الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

سوبرماني... ظلّ إيران ويدها الطولى في المنطقة

المصدر: "خاص-النهار"
سوبرماني... ظلّ إيران ويدها الطولى في المنطقة
سوبرماني... ظلّ إيران ويدها الطولى في المنطقة
A+ A-

لعقود كان الجنرال قاسم سليماني اليد الخفية والغامضة لعمليات ايران السرية الايرانية حول العالم. اليوم، ها هو في كل مكان. على "تويتر" و"فايسبوك" تنتشر له "صورة" يصافح نيل أرميسترونغ على سطح القمر، وأخرى داخل ليموزين الرئيس الاميركي جون ف.كينيدي في دالاس، في ذلك الثاني والعشرين من تشرين الثاني 1963 . في العالم الافتراضي، يسافر الحاج قاسم عبر الزمن. وفي عالم الواقع، يتصدر المشهد من اليمن الى سوريا ولبنان، مروراً بجبهته العراقية الساخنة.الخصم اللدود لواشنطن يحارب في خندق واحد مع الاميركيين عدوا مشتركاً.
ألقابه كثيرة. هو "القائد الظل" لمجلة "نيويوركر" الاميركية ، و"فارس الظلام" لمجلة "فورين بوليسي"، و"مستر فيكس ات" الايراني ل"ويكلي ستاندرد" .وهو ايضاً "الحاج قاسم" بين المقربين منه.وأخيرا وليس آخرا هو "سوبرماني" لمدوّنة كارل ريماركس.
مهماته كألقابه، كثيرة وربما أكثر، ولعل آخرها حضوره القوي في الهجوم الذي بدأته "القوات العراقية" مبدئياً لاستعادة تكريت من "الدولة الاسلامية"، كخطوة أولى في اتجاه التقدم شمالاً لطرد التنظيم المتشدد من الموصل واعادة ترسيم الحدود العراقية التي محاها تنظيم أبو بكر البغدادي.
بغطرسة، تدعي طهران بأنها تحكم ثلاث عواصم عربية، هي بغداد ودمشق وبيروت.واذا كانت تستطيع اضافة رابعة اليها بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في 20 كانون الثاني الماضي، يعتبر سليماني الوجه الايراني الابرز لهذا النفوذ المتزايد للجمهورية الاسلامية في المنطقة.


تساؤلات
يثير الدور البارز لايران عموما، وسليماني تحديدا ، في المواجهة مع "الدولة الاسلامية" بغطاء جوي أميركي كثيرا من التساؤلات. ففي معايير مسؤولين عسكريين واستخباراتيين أميركيين كبار، يفترض أن سليماني عدو لدود أنشأ شبكة من العملاء تمتد من "حزب الله" الى الميليشيات الشيعية في العراق.وهو بحساباتهم مسؤول عما يعادل 20 في المئة من الخسائر البشرية الاميركية في العراق، وذلك عبر ما سمته واشنطن "العبوات الخارقة" التي كانت تستخدمها الميليشيات الشيعية لاستهداف الاليات الاميركية المدرعة وقتل من هم على متنها.هذا اضافة الى الصواريخ الايرانية الصنع وقذائف الهاون التي كانت تسقط على المنطقة الخضراء في بغداد.
وفي ذروة العنف ضد الاميركيين في العراق، كتب قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس أن سليماني "شر حقيقي"، استنادا الى "النيويورك تايمس".
ومع ذلك، ابدت واشنطن مرارا ارتياحها الى الدور الايراني في الراهن العراق، على رغم التبعات الخطيرة لتدخل ايراني مباشر وواضح في مناطق سنية.
وفي آخر الاطلالات المظفرة لسليماني ، بدا في صورة له على "تويتر" قرب تكريت حاملا بيده فنجان شاي.وقبلها ظهر في معارك فك الحصار عن بلدة أمرلي التابعة لمحافظة صلاح الدين شمال العراق.


سوريا
قبل العراق، كان لسليماني، ولا يزال، دور بارز في صمود النظام الرئيس السوري وتقويض قدرات المعارضة . في نظره يمثل انقاذ الاسد مسألة "كبرياء" بحسب مسؤول عراقي ينقل عنه ان "الايرانيين سيقومون بما في وسعهم لانقاذه.... نحن لسنا كالاميركيين.لا نتخلى عن أصدقائنا".
عام 2013، أبلغ مسؤول دفاعي أميركي أبلغ الى"النيويوركر" أن سليماني بدأ السفر بكثرة الى دمشق لادارة التدخل الايراني مباشرة في الحرب، علماً أن نقطة التحول كانت في نيسان من تلك السنة، بعدما سيطرت المعارضة السورية على بلدة القصير.وتفيد تقارير أن سليماني اتصل في تلك الايام مباشرة بالامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، طالبا منه ارسال أكثر من الفي مقاتل .ويقول المسؤول السابق في "السي اي اي" جون ماغواير أن "عملية القصير كلها من تدبير سليماني...كانت نصرا كبيرا له".
هذا الدور البارز لسليماني في سوريا لم يحظ بدعاية كبيرة، وبقي بعيدا من الاضواء، وقت كان تأثير طهران واضحا في مجريات الحرب، الامر الذي يثير تساؤلات عما اذا كانت الدعاية الراهنة لدور هذا الرجل محاولة اميركية لتلميع صورته أم جزءا من سياسة ايرانية لجعله بطل المواجهة مع أبو بكر البغدادي.


"خارق الذكاء"
قائد "فيلق القدس" في السابعة والخمسين.قصير القامة، رمادي الشعر، مشذب اللحية.له ثلاثة ابناء وبنتان.لا يحمل شهادة جامعية، الا أن مسؤولا عراقيا عرفه من كثب وصفه بأنه "استراتيجي خارق الذكاء الى درجة الدهاء".وعن اساليبه في العمل يقول إنها تشمل دفع الاموال للسياسيين والترهيب اذا اقتضت الحاجة، وصولا الى القتل خيارا أخيرا.
على رغم الطبيعة الشرسة لمهماته، يعتبره الايرانيون بطل حرب كامل الاوصاف، في اشارة الى دوره في الحرب الايرانية -العراقية (1980-1988) التي كان فيها قائدا لكتيبة وهو لا يزال في العشرينات. وفي اطلالة له في طهران عام 2013، وصف نفسه بأنه "الجندي الاصغر".
يستمد الحاج قاسم قوته خصوصاً من علاقته الوثيقة مع مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي الذي وصفه مرة بأنه "الشهيد الحي للثورة".وهو من أشد المؤيدين للمحافظين في ايران.وفي ذروة الاحتجاجات الطالبية عام 1999 ووقع مع قادة آخرين في الحرس الثوري "الباسدران" رسالة تحذر الرئيس الايراني محمد خاتمي من أنه اذا لم يضع حدا للانتفاضة، قد يتولى الجيش خلعه من منصبه.وفي حينه، تولت قوى الامن قمع المتظاهرين، وأعادت الكرّة بعد ذلك بعشر سنوات،ابان الثورة الخضراء.


"فيلق القدس"
منذ تسلمه عام 1998، قيادة "فيلق القدس" الذي كان متهما بتفجير السفارة الاسرائيلية في بوينس ايرس عام 1992 والهجوم على المركز اليهودي في المدينة نفسها بعد ذلك بسنتين، حوله منظمة ذات قدرات كبيرة، مع فروع للاستخبارات والتمويل والسياسة والعمليات الخاصة.ومع مقر في السفارة الاميركية السابقة في طهران، كانت المنظمة تضم ما بين عشرة وعشرين الف عضو، منقسمين بين مقاتلين ومدربين للكوارد الخارجية ومشرفين عليهم.أعضاؤها يختارون وفقا لكفاءاتهم وولائهم للثورة الاسلامية.وبحسب صحيفة "اسرائيل اليوم"، فان المقاتلين يجنّدون من المنطقة كلها، ويدرَّبون في شيراز وطهران ويلقنون في معهد عمليات القدس في قم ثم يرسلون في مهمات الى أفغانستان والعراق تستمر أشهرا لاكتساب الخبرات القتالية.وهم غالباً ما يسافرون تحت ستار عمال بناء ايرانيين.
العلاقة مع "حزب الله"
سليماني من منصبه الجديد وطد علاقاته في لبنان مع الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله والقيادي عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق.
وابان الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان، قاد فريقاً من "فيلق القدس" في عملية خاصة لمساعدة "حزب الله".ويقول السفير الاميركي ريان كروكر :"كان وجودهم قويا في التدريب والاستشارات والتخطيط".وبعدما انسحبت اسرائيل من الجنوب في ما اعتبر في حينه انتصارا ل"حزب الله"، قال إنه "مثال آخر على قدرة سوريا وايران على الدخول في لعبة طويلة مع العلم أننا لا نستطيع ذلك".
ورداً على الجهود الدولية لعرقلة البرنامج النووي الايراني،والتي شملت هجمات الكترونية واغتيال علماء نوويين ايرانيين، يقول الصحافي دكستر فيلكينز في "النيويوركر"، أن "فيلق القدس" و"حزب الله" أطلقا عام 2010 حملة جديدة ضد اهداف أميركية واسرائيلية.ومذذاك، أدار سليماني هجمات في بلدان عدة، بما فيها تايلند ونيودلهي ولاغوس ونيروبي، وصل عددها الى ثلاثين هجوما في سنتين.ولعل أشهرها محاولة استخدام تاجر مخدرات مكسيكي لمهاجمة السفير السعودي في واشنطن في مطعم قرب البيت الابيض.ولكن المحاولة فشلت، بعدما تبين أن تاجر المخدرات ليس الا عميلا ل"السي اي اي".وبعد احباط المخطط ، دعا مسؤولان أميركيان سابقان في جلسات استماع أمام الكونغرس الى اغتيال سليماني.وقال أحدهم:"انه يسافر كثيراً...هو في كل مكان.اذهبوا وراءه.حاولوا اعتقاله أو اقتلوه".


تنسيق مع واشنطن
على رغم قطع العلاقات بين واشنطن وطهران منذ 1979، لم تكن علاقات سليماني بواشنطن دائما قاطعة.فقد نظم اجتماعات سرية بين ديبلوماسيين أميركيين وايرانيين في جنيف بعد هجمات 11 ايلول لمواجهة "طالبان"، العدو المشترك في حينه .
ويقول كروكر في حديث صحافي أن سليماني ابلغ الى مفاوض من الامم المتحدة عام 2002 أنه"بعد 11 ايلول، أعتقد أنه حان الوقت لنعيد التفكير في علاقتنا مع الاميركيين".ويضيف:"كنا قريبين جدا"، ولكن الوضع تبدل بعدما أدرج الرئيس الاميركي السابق جورج بوش ايران في" محور الشر"، لافتاً الى أن "كلمة واحدة في خطاب واحد غيرت مجرى التاريخ".ومذذاك، بدأت العلاقات بين الجانبين تنتقل من سيئ الى أسوأ.
وبعد الغزو الاميركي للعراق، كان يحلو لسليماني حسب بعض الروايات السخرية من الاميركيين.ففي صيف 2006 خلال الحرب بين اسرائيل و"حزب الله" ، انحسر العنف في بغداد .وعندما انتهت الحرب في لبنان، ينقل الصحافي ديكستر فيلكينز عن مسؤول عراقي أن سليماني بعث برسالة الى القيادة الاميركية مفادها:آمل أن تكونوا اسمتعتم بالسلام والهدوء في بغداد...كنت منشغلاً في بيروت".
المفاوضات النووية بين الغرب وطهران بدلت أمورا كثيرة على ما يبدو.وما يحصل بين الجانبين في العراق قد لا يكون الا البداية.
فوزير الخارجية الاميركي الاسبق جيمس بيكر قال لشبكة "أن بي سي" الاميركية للتلفزيون أخيرا أن ايران "حليف طبيعي للولايات المتحدة".
ولم يستبعد الوزير الاسبق جيمس بيكر احتمال أن تكون واشنطن وطهران تتفاوضان سرا قبل بدء سليماني جلسات التصوير.
[email protected]



Twitter:@monalisaf


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم