضعة لمبدأ العرض والطلب، وهي تتم وفقاً لأجندة مرتبطة بالداخل اللبناني وبصورة الصراع في الاقليم وتحديدا في
سوريا.
فثمة معلومات ذكرت ان التفجير الاخير قبالة سرايا الهرمل أتى في سياق وظيفة عسكرية محددة، هي السعي الى الهاء "حزب الله" وحرف أنظاره عن هجوم كبير كانت تقوم به المجموعات السورية المعارضة انطلاقاً من بلدة النعمان وجرودها في الاراضي السورية في اتجاه بلدة جوسيه. وافادت المعلومات ان هذا الهجوم المستمر من نحو 3 أيام شارك فيه أكثر من ألفي مقاتل وغايته تحقيق نصر معنوي وخرق ميداني يخفف ضغط القوات السورية على مواقع المعارضة المتبقية في القلمون وفي ريف دمشق.
وتظهر الوقائع والمعطيات الميدانية ان "حزب الله" هو جزء اساسي من المعركة الدائرة في سلسلة جبال لبنان الشرقية وصولاً الى القلمون واستطراداً الى ريف حمص.
وفي كل الاحوال لم يعد خافياً على أي متتبع أن ثمة توقعات ضمنية لدى المعنيين بالامر ان المناخات الميدانية والسياسية الراهنة في سوريا وفي الداخل اللبناني تشجع على الاعتقاد بإمكان أن ترتكب المجموعات الارهابية المزيد من الاعمال والممارسات لكي تدرأ عن نفسها أولاً "حرب" الجيش المستمرة عليها، من جهة، ولكي تقنع من يتعين اقناعه في الداخل والمحيط انها حاضرة في الساحة اللبنانية على نحو يصعب اجتثاثه والحد من فاعليته.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم