الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

انفجارات الشرق وبطاطا جنيف

احمد عياش
A+ A-

في يوم انطلاق محاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري انفجرت السيارة المفخخة في مدينة الهرمل. هناك من كان يتخوف ان يؤدي بدء عمل المحكمة الدولية الى احداث في لبنان للتشويش عليها فصحت مخاوفه لكن بطريقة ملتوية. فقد كان يحسب ان "حزب الله" هو الذي سيفتعل الاحداث كي يصرف الانظار عما سيدور في القاعة الهولندية وما سيكشف هناك من معلومات تثبت تورط جماعته في جريمة اغتيال الحريري. لكن من دبر الانفجار هو "جبهة النصرة" احد نجوم الحرب في سوريا. لذلك قد يكون من باب الهلوسة القول ان "حزب الله" ينسق مع "النصرة" فيكلفها ما ليس في استطاعته!


قبل تسعة اعوام تقريباً كان "حزب الله" منهمكاً في التحضير لانفجار السان جورج في وسط بيروت. وقد زج بامكانات لا مثيل لها من اجل قتل الحريري. حتى انه جهز وعلى مدى أشهر رواية الانتحاري احمد ابو عدس الذي ضاعت اخباره عن ذويه قبل فترة طويلة من انفجار 14 شباط 2005 مما يعني انه كان للحزب "بنك اهداف" احدها اغتيال الحريري. وبعد 9 اعوام أينعت السيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون ولا تحتاج الى تحضيرات معقدة كتلك التي قام بها الحزب عام 2005. وكأن بورثة "براءة اختراع" انفجار السان جورج طوروا نسخته لتصبح غب الطلب وعلى نطاق واسع ولا تحتاج الى شريط مزعوم مثل شريط ابو عدس. لا حاجة إلى تذكير احد بالمثل القائل "من يزرع الريح يحصد العاصفة" او "من حفر حفرة لاخيه وقع فيها". فما يجري في سوريا والعراق ويمتد الى لبنان يثبت ان العاصفة تضرب بعنف وان حفرة السان جورج صارت بحجم لبنان.
ان "جبهة النصرة" في الهرمل و"داعش" في الضاحية الجنوبية لبيروت وقبلهما "كتائب عبد الله عزام" في عقر السفارة الايرانية في بيروت هم بمثابة كان واخواتها لتنظيم القاعدة. وهؤلاء جميعا من بذور حرب باردة بين جباريّ زمن مضى هما الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفياتي والتي أينعت ثورة خمينية في ايران وقاعدة في افغانستان وطالبان في باكستان و"حزب الله" في لبنان. أما اسماء عشاق الموت هذه الايام فهي مجرد UP DATING لاسماء ذلك الزمان. في هذا التعديل لا اعتراف بنسخة لعشاق الحياة سواء بطبعتها الاصلية التي جسّدها رفيق الحريري منذ ثمانينات القرن الماضي حتى استشهاده في يوم الحب عام 2005 ولا اعتراف بالنسخة المعدّلة التي تحمل أسم سعد الحريري الذي قاد تيارا واسع الانتشار يمثل الاعتدال في لبنان والمنطقة. من سخريات القدر ان الحرب الباردة انجبت على مستوى الكبار جيلا لديه حس الفكاهة لدرجة ان وزير الخارجية الاميركية جون كيري تبادل ونظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف ثمار البطاطا على طاولة المحادثات بشأن مصير سوريا، في وقت يهيم الملايين من السوريين على وجوههم في سوريا وخارجها، بعيدا من السهول المترامية التي لا تجد من يجني منها موسم البطاطا أو سواه. ان الموسم المسموح بحصاده اليوم هو السيارات المفخخة. فـ"هنيئا" لسكان سهول "الهلال الكئيب" عفوا "الخصيب" بهكذا مصير!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم