الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

منهج تاريخ... سوريا ولبنان!

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

ما أن يعود الحديث عن منهج كتاب التاريخ، يستحضر اللبنانيون ذكرى حروبهم. ثم يتذكرون انهم لم يتفقوا على منهج موحد لكتاب التاريخ، تاريخهم، أو أن الطبقة السياسية التي أدارت شؤونهم منذ اتفاق الطائف الى اليوم حددت خطوطاً لا يمكن تجاوزها في هذا الموضوع. فكان الخلاف بنيوياً وفي الرؤية بين السياسيين والطوائف، كما النظرة الى القضايا الكبرى المتصلة بلبنان أو المؤثرة به عربيا وعالمياً. ولم يستطع القيمون على الحياة اللبنانية والمعنيون في الشأن التربوي تنظيم الاختلاف والتوصل الى تسوية تسمح بقراءة لتاريخ لبنان قائمة على الشفافية والوضوح وتعكس الوقائع من دون تحوير على قاعدة الاعتراف بالآخر واحترام خصوصياته. ولم تستطع وزارات التربية المتعاقبة تخطي الصعوبات والضغوط لإنجاز كتاب موحد للتاريخ يعكس في الوقت عينه الاختلافات والخصوصيات ما بين اللبنانيين.
لعل ما أنجز أواخر 2010، أيام الوزير السابق حسن منيمنة، كان يعكس نوعاً من التسوية بين الافرقاء السياسيين، قبل ان تستفحل الأزمة السورية بتداعياتها على لبنان، فكان المنهج العام لكتاب التاريخ المدرسي الجديد في الحلقات الثلاث من التعليم الأساسي، حتى شهادة البريفيه، لكن الأمور لم تصل الى خواتيمها، ما يعني ان الخلافات التي استجدت بعدها والانقسام في البلد على الصراع في سوريا أعادت الامور الى نقطة الصفر، وما عاد ممكناً اليوم طرح منهج كتاب التاريخ، اذا كان ما حصل خلال الأعوام العشرين الماضية، والذي يستأهل إدراجه في كتاب التاريخ، يشكل عناوين خلافية على ما تركته من تغيرات بنيوية طالت لبنان منذ العام 1975.
واذا كان وزير التربية الجديد اقترح إضافة بعض التعديلات التي تتعلق بحوادث كانت موضع نقاش في مرحلة سابقة، على أن تعرض في صيغة منقحة على مجلس الوزراء، الا انه أطلق مواقف للتعديلات تعكس عناوين خلافية، منها اقتراحه مثلاً إضافة عبارة "محاكمة صورية وسياسية" لإعدام مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده، فماذا لو اقترح ادراج آراء القوى السياسية واتهاماتها لما حدث منذ ما قبل الطائف والمحطات المفصلية للبنان والاغتيالات كتعديلات مطلوبة؟ فهل ما حصل يتفق عليه اثنان أو أكثر، وماذا عن تاريخ سوريا ولبنان؟ وهل يمكن ادراج من لم يلوثوا أيديهم في الحروب كنقطة مضيئة؟ وماذا عن التكاذب الذي كان يدرج عن أسماء تاريخية في كتاب التاريخ؟
يبقى أن كتاب التاريخ وقائع ووجهة نظر أيضاً، والمنهج اذا كان سيعاد طرحه أو اذا تسنى لوزير التربية ذلك في ضوء الانقسام اللبناني الراهن، لا يمكن أن يكون غير مسار خطوط ووجهات نظر للوقائع والحوادث، فلا يمكن فرض تفسير واحد لوقائع تصارع اللبنانيون حروباً، الا اذا كان البعض يعتبر أنه يصوغ بياناً وزارياً أو مجرد مشروع قانون!


[email protected] / Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم