السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كيف تُحرّر فكرك أيّها اللبناني؟

عقل العويط
عقل العويط
كيف تُحرّر فكرك أيّها اللبناني؟
كيف تُحرّر فكرك أيّها اللبناني؟
A+ A-

كيف تحرّر فكركَ أيها المواطن؟ المسألة بسيطة: افتحْ كتاب "النبيّ" لجبران، وطبِّقْه بحذافيره، تخرجْ حرّاً محرّراً من كلّ نيرٍ وسلطان. ثمّ، لا بدّ أنكَ تتذكّر أغنية فيروز عن الحرية، المستلّة من كتاب "النبيّ" نفسه. أعِد الاستماع إليها، تجدْ مختصراً مفيداً عن المسألة المطروحة.


وإذا استثقلتَ القراءة، والاستماع، لأنكَ لستَ من أهلهما، أو لأنكَ لم تعد تؤمن بأيّ ضوءٍ وأمل، وهذا هو الأرجح، فعليكَ بالآتي: إخلعْ عنكَ نير الطوائف والمذاهب، التي تغرزها، مسروراً ومتباهياً، في رقبتكَ، منذ الولادة. وافعلْ ذلك فوراً ومن دون تأخير. لا يُستثنى من هذه القاعدة، أيّ مذهب، ولا أيّة طائفة. كلّها أصل البلاء، وأنتَ راضٍ بالرضوخ لهذا البلاء. بل مدافعٌ شرسٌ ومستميتٌ عنه، لظنّكَ أن كلّ نيلٍ من الطوائف والمذاهب هو إشعارٌ باقتراب نهاية الطوائف والمذاهب، ونهاية لبنان. أنتَ مغلّط، أيها المواطن. لا أطلب منكَ أن تكفر، أو أن تلحد، فأنا لستُ داعية. أطلب منكَ أن تكون مدنياً فحسب.
على كلّ حال، لكي يكتمل الخلع، عليكَ أيها المواطن بالتحرر من نير رؤساء الدين عن قلبكَ وعقلكَ وروحكَ، لأن هؤلاء، لا ينتمون، في الغالب الأعمّ، إلى الله. الدليل، أن أكثرهم والغٌ في سوء التدبير، وقلة الحكمة، وانعدام البصيرة، وتأجيج الصغائر والأحقاد والحسابات والمطامع، وهذا كلّه يُبعِد الناس عن فكرة الله ورحابته ورحمته. صدِّقني في ما أقول، وإذا لم تصدِّق، فعليكَ بإخضاع أفعالهم لغربال النقد، تنفرجْ أمامكَ الأنوار وتنفتح السبل، وهي كثيرة.
ثمّ عليكَ بالخروج على الأحزاب والحركات والتيارات السياسية اللبنانية التي شاركتْ منذ الاستقلال إلى اليوم، وعلى مراحل وحقب مختلفة، في جعلكَ نعجةً مسلوبة الإرادة بين نعاجها الغفيرة. ركِّزْ على تلك الموجودة بقوة في اللحظة الوطنية والسياسية الراهنة، واخرجْ عليها خروجاً علنياً مدوياً، وبيِّنْ مثالبها وعيوبها، ليعرف الجميع أنكَ تتمرّد عليها، باحثاً عن حريتكَ الفردية، وعن حرية مواطنيك، وعن الكرامة لبلدكَ. هل تريد أن أسمّيها لكَ؟ خذْ منّي "وجه الصحّارة"، واعذرْني إذا فاتني أيّ نقص: "حزب الله"، "حركة أمل"، "تيار المستقبل"، "التيار الوطني الحر"، حزب "القوات اللبنانية"، حزب "الكتائب اللبنانية"، "الحزب التقدمي الاشتراكي"، "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، "الحزب الشيوعي"... وهلمّ. واعرفْ أني إذا نسيتُ فريقاً أو أكثر – ولا بدّ أني نسيتُ - فهذا بسبب المصائب التي تهدّ الكينونة، وبعضُها، أي المصائب، يُذكِر وبعضُها يُنسي، والقول للبحتري.
وعليكَ أيها المواطن بالوزراء والنوّاب، فهم نوائب. ربما تجد نفسكَ ضعيفاً أمام البعض منهم، لأنهم لا ينتمون إلى الأحزاب والقوى الجائرة المذكورة أعلاه. هذا شأنكَ أنتَ، أما أنا، فأنصحكَ بالحيطة والحذر من الجميع.
لستُ واعظاً، أيها المواطن، ولا مرشداً اجتماعياً. لكن العقل النقدي التي درّبتني عليه كتب الخلاّقين الأحرار، علّمني، أنا القلم المتواضع المنتمي إلى دفتر الحرية، أن أعيد النظر في المسلّمات كلّها: في نفسي أولاً، ثمّ في كلّ شيء: من الله إلى أصغر مسألة في الكون. هذا يتطلّب صدقاً موجعاً أيها المواطن؛ صدقاً يجعلكَ ترتجف أمام عظمة الحقيقة وأمام رهبة القانون الدولتي المدني، اللذين من دونهما لا قيمة لكَ على الإطلاق. هذا إذا أردتَ أن تكون صاحب كرامة. أما إذا أحببتَ أن تضع رأسكَ في الرمال، فهذا شأنكَ. لكن للعبرة، ليس عليكَ سوى أن تنظر في الواقع المأسوي اللبناني الراهن، لتدرك كم أنكَ مجرمٌ في حقّ نفسكَ، ومواطنيكَ، وبلدكَ، إذا لم تتمرد تمرداً مدنياً منظماً على الدائرة المغلقة.
المسألة بسيطة، كما قلتُ لكَ من البداية: خذْ كتاب "النبيّ"، واستمعْ إلى أغنية الحرية لفيروز. طبِّقْ معانيهما. كنْ ديكاً يعلن الفجر، تُحرِّرْ فكركَ، أو... إبقَ في قطيع.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم