الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الحل؟ لا غالب ولا مغلوب

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

مرّة أخرى تجد القيادات السياسيّة نفسها وقد لجأت، تلقائياً، إلى حكمة الرئيس صائب سلام وشعار لا غالب ولا مغلوب، ولا عنترة ولا شيبوب.
فلبنان بلد تسويات. بلد تفهّم وتفاهم. لا بلد حروب مفتوحة على احتمالات مجهولة، وحيث تُتاح المجالات والحدود لحرب من نوع جديد تدعى "حرب التفخيخات الانتحاريّة". أو "حرب الانتحاريّين" التي تحصد الأبرياء قبل المستهدفين.
منذ رست خريطة لبنان الكبير في فرساي وفي إشراف جورج كليمنصو سنة 1920، وحُدّدت مساحتها وحدودها وقواعد قيادتها وفق ميزان الاعتدال وعدم الدقّ بالسيبة والصيغة والتركيبة، منذ ذلك الزمان والتسوية هي النظام الآخر الفارض وجوده، أو النظام الظلّ. أو النظام غير القابل لأية تعديلات.
وإذا ما شطّ فريق وخالف القواعد غير المرئية والميثاق غير المكتوب، يشطّ البلد بدوره ويقع في الفخّ.
وها هي حدوده السائبة تتحوّل معابر تجتازها السيارات المفخّخة مع طاقمها الانتحاري بكل طمأنينة في اتجاه الداخل اللبناني... لتوزِّع الهلع وتمزِّق أجساد الضحايا في مختلف الجهات.
هذا الوضع المأسوي، هذا الواقع المرير حوّل بيروت وضواحيها أقرب إلى أفياء شبه مهجورة، وخصوصاً عندما يُرخي الظلام ظلّه، فيما يكون التقنين قد قطع النور والهواء أيضاً.
إلا أنه، في كل حال، ليس هو بيت القصيد. بل المشكلة السياسيّة، أو الإشكال السياسي، أو الاشتباك السياسي المسلّح، هو ما يجعل البلد الصغير لا معلّقاً ولا مطلّقاً. والأصحّ أنه معلّق، ومن رجليه. وعالق بين حبال تشابك الداخل مع الخارج.
والنقطة الأبرز والأوضح تكمن في دور الخارج، وشباكه التي تلملم ما استطاعت من أسماك السلمون التي تسبح صعوداً وتصطدم بالصخور أو الدببة الحمر، والكامنة بتأنّ لموسم الهجرة الى الشمال. والخارج دائم الحضور. في السرّاء والضرّاء.
تسوية تأليف الحكومة انتشلت البلد من كابوس الفراغ الذي ارتسم بوضوح في الأفق اللبناني، وحين لاح خيال فراغ السلطة واحتمال تأجيل الاستحقاق الرئاسي إذا ما أرخى ليل الفشل سدوله على نهار عملية التشكيل.
والتسوية ذاتها، وكما تمّت حرفيّاً، هي التي أعطت بارقة الأمل، وجعلت الناس يتطلّعون إلى خطوة، أو خطوات، على مختلف الصعد، وحيث تبخّر وجود الدولة ولو على أساس رفع العتب، وكي يحسب الناس ان الهوى حيث تنظر.
هل تكمل التسوية دورتها على غرار دورة الليل والنهار، فتحلّ الإيجابيّات محلّ السلبيّات، وتعود الدولة اللبنانية من المنفى، ويعود معها الذين "هاجروا" الى الانخراط في حروب الآخرين؟
المطلوب من الوسطيّين و"مفاتيح" الخارج طرح مبادئ وأسس لتفاهمات وتسويات تلقي ظهرها على جدار لا غالب ولا مغلوب، ولا دول إلا الدولة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم