الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الحرب الخفيّة بين واشنطن وطهران مستمرّة ... على رغم النووي

جورج عيسى
الحرب الخفيّة بين واشنطن وطهران مستمرّة ... على رغم النووي
الحرب الخفيّة بين واشنطن وطهران مستمرّة ... على رغم النووي
A+ A-

قد يكون من الطبيعي وأكثر أن تقرأ سنة 2012 في موقع "الدايلي بيست" عبارة "في هذا الوقت تستمرّ لعبة التجسّس والتجسّس المضاد" بين #الولايات المتحدة وبين #الجمهورية الاسلاميّة في #إيران. فتلك السنة تلت فترة طويلة من التوتّر بين الإيرانيين والأميركيّين والذي انفجر حرب تجسّس واستخبارات وقتل وتفجير متبادلة.


ففي العام 2010 تعرّض البرنامج النووي الايراني الى فيروس ستاكسنت، كما قتل العديد من العلماء الايرانيّين. فيما نفت الحكومة الايرانيّة علاقتها بهجمات عدّة خلال عام 2011 ضد أماكن في الولايات المتحدة و#قبرص و#الهند و#تايلاند و#بلغاريا لكنّ هذا النفي اندرج في خانة "التأكيد الفاسد" الذي يقع في الحروب الخفيّة بحسب تعبير الموقع نفسه. وفي شهر تمّوز من العام 2012، حضّر محلّلون في العمليّات الاستخباريّة داخل قسم شرطة مدينة نيويورك لائحة بما قالوا إنّها مؤامرات إيرانيّة متسلسلة زمانيّاً لاستهداف مدن عدّة حول العالم من اجل ضرب أهداف يهوديّة.


لكن كان لا بدّ لسنة 2015 التي طُبعت بحوار بين الطرفين حول الملفّ النوويّ تكلّل باتفاق في شهر تمّوز الماضي، أن تحمل حلحلة في موضوع التجسّس ... أو هكذا كان يُفترض.


شاين هاريس، الكاتب في موقع "الدايلي بيست"، لم يكن يعلم أنّه من الممكن أن يلفت نظر الايرانيّين كي يصنعوا منه جاسوساً لحسابهم. ففي عزّ المفاوضات بين ايران ودول #مجموعة الست حزيران الماضي، كتب مقالاً في الموقع نفسه بعنوان "جواسيس إيران حاولوا توظيفي" يوضّح فيه كيف تمّت محاولة استدراجه الى ذلك العالم.


يتحدّث شاين عن كيفيّة تلقّيه رسالة في 23 أيّار الماضي من قبل ممثّل عن "المؤتمر الدولي ل17000 من ضحايا الارهاب الايرانيّين" الذي كان يعرّف عن نفسه بكونه منظّمة غير حكوميّة. المتحدّث باسم المؤتمر أخبره بأنّه ستتمّ مناقشة "إرهاب الدولة الصهيونيّة ضد إيران" بالاضافة الى مواضيع أخرى تتعلّق بالارهاب الاقتصادي والسيبيري ضدّ الدولة نفسها، بحسب الرسالة الالكترونيّة. فتعجّب شاين من سبب توجيه الدعوة اليه علماً أنّه لا يستخدم عبارة "الدولة الصهيونيّة" كما يوضح هو. وبعد تصفّحه للائحة من المتحدّثين الأميركيّين السابقين في المؤتمر، ازداد تعجّبه لأنّ جميع كتاباته لا توحي بإمكانيّة مستقبليّة لإلقاء كلمة الى جانب عنصريّين او مهووسي نظريّات مؤامراتيّة كأولئك المتحدّثين السابقين في المؤتمر على حدّ تعبيره.


لكنّ سوزان مالوناي من مركز سياسات الشرق الاوسط في معهد "بروكينغز" أخبرته أنّ النظام الايراني يرى أبّهة في تنظيم وعقد الندوات والمجالس، لذلك من الممكن أن يكون لهذا المؤتمر دور في ظلّ بيروقراطيّة الحكم داخل إيران. مسؤولان سابقان في الاستخبارات الاميركيّة وفي نفس الوقت خبيران في الشؤون الايرانيّة أخبرا شاين الذي مال الى الاعتقاد بكون المسألة تهدف الى استخدامه ضمن دوائر التجسّس، أنّ الطلب الى الصحافيّين حضور مؤتمرات هو خطّة تجسّسيّة قديمة استخدمها السوفيات والموساد وبالتالي من الصعب الحكم على الهدف من وراء هذا المؤتمر إذا كان فعلاً يصبّ في هذا الاطار.


في الخامس والعشرين من تمّوز الماضي تلقى قائد الاسطول الخامس في البحريّة الاميركيّة جون ميلر اتصالا يفيده بوجود فرقاطة إيرانيّة في خليج عدن وجّهت سلاحها الى طوّافة أميركيّة. رحلت الطوّافة تجنّباً لإثارة مزيد من التوتّر لكنّ الايرانيّين استمرّوا في تصويب سلاحهم باتجاهها قبل يتواروا عن الانظار.


ميلر علم أنّ الايرانيّين كانوا يصوّرون تلك الحادثة. أمّا كيف علم؟ يجيب صحيفة "نيويورك تايمس" الاميركيّة ضاحكاً:" لأنّنا كنّا نصوّرهم". وأضاف:"لدينا فيلمنا عن فيلمهم".


ما يجري في بحر العرب هو مواجهة بين تجسّس وآخر تشرح الصحيفة نفسها. حتى بعد توقيع الاتفاق بين الطرفين، فإنّ مياه #الخليج العربي وسماءه والمناطق القريبة منه تشهد مراقبة مستمرّة متبادلة بين الطرفين أكانت عبر الرادارات أو الطائرات أو السفن.


القبطان بنجامين هيوليت قائد الجناح الجوّي في حاملة الطائرات ثيودور روزفلت قال للصحيفة أنّهم أمام "نوع من لعبة" يلعبونها مع اعترافه بمخاطرها العالية لأنّ الايرانيّين "حين يقصفون سنقصف". لكن بالنسبة لإدارة اوباما فإنّ وجود البحريّة الاميركيّة في تلك المنطقة ضروري أكثر من السابق لحماية الحلفاء ولأنّ الكونغرس المشكّك سيستمرّ في مراقبة إيران.


وإن تمّت ملاحظة وجود أقلّ للنشاط الايراني في الخليج شهر تمّوز الماضي، فإنّ ذلك يعود لتزامنه مع شهر رمضان لا لتزامنه مع المحادثات النوويّة، كما يقول ضبّاط على حاملة الطائرات تلك، والذين أكّدوا عودة النشاط الى ما كان عليه سابقاً فور انتهاء عيد الفطر.


وعندما تمّ إصدار الاوامر لحاملة الطائرات روزفلت من اجل اعتراض موكب إيرانيّ كان متوجّهاً لدعم الحوثيّين بالسلاح، قال أحد المسؤولين في البنتاغون إنّ هذا الامر يشبه استخدام السلاح النووي من أجل قتل نملة. لكنّ القبطان هيوليت يؤكّد أنّ ذلك التوجّه كان رسالة مهمّة للحلفاء تؤكّد الالتزام بحمايتهم حتى في مرحلة وصول الاتفاق النووي الى خواتيمه بين الطرفين.


إذاً، في الظاهر، لا تغيير في ضراوة الحرب التجسّسيّة بين #طهران و#واشنطن، أقلّه حتى الآن. فإذا كانت تلك الحروب تدور رحاها بين الحلفاء أنفسهم كالاميركيّين والاوروبّيّين، أو حتى بين الاميركيّين والاسرائيليّين، فكم بالحريّ ألّا تتغيّر سريعاً قواعد هذه اللعبة بين دولتين بالكاد خرجتا جزئيّاً من صراع استمرّ أكثر من ثلاثة عقود؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم