الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

هل بدأ مخطّط سنستان وكردستان وعلويستان التقسيمي في سوريا؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
هل بدأ مخطّط سنستان وكردستان وعلويستان التقسيمي في سوريا؟
هل بدأ مخطّط سنستان وكردستان وعلويستان التقسيمي في سوريا؟
A+ A-

على الرغم من الخروق "الفاضحة" وسيطرة النظام على أراض جديدة، لا تزال "الهدنة الهشّة" صامدة في سوريا، وتواصل يومها الرابع من دون أيّ أفق لما بعد هذه التجربة في حال فشلت. أميركا تحدثت عن خطة "ب" لا تزال غامضة، وروسيا جاهزة للحلّ العسكري من جديد. السعودية وتركيا جاهزتان لتدخّل برّي، لكن بعد موافقة أميركية واضحة، أما المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا فيسعى إلى استئناف المباحثات بين المعارضة والنظام السوري، لكن كل ذلك اخترق بمصطلحات جديدة وخطط قديمة تتعلق بتقسيم سوريا، كـ"الفيديرالية"، "تفكيك سوريا" أو "سوريا المفيدة".


ريابكوف وكيري
وأثارت بعض التصريحات مخاوف المراقبين من أن يكون التقسيم هو مصير سوريا الوحيد في حال فشلت "الهدنة"، فنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أكد أن بلاده تؤيّد ما يتوصل إليه المشاركون في المفاوضات السورية، بما في ذلك فكرة إنشاء "جمهورية فدرالية" أو "اتحادية"، ولم يستبعد الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة له في أيلول فكرة "النظام الاتحادي"، لكنه شدد على أنّ "أيّ تغيير يجب أن يكون نتيجة لحوار بين السوريين، واستفتاء لإدخال التعديلات اللازمة على الدستور". كما سبق وتحدّث عن "سوريا المفيدة" تزامناً مع بداية التدخّل الروسي، فاعتبر البعض أن المصطلح يرتبط بـ"الدويلة العلوية"، لكن مع شريط يربط اللاذقية بدمشق يكون محاذيًا لحمص وحماه من الشرق، ومناطق "حزب الله" من ناحية لبنان من جهة الغرب.
ومن المؤشرات التي لا تتجاوز حدود السيناريوات، ما نطق به وزير الخارجية جون كيري أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاسبوع الماضي، عندما استخدم مصطلح "تفكيك سوريا"، وعاد الحديث عن تقسيم سوريا إلى دويلة للاكراد في الشمال الغربي والشمال الشرقي، وأخرى للنظام السوري في دمشق والساحل ومحيط العاصمة، أما المعارضة فتكون في ادلب وغيرها، فيما "داعش" الارهابي ينحصر في دير الزور والرقة، واعتبر مراقبون أن التفكيك لا يعني تقسيم سوريا بقدر ما هو توصيف للواقع العسكري وأماكن تواجد الأطراف في سوريا.


 


اسرائيل والخطة "ب"
أيضاً لاسرائيل نصيبها في الحديث عن التقسيم، خصوصاً أن حلمها الوصول إلى هذا السيناريو الذي سيحوّلها إلى المكوّن الأقوى في الشرق الأوسط، ومنذ أيام اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون أن "سوريا ذاهبة لتصبح دويلات طائفية... وسوريا التي نعرفها لن تكون موحدة في المستقبل القريب". كما قال المدير العام لوزارة المخابرات الإسرائيلية أرام بن باراك: "أعتقد في نهاية الأمر أن سوريا يجب أن تتحول إلى أقاليم... إن تقسيمها هو الحل الممكن الوحيد".
وأمام هذه السيناريوات، بحث كثيرون في غموض الخطة "ب" الأميركية التي نفى الروسي أي معرفة بها، ولا تزال "غير واقعية"، لكن الجنرال الأميركي جيمس ستافريديس وهو القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو)، رجّح أن تتضمّن الخطة "ب" عملاً برّياً وإقامة منطقة حظر للطيران، بمشاركة قوات أردنية وسعودية.


المراقبون والمحلّلون لا يرون أيّ امكانية للتقسيم في سوريا، خصوصاً مع غياب مناطق جغرافية بلون طائفيّ موحد باستثناء السنيّة، كما أن الساحل السوري وحده فيه أكثر من مليون ونصف المليون سوري سنّي تهجروا من مناطقهم بسبب المعارك، اضافة إلى وجود مسيحيين وعلويين، كما أن المعطيات تتوافق على أن المناطق الكردية تتضمّن أكثرية عربية، أما الدروز فلا مقوّمات لديهم لإنشاء دويلة. كما أن أيّ دويلة ستكون محاصرة من الدويلة المحاذية لها، ويضاف إلى ذلك رفض دول الجوار مشاركة الحدود مع دويلات "مرفوضة" كتركيا التي تواجه منذ بداية الأزمة أيّ مشروع لإنشاء دويلة كردية.


"لا مؤشرات للتقسيم"
ويؤكد المعارض السوري ميشال كيلو لـ"النهار" أن فكرة التقسيم متوقفة على أمرين، "الأول يرتبط بالرغبة والقرار الدوليين، ولا اعتقد أن ذلك متوافر، بل هناك سيناريوات يتم التداول بها، والثاني يرتبط بوضعنا الذاتي كسوريين، هل سنقبل بالتقسيم أم لا؟ هل نستطيع مواجهته؟"، ويضيف: "إذا لم نستطع أن نقاوم وكان هناك قرار بالتقسيم فسيحصل ذلك، أما إذا كنا قادرين على مقاومة التقسيم فلن يحصل المخطط".
وفي شأن الحديث عن "الفيديرالية"، يقول كيلو: "لها أشكال كثيرة ومتنوعة لكن ان لم تكن مشروعا اقليميا، وإذا لم تدخل "الفيديرالية" في مشروع "بي كي كي"، فهي لا تعني تقسيمًا، أما إذا كانت جزءًا من مشروع اقليمي فهي تعني تقسيم سوريا، وبناء على ذلك نقول إن جماعة رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم وجماعته يخونون وحدة سوريا".
في رأي كيلو "لا مؤشرات للتقسيم حتى الآن، وحتى كلام جون كيري جاء في لحظة تصعيد وليس تخطيطًا، ومن المفترض الحديث عن السيناريوات التي يفرضها الحل الدولي بأن نذهب إلى نظام تشاركي يأخذ سوريا إلى الديموقراطية، أما من يقول ان القرارات الدولية استُنْسِخت ورُميت خارجاً، وانه لم يعد لنا خيار سوى تقسيم سوريا، فهي حجة وليس سيناريو شرعياً، ولم تقرّه العهود والمواثيق والقرارات الدولية".


"الدولة العلمانية"
الدكتور سهيل فرح، وهو عضو الاكاديمية الروسية للتعليم ورئيس الجامعة المفتوحة لحوار الحضارات (مقرها في موسكو)، ووفق متابعته لما يصدر عن وزارة الخارجية الروسية ومراكز القرار، بدءًا من الرئيس فلاديمير بوتين مرورا بوزير الخارجية سيرغي لافروف والناطقة الرسمية بلسان الوزارة ماريا سخاروفا، وما يقال عبر وسائل الاعلام الرسمية، فإن "روسيا لا تزال حتى الآن تميل إلى خيار الحفاظ على حدود الدولة السورية كما هي، على أن يكون نظام الحكم فيها علمانياً يحترم الحقوق القومية الاثنية والدينية بكل ألوان الاطياف السورية، وهذا هو الحل الامثل للحفاظ على سوريا وسيادتها وجغرافيتها، كي لا تدخل في اطار الخطة الجهنمية المرصودة لكل منطقة الشرق الأوسط ،حيث هناك خطط لتقسيم كل دولة من الدول إلى دويلات طائفية وقومية، وتندرج ضمن محاولات من المشرفين على الغرف المظلمة في الدول الكبرى، لتجسيد سياسة "الفوضى الخلاقة" في الشرق الأوسط من أجل الوصول إلى دويلات طائفية تُبقي اسرائيل الدولة الأقوى".


"فيديرالية ليس تقسيماً"
ويوضح أن "الحلم والموقف الرسمي المبدئي لروسيا لا يتطابق مع المعطيات الموجودة على الساحة السورية لأكثر من سبب، كما أن الحالة القائمة سورياً في إطار هذا الهيجان الطائفي الشرق أوسطي، وبالتالي تمركز كل طائفة في منطقة معينة وفي جغرافية معينة في هذا البلد أو ذاك، ونتيجة التدخلات الاقليمية، وتأثيرها على مجرى الاحداث في سوريا، وصحيح أن كيري ولافروف متفقان على الخيار الأول إلا أن الولايات المتحدة أكثر ميولاً لخطة "ب" وهي تقسيم سوريا إلى دويلات يمكن أن يطلق عليها سنستان وكردستان وعلويستان، وبالتالي روسيا لا تدخل أبدا في هذا الطرح، لكنها قد تكون مرنة في أن تكون هناك صيغة أقل ضررًا على سوريا، وتوافق على إقامة حكم فيديرالي، حيث تكون لكل منطقة حكمها الذاتي"، ويعطي المثل بأن يكون "للاكراد في شمال سوريا حكم ذاتي انما ضمن اطار الدولة السورية، والخيار هذا يعطي المجال لسنّة سوريا أن يكون لهم تمثيل أوسع"، مشيراً إلى أن "الحديث عن الخيارات يفرض دائماً التطرّق إلى الطريقة اللبنانية، مثل اعطاء رئاسة الجمهورية السورية إلى علويّ، ورئاسة الوزراء إلى سنّي، ورئاسة مجلس الشعب تكون لدرزي أو كردي او غيره".
ويؤكد أن "الخيار الذي تتحدث عنه روسيا يمكن توصيفه بأنه حل فيديرالي، وليس تقسيمًا سوريا على اساس كل دولة تتمتع بحدود او جغرافية خاصة، والموضوع موجود لكنه سيطرح بعد ان تفشل الخطة "أ" المرتبطة بالحفاظ على سوريا علمانية وعصرية خارج اطار الدولة الدينية، لأن المشروع الاخير جهنمي ليس لسوريا فحسب بل لكل العالم العربي".


"دولة اتحادية"
وجرى الحديث أيضاً عن "دولة اتحادية"، ويقول المعارض ميشال كيلو: "هناك دول اتحادية عدّة في العالم مستقرة وثابتة مثل أميركا وألمانيا، فلا داعي لأن نرتعب من كلمة اتحادية، فلا يزال هناك مراحل كبيرة للحديث عن تقسيم، ولدينا قدرة كبيرة إذا كنا منظّمين، لمنع أي جهة أن تفرض علينا خياراتها أكانت روسيا أو غيرها، لهذا يجب أن ننظم أنفسنا بطريقة جيدة ونقول لا وتكون فعلاً خلفنا قوة تسند هذا القرار".


ديموغرافيًا وجغرافيًا
حتى ديموغرافياً وجغرافياً لا امكانية للتقسيم في رأي كيلو، ويقول: "الاكراد مثلاً موزعون على ثلاث مناطق في سوريا، دمشق وحلب والجزيرة (شمال شرق سوريا)، وأعدادهم متساوية في المناطق الثلاثة، لهذا فإن التقسيم بالنسبة لهم كارثة، ما يعني انتقال قسمين إلى منطقة الجزيرة التي يعملون عليها واطلق عليها مصطلح روج آفا، كما أن الأكراد في هذه المنطقة ليسوا غالبية بل هناك العرب، كما اظن ان العلويين لا يدخلون في مشروع تقسيمي، بل قد يكون هناك في الفئة الحاكمة مجموعة اتخذت خيار التقسيم بعد الهزيمة لكن خيار العلويين الوحدة، ولو كانوا يريدون التقسيم لما استقبلوا مليونًا ونصف مليون سوري معظمهم سنّة من مختلف أنحاء سوريا".


سوريا بعد "الهدنة"
ماذا بعد الهدنة أو فشلها؟ يجيب كيلو: "من الصعب تحديد الحال التي سنتجه إليها، وأمامنا طرق متشعبة كثيرة، وسنذهب في الطريق الذي يكون لدى صاحبه ومن يتبنّاه القدرة على ان يفرضه على الآخرين، واعتقد أن روسيا ليس لديها القدرة على ذلك حتى اليوم، وأميركا لديها القدرة لكن لا رغبة لديها، وهناك حوار دولي يتناول سوريا من خلال تناقضات وخلافات وصراعات دولية بين الروس والاميركيين والامور معقدة، كما انه لا يوجد خطة "ب"، وسألنا السفير الاميركي عن القضية السورية: ما هي سياسة الرئيس الأميركي اوباما اذا فشلت الخطة الحالية، فقال اوباما ليس لديه خطة "ب"، اما الخطة "ب" الروسية فكانت واضحة بالهجوم على ريف حلب الشمالي والجيش الحرّ والمدنيّين، فيما خطة السعودية مرهونة بكل وضوح بموافقة وقيادة اميركية".


 


[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم