الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

عدم اتفاق أميركا وروسيا على بديل من الأسد ينعكس سلباً على مسار الحل السياسي

اميل خوري
A+ A-

بين انعقاد الجلسة الأولى لمؤتمر جنيف 2 لحل الأزمة السورية وانعقاد مؤتمر الطائف لحل الأزمة اللبنانية فرق شاسع، فمؤتمر جنيف ينعقد بحثاً عن حل للأزمة السورية في حين أن مؤتمر الطائف انعقد للموافقة على حل صار اتفاق مسبق عليه بين قيادات لبنانية سياسية وحزبية وقيادات دينية، فضلا عن اتفاق بين الدول المعنية بالازمة اللبنانية ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية وسوريا.


لذلك يخشى بعض المراقبين ان يطول التوصل في جنيف الى حل سياسي سريع للأزمة السورية كما يطول الحل العسكري بعدم توصل أي طرف الى التغلب على طرف آخر بعد مرور ثلاث سنوات من القتال.
في اتفاق الطائف وافق المدعوون اليه بعد عشرين عاما من المناقشات على "وثيقة الوفاق الوطني اللبناني" التي عرفت باتفاق الطائف، وهذه الوثيقة وضعت دستوراً جديداً للبنان قام حكم فيه على أساسه، وتشكلت اول حكومة وفاق وطني لتنفيذ بنوده وجعل سوريا وصية على لبنان لتحفظ الامن والاستقرار فيه بوجود جيش سوري يبلغ تعداده اكثر من 25 الفاً. أي إن القيادات اللبنانية دعيت الى مؤتمر الطائف لا لتناقش مشاريع حلول، بل لتوافق على مشروع حل حظي قبل ان يطرح على المؤتمر بموافقة المعنيين بوضع لبنان عربياً ودولياً. في حين أن المدعوين الى مؤتمر جنيف هم على خلاف حول مشروع حل للأزمة السورية، وهو خلاف لا يقتصر على القيادات السورية بل يشمل القيادات في الدول المعنية ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية وروسيا. وما لم يتم التوصل الى اتفاق بين هاتين الدولتين الكبريين، فمن الصعب جدا ان تتوصل القيادات السورية، الموالية منها والمعارضة، الى اتفاق. فالقيادات الموالية تصر على بقاء الرئيس بشار الاسد في السلطة، وان الشعب السوري وحده هو الذي يقرر مصيره كما يقرر شكل الحكم والنظام ويأتي بممثليه في مجلس النواب من خلال صناديق الاقتراع، وليس لهذه القيادات من جهة اخرى تفسير واحد لبنود اتفاق جنيف 1، فمنها من يرى ان هذه البنود لم تأت على ذكر مصير الرئيس الاسد، ومنها من تعتبر ان دعوة بند من بنود هذا الاتفاق الى تشكيل حكومة سورية تنتقل اليها الصلاحيات كاملة بمثابة دعوة ضمنية للرئيس الاسد بالتخلي عن السلطة، وتقف الولايات المتحدة الاميركية مع هذا التفسير في حين تقف روسيا مع تفسير الوفد الرسمي السوري وتولي اهمية اكبر لمعالجة الوضع الانساني في سوريا والعمل على وقف النار حتى إذا طال البحث عن حل سياسي، لا تظل العمليات العسكرية وشلالات الدم تقلق الجميع وتضغط للتعجيل في الحل.
والسؤال المطروح هو: لماذا لم تتوصل الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الى حل للازمة السورية حتى إذا ذهب المدعوون الى جنيف فلمناقشة ما اتفقت عليه الدولتان العظميان مع إدخال تعديلات عليه إذا لزم الأمر، لا أن يترك الوفدان السوريان الرسمي والمعارض يتصادمان ويتهاجمان ويحوّلان المؤتمر الى سوق عكاظ لا احد يعرف متى ينتهي؟
ثمة من يقول إن روسيا لم تتوصل بعد الى اتفاق مع الولايات المتحدة الاميركية على شكل الحكم البديل من حكم الرئيس الاسد، وهو اتفاق ضروري لئلا تتحول سوريا الى عراق آخر اذا تخلى الاسد عن السلطة قبل الاتفاق على البديل. والى ان يتم التوصل اليه ترى روسيا ان يبقى الرئيس الاسد في السلطة على ان يفوّض صلاحياته بصورة موقتة الى الهيئة الانتقالية التي نص عليها اتفاق جنيف واحد، وتحديد مدة سنة او اقل يتم خلالها وضع دستور جديد لسوريا وتجرى انتخابات نيابية على اساسه برقابة دولية ثم اجراء انتخابات رئاسيّة. ويبدو أيضاً ان روسيا والولايات المتحدة الاميركية لم تتوصلا بعد الى اتفاق على تسمية الشخصيات المرشحة لقيادة الحكومة الانتقالية. ولوحظ ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم عبّر في كلمته المتشددة في المؤتمر عن الموقف الروسي ايضا الذي يرى ان الشعب السوري هو الذي يقرر وحده مصيره ومستقبله وليس لأي دولة ان تقرر ذلك بالنيابة عنه، وانه لا يوجد قانون دولي يتيح لهذه الدولة او تلك ان تحدد من يحق له ان يترشح او لا يترشح لرئاسة الجمهورية.
وثمة من يرى، فضلا عن عدم وجود توافق اميركي – روسي حتى الآن لحل الأزمة السورية، ان روسيا يهمها اشراك ايران في اي اتفاق لأنها الاقدر على تذليل العقبات التي تعترض اي حل سياسي، وانها اذا ظلت خارج هذا الحل فقد تجعل الوضع الميداني في سوريا يفرض دورها ومشاركتها في المؤتمر كي تساهم في البحث عن حل.
وما لم يتم التوصل الى اتفاق على حل سياسي سريع للازمة السورية، فإن لبنان يظل يعاني سياسيا وامنيا واقتصاديا ويتحمل فوق طاقته عبء تدفق اللاجئين السوريين اليه. وما دام اطراف لبنانيون يشاركون في الحرب السورية بعضهم مع النظام وبعضهم ضده، ولم يتفق الزعماء اللبنانيون على الانسحاب من هذه الحرب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فلن يكون في الامكان إبعاد التداعيات السورية عنه والتي تصبح قاتلة إذا ما طالت، واصبح الحل السياسي متعذرا كالحل العسكري.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم