الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

لا الانتفاضات ولا المفاوضات استعادت الحقوق فهل يستعيدها المجتمع الدولي بحل الدولتين؟

اميل خوري
A+ A-

يرى ديبلوماسي عربي ان مصير مدينة القدس هو الذي يقرر مصير السلام مع اسرائيل لأن لا دولة فلسطينية يمكن الاتفاق على قيامها ما لم تكن القدس الشرقية عاصمة لها، فإذا استمرت اسرائيل في تهويد القدس وتغيير هويتها ببناء مستوطنات فيها تمحو ذاكرة الفلسطينيين وآثارهم ولا سيما المسجد الاقصى، فإن حل الدولتين يسقط وتسقط معه كل آمال التوصل الى اتفاق سلام بين اسرائيل من جهة والفلسطينيين والعرب من جهة اخرى وهو ما جعل الدول المعنية بالسلام في المنطقة بما فيها الولايات المتحدة الاميركية تتحرك لوقف اجراءات اسرائيل في القدس الشرقية.


وفي معلومات الباحث جيروم شاهين ان صورا فوتوغرافية توضح الحجم الكبير لحفريات تنفذها اسرائيل في أسفل المسجد وفي محيطه، وتدل على ان هناك مخططا لربط شبكة من الانفاق والحفريات بأسفل المسجد وفي محيطه ويشمل هذا المخطط بناء انشاءات جديدة لتستخدم مراكز تهويدية وتلمودية وقد أظهرت الحفريات في عمق الأرض آثاراً من العهد الأموي والعهدين الايوبي والمملوكي، لكن اسرائيل ادعت انها عثرت على مكتشفات اثرية ترجع الى عصر الهيكل الأول والثاني.
وموضوع تهويد القدس حاليا لا ينفصل عن مسار صهيوني متواصل منذ احتلال فلسطين عام 1948. فالحي اليهودي فيها كانت تسكنه 90 أسرة يهودية. وقد اتخذت السلطات الاسرائيلية سلسلة خطوات لتهويد القدس ولا سيما منها شطرها الشرقي عام 1967 وتدعم هذه الخطوات قرارات صادرة عن الكنيست. وأبرزها مصادرة الاراضي خارج سور المدينة القديمة وانشاء مستوطنات عليها لتشكل حزاما يهوديا حولها يحاصر بقية العرب فيها ويدفع بهم الى الرحيل. ومنذ العام 2009 باشرت حكومة نتنياهو تنفيذ خطة استيطانية جديدة في القدس شكلت حجر عثرة في مسار المفاوضات مع الفلسطينيين مستندة الى قرارات اتخذتها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لتطبيق اجراءات التهويد وتسهيله بطمس المعالم الدينية الاسلامية والمسيحية وهدم المساجد في القرى المدمرة والمهجرة وتحويلها الى كنيس، وابرز الاعتداءات على المسجد الاقصى في القدس تمثلت في السيطرة على حائط البراق وتحويله الى حائط المبكى، وهدم حارة المقاربة المجاورة للحائط واحراق المسجد عام 1969 واجراء حفريات تحت المسجد بغاية انهياره ومنع ترميمه بحيث انه لم تبق حارة او زاوية في القدس إلا وتعرضت للحفريات
ويقول الوزير الاسبق ميشال اده ان سياسة اسرائيل مبنية على اعادة بناء الهيكل مكان المسجد الاقصى الذي تعمل على اقتلاعه باعتماد التطهير العرقي بطريقة اقتلاع المقدسيين وتهجيرهم وباعتماد وسيلة الاغراءات والتسهيلات لاستقدام المزيد من اليهود للاقامة في القدس بهدف مواجهة النمو السكاني العربي المقدسي، وان مجلس المستوطنات في الضفة الغربية اصبح طاغيا على الحكومات الاسرائيلية وعلى قراراتها. والضفة هي بحسب عقيدة المتطرفين اليهود "يهودا والسامرة"، اي ارض اسرائيل الحقيقية الاصلية، فكيف يجوز لاسرائيل ان تنسحب من اراضيها وفق عقيدتهم؟ وتطالب اسرائيل كذلك بالتخلي عن القدس العربية وباعتبارها اورشليم القديمة "لتعلنها عاصمة اسرائيل الابدية، لذا فهي تتابع قضمها وتهويدها حياً حياً وبيتاً بيتاً".
الى ذلك يمكن القول بأن الصراع في القدس وعلى القدس هو صراع هوية. فالفلسطينيون المسلمون يعتبرون المسجد الاقصى وقفا اسلاميا خالصا، ويرى فيه المتشددون اليهود جبل الهيكل وراحوا ينظمون زيارات استفزازية للاقصى ويطرحون على الكنيست قوانين لتقسيم المسجد ما جعل الصراع يبلغ الخط الأحمر ويجر المنطقة الى حرب دينية. وبدأت اسرائيل تشعر بالقلق جراء تصاعد عمليات المقاومة في القدس وانتقالها الى الضفة الغربية وسط خشية من احتمال اندلاع الانتفاضة الثالثة، ما جعل حكومة نتنياهو تقر مجموعة من العقوبات بحق الفلسطينيين كدفع غرامات وهدم منازل وسحب الجنسية وابعاد كل من يقوم بعمل ارهابي في اسرائيل.
لذلك، فإن القدس تبقى قنبلة موقوتة ما لم يسرع المجتمع الدولي للعمل على تنفيذ حل الدولتين وتكون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين قبل ان يقع الانفجار الكبير في كل الاراضي الفلسطينية المحتلة وتحاول اسرائيل تعطيل قيام هذه الدولة باشتراط الاعتراف بالدولة اليهودية وعلى هذا المجتمع ان يذكّر اسرائيل بالقرار 194 الذي يدعو الى حماية الاماكن المقدسة وتأمين حرية الوصول اليها، وان تتمتع منطقة القدس المرتبطة بديانات عالمية ثلاث بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة مناطق فلسطين الأخرى ووجوب وضعها تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية، لكن هذا القرار كغيره من القرارات ظل حبرا على ورق والفلسطينيون لا يحصلون على حقوقهم المشروعة، لا بالانتفاضات ولا بالمفاوضات. فهل يحصلون عليها باللجوء مرة اخرى واخيرة الى مجلس الأمن؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم