الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الغرب وكيّ الوعي الروسي

سميح صعب
سميح صعب
A+ A-

سواء بالنسبة الى روسيا أم الى الغرب، تمثل أوكرانيا اليوم ايقاظاً حاداً للعبة الجيوسياسية في العالم بعد أكثر من ربع قرن من السبات. وينظر الغرب الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على انه ليس سوى تكرار للزعيم السوفياتي الراحل نيكيتا خروشوف خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، أي انه سيتراجع عن سياسة "حافة الهاوية" في اللحظة المناسبة وانه لن يقود روسيا الى صراع مدمر مع أوروبا والولايات المتحدة.
ويراهن الغرب على تراجع بوتين بحكم الكلفة العالية التي باتت تترتب على موسكو اذا ما قررت المضي في سياسة تحدي الغرب ورسم خطوط حمر أمام تمدد حلف شمال الاطلسي في هذا الاتجاه أو ذاك، ليس في أوروبا فحسب، بل في الشرق الاوسط ايضاً وأبرز مثال على ذلك سوريا التي رفض بوتين ان يجعلها ليبيا أخرى.
لكن صراع المصالح المتجدد اليوم يختلف عن زمن الحرب الباردة التي كانت فيها الحدود مرسومة جيداً بين الغرب والشرق وقلما حصل تعد من هذا الجانب على الجانب الآخر، والحروب التي كانت تندلع كانت تخاض بالوكالة. ولم يكن حلف شمال الاطلسي يزحف في اتجاه مناطق النفوذ السوفياتي وكذلك لم يكن حلف فرصوفيا المنحل يحاول التطلع الى مناطق خارج الستار الحديد.
وبذلك يحمل الصراع الدولي سمة مختلفة عن الصراع خلال الحرب الباردة، فالغرب بعد الازمة السورية تزعزعت ثقته بامكان نشوء روسيا متعاونة وغير مشاكسة ولا تحمل حنيناً الى الماضي. ودلت تطورات الازمة الاوكرانية ان بوتين لا يتوانى عن الدفاع عن المصالح الروسية متى حانت اللحظة المناسبة وانه فعلاً يعتزم اعادة المكانة الدولية التي كانت تحتلها روسيا قبل انهيار الاتحاد السوفياتي.
لذلك أمسك الغرب بالازمة الاوكرانية كي يندفع الى فرض عقوبات على روسيا من أجل كي الوعي لدى الروس واشعارهم بأن كلفة استعادة المكانة الدولية والدفاع عن مصالحهم خارج حدودهم ستكون عالية. ويعول الغرب على خنق روسيا اقتصادياً من أجل حمل بوتين على التراجع عن خططه لاعادة بناء روسيا قوية.
ولا يجد الغرب مشكلة مع روسيا ضعيفة متواطئة مع سياساته، لكن مشكلته هي تحديداً مع بوتين وطموحاته الى بناء عالم متعدد القطب تزول فيه الاحادية الغربية التي تتحكم بالعالم منذ أكثر من ربع قرن. ومشكلة الغرب مع بوتين تتمثل أيضاً في اعتزامه الدفاع عن مصالح روسيا في الخارج. واذا ما كان الغرب يمتلك نظرته الخاصة الى روسيا، فإن لبوتين أيضاً نظرته الخاصة الى روسيا والى العالم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم