الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

مستبد برداء رجل انيق...

المصدر: "أ ف ب"
A+ A-

يمزج بشار الاسد الذي يتبوأ سدة الرئاسة في سوريا منذ 14 عاما، والواثق من تجديد ولايته، بين صورة الرجل اللبق الانيق، والحاكم المستبد الذي يقود حربا بلا هوادة ضد معارضيه.


ولا تعكس البنية الجسدية للرئيس البالغ من العمر 48 عاما، الصورة النمطية للحكام العرب الذين عرفوا بسلطتهم الحازمة. فمقارنة بالملامح القاسية للرئيس العراقي الراحل صدام حسين أو الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، تبدو ملامح الاسد ذي البشرة البيضاء والعينين الزرقاوين، أقل حدة، وغالبا ما ترافقها ابتسامة خجولة.
وبطوله الفارع وبنيته الجسدية النحيلة، يناقض الاسد الصورة التقليدية لنظرائه العرب. وعلى عكس غالبيتهم، نادرا ما ظهر بالزي العسكري، بل كان دائم الظهور ببزات رسمية غربية الطراز، مرفقة بربطة عنق أنيقة.
ولا ينطبق هذا المظهر على الصورة التقليدية لزعيم يحكم بلاده بقبضة من حديد، وقائد اعلى لقوات مسلحة بنيت على عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يحكم البلاد منذ العام 1963.
وتبدلت حياة طبيب العيون السابق بشكل جذري العام 1994، اثر وفاة شقيقه الاكبر باسل الذي كان يتحضر لحكم البلاد خلفا لوالده الرئيس حافظ الاسد، في حادث سير قرب دمشق.
واضطر بشار، وهو الابن الثاني بين ثلاثة شبان، الى العودة من لندن حيث كان يتخصص في طب العيون، وحيث تعرف الى زوجته أسماء الأخرس المتحدرة من احدى ابرز العائلات السنية السورية والتي تحمل الجنسية البريطانية، وكانت تعمل مع مصرف "جي بي مورغان" في الوسط التجاري للندن.
في سوريا، تدرج الاسد في السلك العسكري قبل ان يتتلمذ في الملفات السياسية على يد والده الذي وصل الى سدة الحكم العام 1970، والذي تحول مع مرور الاعوام رقما صعبا في سياسة الشرق الاوسط والصراع العربي الاسرائيلي، واكسب بلاده دورا اقليميا نافذا.
وورث الاسد الابن عن والده الطباع الباردة والشخصية الغامضة. ومع وفاة حافظ الاسد العام 2000، خلفه بشار وهو لم يزل في الرابعة والثلاثين من العمر، وتم التجديد له لولاية ثانية من سبع سنوات في استفتاء في العام 2007.
مع وصوله الى الحكم، ضخ بشار الاسد نفحة من الانفتاح في الشارع السوري المتعطش الى الحرية بعد عقود من القمع. الا ان هذه الفسحة الاصلاحية الصغيرة سرعان ما أقفلت، وقامت السلطات باعتقال المفكرين السياسيين والمثقفين الذين شاركوا في "ربيع دمشق".
في 2011، ومع انطلاق "الربيع العربي" واندلاع احتجاجات مناهضة للنظام في شوارع سوريا في منتصف آذار، بدا الاسد غير مستعد للتفريط ولو بنذر يسير من سلطته. وبعد اشهر من اعتماد اجهزة الامن الشدة في التعامل مع المتظاهرين السلميين، تحولت الاحتجاجات نزاعا داميا.
وخلال النزاع الذي اودى باكثر من 162 الف شخص وهجر الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوى احياء كاملة بالارض، اثبت الاسد انه ذو شخصية لا تتزحزح عن رؤيتها للأمور.
في اطلالاته العلنية، يظهر هادئا، باسما، وواثقا من قدرته على الخروج منتصرا في النزاع الذي لم تعرف سوريا له مثيلا. ويتحدث الرجل ذو الشاربين الخفيفين، بنبرة خافتة لا تخفي حزما لجهة الارادة الثابتة في "القضاء على الارهابيين".
ومنذ بدء الاحتجاجات، يقدم الاسد الحركة المناهضة له على انها "مؤامرة" تدعمها دول عربية وغربية.
على المستوى الشخصي، يبدو الاسد واثفا من خياراته. ويقول احد رجال الاعمال المقربين من النظام انه "بعد ثلاثة اعوام من الحرب، لم تظهر تجعيدة واحدة على وجهه، او شعرة بيضاء في رأسه"، عازيا ذلك لكونه "واثق بانه على صواب وسينتصر".
ويؤكد الاسد، وهو أب لولدين وفتاة، انه لم يغير من عاداته اليومية، وانه لا يزال يقيم في منزله في دمشق ويعمل في مكتبه في وسط العاصمة، كما يرافق في بعض الاحيان أولاده الى المدرسة.
وباستثناء الاستقبالات الكبيرة، لا يحبذ الاسد التواجد في "قصر الشعب" الرئاسي الذي بني في عهد والده. ويقول احد المقربين منه ان القصر المؤلف من تسع غرف نوم "كبير جدا. وهو يفضل حميمية مكتبه".
واذا كان الاسد معروفا اجمالا بأجوبته المقتضبة على اسئلة الصحافيين، فانه يسترسل لدى الحديث عن اولاده. وقال خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في كانون الثاني انه "ليس من السهل" تفسير ما يحصل في سوريا لهم، مشيرا الى انهم "تأثروا" بالنزاع الذي هو "حديث يومي" في العائلة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم