الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الاقتداء بمقتدى

امين قمورية
A+ A-

فعل مقتدى الصدر وقرر اعتزال السياسة وهو في ريعان الشباب. انها المرة الثالثة يتخذ قراراً كهذا والارجح انها ثابتة هذه المرة لان القرار صدر عنه شخصيا وليس نقلا عنه.
قد يحلو للبعض ان يقلل قيمة هذا الموقف الصدري بدعوى انه اتخذ بإيعاز من طهران ومن ملاليها الذين يقال انهم يمونون على الرجل، ضمانا لتعزيز حصة حليفهم الآخر نوري المالكي في الانتخابات المقبلة. لكن سيرة مقتدى تبين انه شجاع ولا ينصاع لارشادات المرشدين بسهولة، فهو الزعيم الشيعي الوحيد في العراق الذي واجه الاميركي طوال فترة الاحتلال وكلفه ذلك خسارة المئات من مريديه والانصار. وهو ايضا الوحيد من بينهم الذي تحدى رئيس الوزراء الشيعي وكلفه ذلك جزرا في مواقع السلطة، هو وحده كذلك الذي جاهر بعدم فك الرباط مع السنة وكلفه ذلك كسب تشهير المتعصبين الشيعة وسخرية غلاة السنة.
الصدريون في العراق ذوو موقف ومكانة وشهادة، لايحتمل مقتدى التفريط في ارثهم. الارجح انه اتخذ قراره بعدما اساء بعض اتباعه الى سمعة العائلة بالفساد والاستغلال لتحقيق مكاسب دنيئة على حساب ما يعتقد الرجل انها مبادىء. وليس غريبا ان يقرف الصدر الشاب من ضباع السياسة العراقية وكواسرها، وان يضيق ذرعا بالمنتفعين والمجرمين والفاسدين العاملين باسم تياره، بعدما صار العمل السياسي في العراق مرتعا لكل صنوف الموبقات والمكائد.
انسحاب مقتدى، اذا لم يعد عنه، من شأنه أن يقلب الحسابات السياسية والمعادلات العراقية، لان ملايين الاصوات الصدرية اذا ذهبت في هذا الاتجاه او ذاك، قد تعزز فرص طامحين الى الاستئثار بالسلطة وقد تطيح فرص آخرين وقد تدفع المالكي الى مزيد من الاستشراس وبالبلاد الى مزيد من الفوضى.
لكن هذه الاستقالة قد تكون ايضا فاتحة خير للعراق اذا اقتدى بمقتدى، نوري المالكي، ومسعود البارزاني، وصالح المطلك، وعمار الحكيم، واسامة النجيفي؟ الا يكون حال بلاد الرافدين افضل اذا انكب هؤلاء على اعمالهم الخاصة المزدهرة وتركوا السياسة لجيل جديد يتطلع الى دولة حديثة خالية من الفاسدين والمفسدين والطائفيين؟
ماذا لو عممت الظاهرة الصدرية الجديدة على سياسيي المنطقة وخصوصا في لبنان الذي صدّر النظام الطائفي الى العراق والذي يستعد لتصديره الى الجيران الآخرين؟ ماذا لو بادر الورثة السياسيون للعائلة الصدرية في لبنان الى اتخاذ الخطوة الاولى على هذا الطريق علهم بذلك يكونون "القدوة" لتخلي العائلات السياسية اللبنانية الاخرى عن دورانها المتواصل في السلطات المتعاقبة علها ترتاح وتريح البلد من اثقاله المتعبة؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم