الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

نأيان لا نأيٌ واحد...

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

لكي تكون "حكومة المصلحة الوطنية" اسماً على مسمّى، يتوجَّب على أعضائها الذين فيهم البركة أن يضعوا نَصبَ أعينهم المصلحة الوطنية دون سواها من مصالح فئويَّة حزبيَّة شخصيَّة.
فلبنان بعد رحلة الفراغ المضني هو في حاجة إلى وزراء يعملون بإخلاص وصدق للمصلحة الوطنيَّة، والتي لا يختلف حالها عن حال الأيتام على مائدة اللئام.
عين العقل والحكمة الابتعاد عن المواضيع الشائكة، والقضايا المختلَف عليها سياسيّاً، والاختصار الشديد في لائحة التعهُّدات والوعود، والتشديد على بنود أساسيَّة واضحة للعيان، لبنان واللبنانيّون في حاجة ملحَّة إليها لتمرير هذه المرحلة الدقيقة جداً.
التشكيلة الحكومية تضمُّ ممثِّلين لمختلف الأفرقاء والتيّارات السياسيّة ما شاء اللّه، مثلما تحافظ على التوازن الطوائفي المذهبي. ولا ينقصها سوى الثقة التي يُؤمل أن يتكرّم مجلس النواب بمنحها إياها، مع تذكير ممثِّلي الشعب، أو مَنْ يُفترض أنهم كذلك، بأن الناس كفروا بكل المرجعيّات والقيادات والزعامات، وبعدما وصلت آلة التَّلَف والشَّلَف إلى العَلَف.
ولأن عُمر الحكومة السلاميَّة يكاد يكون محصوراً بين فترتين قصيرتين، فليس من المستحبّ تضييع الوقت في سِجالات حول جنس الملائكة، وجنس المقاومة، وجنس البيان الوزاري.
ثمّة جنس واحد يتصدَّر الخانة الأولى هو الأمن. الأمن الشامل من الناقورة إلى النهر الكبير، وفي يد الدولة وأجهزتها لا في أيدي الآخرين. ثم لقمة العيش ودورة الحياة الاقتصادية التي يكاد الصدأ أن يتآكلها، بعد سنين من عدم الاستقرار وفرار أصحاب الرساميل والمؤسسات والاستثمارات... في سبيل اللاقضية، واللاهدف، اللهمّ إلا إذا كان إفقار لبنان صار هدفاً وطنْجيّاً.
قبل الثقة، وبعد الثقة، بل منذ اليوم إن لم يكن منذ البارحة، الوصايا ذاتها منذ الدهور: كلام قليل وأفعال كثيرة وصدق واستقامة وأمانة في كل شي، فلربما عادت الثقة بالحكومات والوزارات والوزراء... بعد كل ما حصل وصار، وعلى عينك يا تاجر.
ولو في مدّة زمنية قصيرة نسبة إلى أعمار الحكومات عادة. والرئيس تمّام سلام يُدرك بدوره أهميَّة المسؤوليات والتراكمات المُلقاة على عاتقه، والمطلوبة من حكومته التي وُلدت ولادة طبيعيَّة بعد عشرة أشهر من المخاض العسير.
نأيان، لا بدَّ من أن تركِّز الحكومة اهتمامها عليهما خلال ولايتها التي نرجو أن يطول أمدَها: النأي الفعلي والجدّي و"الناجز" والتام عن الحروب السوريَّة وتداعياتها التي راحت تهزُّ أركان لبنان في كل جغرافيته. والنأي بالحكومة وجلسات مجلس الوزراء عن القضايا الخلافيَّة المُزمنة، والتي يمكن إرجاؤها إلى مرحلة لاحقة.
الوصيَّة الأولى والأخيرة والدائمة الحضور الابتعاد عن الاختلافات والاشتباكات المُفتعلة، والانكباب على الإنتاج والإنماء.
مرجعان لا يمكن غمطهما حقهما في إنجاز هذه الحكومة: الرئيس نبيه برّي ووليد بك جنبلاط.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم