الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

أيّاً يكن مضمون البيان الوزاري للحكومة \r\nهل تنفّذ "المذكّرات" والانسحاب من سوريا؟

اميل خوري
A+ A-

يقول وزير في الحكومة السابقة إن ما لم تستطع أن تفعله تلك الحكومة هل تستطيع أن تفعله الحكومة الحالية وعندها لا فرق أن تكون حكومة جامعة أو حكومة اللون الواحد او حكومة حيادية لأن القرارات المطلوب اتخاذها ليست لبنانية فقط إنما لها علاقة بجهات عربية واقليمية ودولية؟ ويعطي مثالاً على ذلك بالقول: إن البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي دعا إلى سياسة النأي بالنفس حيال ما يجري في سوريا لتجنيب لبنان تداعياتها، فكانت النتيجية أن "حزب الله" الممثَّل أفضل تمثيل في الحكومة الى درجة وصفت بأنها حكومة الحزب، لم يلتزم هذه السياسة وقرّر التدخل عسكرياً في سوريا إلى جانب طرف ضد طرف آخر، الأمر الذي انعكس سلباً على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان، وكان الرد على هذا التدخل تفجيرات واغتيالات أعلنت "كتائب العزام مسؤولية القيام بها واشترطت لوقفها انسحاب مقاتلي "حزب الله" من سوريا. فما نفع الخلاف على إدراج "اعلان بعبدا" في البيان الوزاري إذا لم يكن "حزب الله" راغباً في التزام ذلك أو قادراً لأن هذا القرار لا يخص الحزب وحده بل يخص إيران أيضاً لأنها هي التي قرّرت متى يدخل الحزب عسكرياً في الحرب السورية ومتى ينسحب منها. لذلك فلا حاجة إلى إضاعة الوقت في جدل حول إدراج أو عدم إدراج "اعلان بعبدا" في البيان الوزاري حتى وإن وافق الحزب على أدراجه مسايرة او تنصلاً من مسؤوليته إذا استمرت التفجيرات والاغتيالات.


وتساءل الوزير السابق: ألم يوافق "حزب الله" على قرارات هيئة الحوار الوطني ولم ينفَّذ شيء منها لأن سوريا لم تكن تريد ذلك ولا سيما ما يتعلق بترسيم الحدود بين البلدين وبإزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات تمهيداً لضبطه داخلها، ثم كانت حرب تموز 2006 بين "حزب الله" واسرائيل من دون علم الدولة وصدر قرار مجلس الأمن الرقم 1701 لوقف تلك الحرب فكانت اسرائيل هي المستفيدة من هذا القرار إذ توقفت العمليات العسكرية في الجنوب وباتت القوات الدولية والجيش اللبناني مسؤولين عن الأمن في المنطقة، في حين ظل لبنان الداخل في اضطراب أمني وسياسي واقتصادي؟ أوَلم يوافق "حزب الله" على "اعلان بعبدا" في اجتماع هيئة الحوار الوطني وما لبث بعد أيام أن قرر إرسال مقاتلين منه سوريا بعدما بلغه أن دمشق قد تسقط في يد الثوار والمعارضين المسلحين إذا لم يدعم جيش النظام عسكرياً من الحزب؟ فكان بعد ذلك ما كان، ولم تستطع حكومة الرئيس ميقاتي اقناع الحزب بسحب مقاتليه من سوريا تطبيقاً لـ"اعلان بعبدا" ولسياسة النأي بالنفس لأن قراراً مهماً لا يستطيع الحزب اتخاذه وحده بل بالاتفاق والتنسيق مع ايران. والسياسيون القريبون من سوريا ومن ايران يقولون إن الصراع الدائر على الارض السورية هو صراع اقليمي بين المشروع الايراني ومن معه في المنطقة، والمشروع الاميركي ومن معه، ولا بدّ من انتظار نتائج هذا الصراع ومن سيخرج منه منتصراً لمعرفة أي شرق أوسط جديد سيكون.
وإذا كانت حكومة الرئيس ميقاتي والحكومات السابقة لم تستطع تنفيذ مذكرة توقيف المتهمين بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه ولا المتهمين بجريمة تفجير المسجدين في طرابلس ولا المتهم بمحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب، هل سيكون في استطاعة الحكومة الجامعة ذلك وفيها وزراء من 14 آذار في الوزارات المعنية اي وزارات الداخلية والعدل والاتصالات وكأن "حزب الله" أراد ذلك متعمداً ليختبر قدرتهم على تنفيذ ما لم يستطع وزراء قبلهم تنفيذه.
لذلك فقد لا تكون الحكومة الجامعة أقدر من الحكومة السابقة على تنفيذ ما لم تستطع هي تنفيذه، وان الفارق بينهما هو أن الحكومة الجامعة أشاعت اجواء ارتياح عند الناس وأعادت التواصل بين أقطاب 8 و14 آذار في انتظار الفرصة السانحة التي تسمح بفصل الوضع في لبنان عن الوضع في سوريا ويصير في الامكان تطبيق سياسة النأي بالنفس ترجمة لـ"اعلان بعبدا". وهذه الفرصة قد يأتي بها نجاح المحادثات الجارية حول البرنامج النووي الايراني وحول الأزمة السورية في جنيف وأن لا شيء يمكن تغييره في لبنان قبل ذلك سوى تغيير الوجوه فقط.
وما دام هذا هو الواقع، فلا داعي للخلاف على البيان الوزاري حتى وإن صارت الموافقة فيه على "اعلان بعبدا" وعلى تجاهل ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" لأن هذه الموافقة لن تغير شيئاً في القرارات التي لها صلة بالحرب السورية وبالمحادثات الجارية مع ايران قبل معرفة نتائجها، وان أقصى ما تستطيعه الحكومة الحالية التي تجمع طرفي نقيض هو المحافظة على "الستاتيكو" والحد ما أمكن من تداعيات الحرب السورية على لبنان، والتحضير بنجاح لانتخابات رئاسية تجرى في موعدها الدستوري فيكون ذلك أهم انجاز لها وللبنان.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم