الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

مقاربة رزق "للفوضى اللبنانية والتفكّك السوري" \r\nكيف تقوم دولة وطنية على أنقاض النهب؟

اميل خوري
A+ A-

في كتاب للوزير السابق شارل رزق تحت عنوان: "بين الفوضى اللبنانية والتفكك السوري" سيكون قريباً في المكتبات طرح في أحد فصوله سؤالاً: هل يصبح لبنان دولة يوماً؟ جاء فيه: "ظل حلفاء بشار الأسد في لبنان واثقين من نصره فيما انتظر خصومه سقوطه مطمئنين الى أن هذا وحده كافٍ لتخرج البلاد من التبعية. وعكس الجمود القاتل قصور الجسم السياسي الموروث من الحرب الاهلية عن استيعاب الظرف الاقليمي والدولي واستشراف ما يمكن أن يحل بلبنان من جراء التقارب الجاري على قدم وساق بين أميركا وايران. ويتأتى الخطر مرة أخرى من اكتفاء اللبنانيين بتلقّي القرارات التي تؤخذ في الخارج بالنيابة عنهم. وفي غياب إرادة لبنانية تمثلها دولة وطنية كيف سيتغير موقع لبنان والمسألة اللبنانية لن تكون من الأولويات حيث سيتقدم عليها الملف النووي الايراني وتسوية القضية الفلسطينية والحرب السورية، في حين يطغى على النقاش السياسي سيرة الفضائح المالية بعدما حل النهب الحكومي محل النهب الميليشيوي في الحرب الاهلية، ذلك أن زعماء ميليشيات الأمس هم وزراء اليوم، والأمثلة عن حالات النهب لا تحصى، منها: الثروة العقارية التي تملكها الدولة ولا سيما منها العقارات التابعة لشركة السكك الحديد التي استولى عليها الافراد. والفضيحة الأكبر تتمثل في وضع اليد على قطاع الكهرباء الذي يخضع قانوناً لوصاية وزارة الطاقة وكان وزراؤها يعيّنون على الدوام من بين المحظيين سورياً فاستأثر هؤلاء بهذا القطاع لتأتي النتيجة مخيبة جداً، وهو ما تسبب بعجز قدره 2 مليار دولار سنوياً. ومن الصفقات الأكثر جلاء هي تلك التي لزّمت بموجبها باخرتان تركيتان مولدتان للكهرباء ولا أحد يشكك في العمولات التي تقاضاها صاحب القرار. والمثل الأكثر إثارة للقلق عن حالات الفساد الناتجة من عدم وجود دولة يتجلى في الطريقة التي تستعد بها البلاد لاستثمار ثروتها النفطية. هذه الثروة إذا ما خضعت لادارة دولة مسؤولة يمكنها أن تحقق النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، لكن ليس في لبنان حتى الآن دولة، بل تجمّع من المعسكرات الطائفية التي لا ترى في موارد الطاقة ثروة وطنية موعودة، بل غنيمة مغرية للانقضاض عليها لتأمين استمرارية سيطرتها. ويجري التحضير لنظام استثمار الغاز والبترول في البحر بتكتم شديد، لكن علم أن النظام المنوي اعتماده هو نظام الامتيازات الذي يقوم على أن تتعهد الشركة صاحبة الامتياز ان تدفع للدولة مانحة الامتياز رسماً أولياً نسبته 12 في المئة من قيمة الانتاج، إضافة الى ضريبة على الارباح بنسبة 50 في المئة أو أكثر، مقابل أن يصبح النفط والغاز المستخرجان ملكاً للشركة صاحبة الامتياز. أما نظام الشراكة في الانتاج فيقضي بجعل الدولة شريكاً كاملاً ومالكة الثروة المستثمرة وتأخذ الشركة الاجنبية على عاتقها التنقيب بعد الاتفاق على نسبة معينة. ويرى بعض الخبراء أن نظام الامتياز الذي تم اعتماده يجرّد لبنان بشكل فاضح من ثروته النفطية والغازية، فنسبة الرسم الأولي المعتمدة عالمياً في ما خص النفط هي 12 في المئة حداً أدنى بينما يتفاوض الفريق اللبناني على نسبة 5 في المئة... وبالنسبة الى الغاز يحضَّر للاتفاق على نسبة 4 في المئة في حين أنها عالمياً تراوح ما بين 12 و15 في المئة، وهذا يفضح النهج اللاأخلاقي في التحضير لاستثمار ثروة وطنية يتوقف عليها مستقبل البلاد الاقتصادي.


إن ظاهرة الفساد والاختلاس لم تصل قط الى المستوى الذي بلغته في السنوات الاخيرة التي ارتقى فيها الفساد والنهب الى مصاف المؤسسات الحكومية وذلك باعتراف الوزراء حين فضحوا أنفسهم على الملأ وجرى تبادل الاتهامات علناً باختلاس أموال الدولة والتعدي على الاملاك البحرية.
أما تعثر انتخاب رئيس للجمهورية فهو الدليل الساطع على التلاشي النهائي لما تبقى من الدولة اللبنانية التي لم ترس دعائمها على أساس انخراط كل الطوائف فيها مع تخطّي الطائفية وتكريس الوحدة الوطنية، وهذا يتطلب اعتماد قانون انتخاب يوفّق بين تمثيل التعددية الطائفية وانتاج ثنائية سياسية تؤمن استقرار الحكم والمراقبة البرلمانية الفعالة ومساءلة الحكام. ويفترض ان ينص اي قانون انتخابي جديد على وجوب انتماء المرشح الى كتلة سياسية تتمثل فيها كل الطوائف المسيحية والاسلامية كشرط مسبق للترشح للانتخابات، واعتماد الاقتراح باللائحة المقفلة ولا يسمح بما يسمى "التشطيب"، وفي اطار دوائر انتخابية موسعة، كذلك لا تقبل اية لائحة اذا لم تكن تابعة على الصعيد الوطني لكتلة ترشح لوائحها في كل الدوائر وتشرك مرشحين ينتمون الى مختلف الطوائف لاعطاء الفرصة كي يختار الشعب من يريد من بين تحالفات وطنية توصلاً الى انتاج ثنائية حزبية سياسية عابرة للطوائف كشرط لازم لقيام دولة قوية؟".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم