الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

حكومة حيلة هي الحل

اوكتافيا نصر
A+ A-

السبب الوحيد الذي يدفعنا إلى الاحتفال بالحكومة الجديدة في لبنان هو أن من شأن تشكيلها أن يساعد على تفادي أزمة على مستوى الانتخابات الرئاسية وما يترتب على ذلك من فراغ. هذا هو الواقع على رغم الصدمة والاعتراضات غير المبرّرة التي عبّر عنها كثر، والتصريحات المنمقة للوزراء الجدد.
مع فائق الاحترام لأعضاء الحكومة الجديدة، وعلى رغم أن كثيرين منهم يستحقون بالتأكيد تولّي حقائب وزارية، لم يُعيَّن أي منهم على أساس الكفاية هذه المرة. كانوا مجرد أسماء ومذاهب في لعبة توازن القوى التي نعرفها جميعا جيداً حتى إننا سئمناها. وهكذا نقف مذهولين أمام ردود فعل الحشود التي تشعر بأن قيادييها "خانوها"، وتعجز عن القبول بتقديم مثل هذه "التنازلات" إلى الطرف الآخر، وتعتبر أن هذه الحكومة تجعلها "مهزلة" في عيون خصومها.
ونقف أيضاً مذهولين أمام سلوك القادة ومحترفي التشويش الذين ينهمكون بتوجيه رسائل لإراحة معسكراتهم وطمأنتها إلى أنهم حققوا "انتصاراً" على الفريق الآخر، وأن الحكومة "موقّتة" في كل الأحوال. والجماهير المخدّرة العاجزة عن التفكير من تلقاء نفسها والتعبير عن آرائها بطريقة مستقلة، تتّجه نحو شبكات التواصل الاجتماعي للتعبير عن استيائها، مما يثبت مرة أخرى أنه لا يمكن هذا البلد أن يصير موحّداً من جديد. يمتدحون قادتهم، ويعلنون على الملأ أنهم يثقون بـ"رؤيتهم"، لكنهم يعجزون عن تخطّي الصدمة. أرادوا شيئاً يلوّحون به في وجوه خصومهم ويستفزونهم من خلاله بادّعاء النصر وهزيمة الطرف الآخر.
هذه هي قواعد اللعبة التي تم تلقينهم إياها. المهم هو تسجيل النقاط في مرمى الفريق الآخر وجعله يشعر بأنه أقل شأناً ووطنية. يبحثون عن أدلة لإثبات كون الفريق الآخر يتألف من خونة وانتهازيين لا من شركاء في بناء الوطن.
تبقى الحقيقة أن هذه الحكومة مثل سابقاتها، مثل الحكاية التي أعلنت انتهاء الحرب عام 1990، ومثل المحاولات الهادفة إلى تحقيق المصالحة الوطنية، على غرار تصريحات السياسيين عن التعايش والحاجة إلى "الآخر" والاعتماد عليه.
إنها حكومة وهمية تفادياً للفراغ، فلا أحد يريد على ما يبدو أن تتكرّر الأزمة التي تسبّب بها الفراغ عام 1988، والتي لا تزال أصداؤها مستمرة حتى يومنا هذا، وبصماتها واضحة على الحكومة الجديدة!


Twitter: @octavianasr

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم