الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الرهان القطري الخاسر

A+ A-

كثيرة هي السياسات الخارجية القطرية الملتبسة. ديبلوماسية مثيرة للجدل من المحيط الى الخليج. ولعل من أكثر وجوهها غموضاً على الاطلاق ذلك القرار الاستراتيجي بدعم "الاخوان المسلمين". وهو دعم تعود التساؤلات في شأنه الى الواجهة مع تفجر حرب الخليج الباردة. في رأي المراقبين الخليجيين قبل غيرهم، إن موقف هذه الامارة من الجماعة المنبوذة على نطاق واسع يبقى لغزاً، كما المكاسب التي تحققها من سياسة كهذه.


وقد أثارت التحولات الكبيرة في المنطقة العربية شكوكاً عميقة في نيات "الاخوان". تجربتهم الفاشلة في الحكم في مصر أفقدتهم كثيراً من رصيدهم. وإذا أصرت الدوحة على دعمهم على حساب مصالحها مع الدول الاخرى في المنطقة، قد تكون قررت احياء رهان قديم كاد أن يثمر مع وصول الجماعة الى السلطة في مصر، قبل أن تحاول الاستئثار بكل أجهزتها وتدفع مصر الى حافة حرب أهلية، لينتهي بها الامر جماعة محظورة.
تبدو المغامرة القطرية خطيرة هذه المرة. مصر، مهد الجماعة، انتفضت عليها. وعلى رغم الاستياء من الحكم العسكري الانتقالي، لا فرصة جديدة لـ"الاخوان" في الافق. وحليفهم الاساسي رجب طيب أردوغان يترنح، ولن يكون على الارجح قادرا على توفير دعم مالي سخي لهم. أما السودان وتونس، الدولتان الاخريان اللتان لا تزالان تنحازان الى "الاخوان"، فليس أي منهما في موقع يتيح له توفير دعم كبير لهم.
الثابت أن الاجراءات الخليجية الاخيرة غير المسبوقة تعكس طفحاً للكيل. التدخلات القطرية في مصر خصوصاً تكلف السعودية ثمناً باهظا. خلال سنة، ضخت مع الامارات أكثر من 32 مليار دولار في مصر، من غير أن تكون ثمة نهاية قريبة محتملة للفوضى. الحراك الاخواني والاعتداءات على قوى الامن والفوضى في سيناء كلها تقوض الجهود السعودية لتحصين مصر وتقويتها، في مواجهة تمدد محتمل للنفوذ الايراني في المنطقة بعد رفع الحصار الغربي عنها.
يمكن السعودية، إذا ارتأت ذلك، أن تضيّق اكثر على قطر. فمع أن الامارة غنية ولا تعتمد على مساعدات خارجية، وانها أطلقت قمرها الاصطناعي الخاص لمواصلة بث "الجزيرة" في الحالات الطارئة، تستطيع المملكة التحكم بالحدود البرية الوحيدة للامارة. وسبق لها أن أبدت استعدادها لذلك، عندما تطورت خلافات حدودية بين الجانبين عام 1992 الى اشتباك مسلح سقط فيه قتيلان. وعلى المدى المتوسط، يمكن السعودية أن تقوض الحلم القطري باستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2022.
حاليا، تبدو قطر أمام الاختبار الاصعب يواجهه أميرها الشاب، فإما أن تتخلى عن "الاخوان"، وهو ما سسبب لها مشاكل داخلية، وإما أن تمضي في المواجهة وتثبّت تحالفاتها مع ايران وسلطنة عمان، وهو ما لن يكون بلا ثمن خليجياً.


[email protected] | Twitter:@monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم