الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

النفط سبيلاً للتغيير السياسي

سميح صعب
سميح صعب
A+ A-

أياً تكن التفسيرات التي تعطى لهبوط أسعار النفط، فإن ذلك لا يلغي النتائج المترتبة على هذا الهبوط. فهل من قبيل المصادفة ان تكون روسيا وايران وفنزويلا هي اكثر الدول المتضررة من هبوط اسعار النفط، أم إن ثمة فعلاً عملاً مقصودا يرمي الى استهداف الدول الثلاث ولا سيما منها ايران وروسيا لاغراض جيوسياسية؟


وحتى لو كان هبوط أسعار النفط ناجماً عن عوامل اقتصادية بحتة واستناداً الى قاعدة العرض والطلب في السوق، فإن الولايات المتحدة توظف هذا الهبوط في المواجهة المتصاعدة مع روسيا وايران. ومما يضاعف الضغوط على موسكو وطهران، العقوبات الغربية المفروضة عليهما، الامر الذي يجعل عملتيهما الوطنيتين تخسران من قيمتهما في مقابل الدولار والاورو، حتى يكاد ما يجري لا يقل في تأثيراته عن الحروب العسكرية.
فالذي تعمل عليه الولايات المتحدة الآن، هو الضغط بكل قوة على روسيا وايران للتخلي عن النظام في سوريا، فضلاً عن الضغط على موسكو كي تتخلى عن أوكرانيا تماما وتفسح في المجال لكييف للانضمام الى حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي، فتصير اوكرانيا دولة تابعة للغرب عسكريا واقتصادياً ويصعب تالياً على روسيا ازعاجها في المستقبل.
وتنصبّ الرهانات الاميركية الآن على أن لا يكون في مقدور روسيا مقاومة الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها حالياً والتي تهدف، على حد تعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الى "انتزاع أنياب الدب الروسي" من أجل حرمانه استعادة مكانته الدولية في مرحلة أولى على طريق جعل روسيا نفسها موضع تساؤل مستقبلاً.
تحاول الولايات المتحدة الآن اخضاع روسيا اقتصاديا من اجل اخضاعها سياسيا والتخلي عن تمردها على النظام العالمي الذي أرسته واشنطن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وبينما يراهن بوتين على الصمود في الحرب الاقتصادية التي تشن على روسيا، يرى اوباما ان العامل الاقتصادي هو السبيل الافضل لتوجيه رسالة حازمة الى موسكو بأن عليها ان تتخلى عن سوريا وأوكرانيا وإلا تعرضت هي نفسها لمتاعب لا يمكن التنبؤ بتأثيراتها على النظام الروسي.
ومثلما تراهن الولايات المتحدة على ان انهاك روسيا اقتصاديا يمكن ان يجبرها على تقديم تنازلات في السياسة، تراهن دول الخليج العربية على ان انهاك ايران اقتصادياً ايضاً سيجعلها تقبل بتقديم تنازلات اقليمية في مقابل الحفاظ على نظامها.
وفي المحصلة تحاول اميركا ودول الخليج العربية الاستفادة الى اقصى الدرجات من الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها كل من روسيا وايران ووضعهما امام خيار تقديم تنازلات اقليمية او المخاطرة بتعريض نظاميهما للخطر نتيجة المتاعب الاقتصادية. ولكن من الممكن ان توصل الضغوط الى انفجارات ليست في الحسبان.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم