بعد استقالته كـ"كبير مفاوضين"... ماذا قال محمد علوش لـ"النهار"؟

خمس سنوات من الأزمة، حرب في #سوريا ومعارك مستمرة وارهاب يفوق كل الخيال. قتل وتعذيب واعتقال، تشريد وخطف وحصار. قذائف وصواريخ وقنص، كيميائي وبراميل متفجرة و"سوخوي" وطائرات وصواريخ عابرة للقارات ودمار، ميليشيات طائفية ودماء تسيل ودموع تنهمر، من دون ان يقابلها من المجتمع الدولي سوى الوعود والاستهتار.
جولات وجولات من المفاوضات ولم تدرك الأطراف الدولية بعد أن النظام السوري لا يفهم سوى لغة القوة، ليس من أجل انهاء طرف والقضاء عليه لكن على الاقل "القوة" من أجل دفع النظام إلى مفاوضات جدية يحتكم فيها إلى بيان "جنيف – 1".
مقدمة تعبّر بكل وضوح عن حال سوريا وعن سبب انسحاب كبير المفاوضين السوريين وممثل "جيش الاسلام" محمد #علوش من الوفد المفاوض، مقدماً استقالته إلى الهيئة العليا للمفاوضات في مؤشر واضح إلى غياب أي أمل بالوصول إلى حل سياسي في حال استمرت روسيا واميركا في سياستيهما. فالأولى تشارك في القتل وتبحث عن حل سياسي وفق أجندتها مقدمة للنظام المزيد من الوقت والثانية تدّعي الوقوف إلى جانب السوريين فيما هي تتآمر عليه في شكل غير مباشر.
وقال علوش في بيان نشره في حسابه على تويتر: "لم تكن التجربة التي مرت بها المفاوضات في الجولات الثلاث ناجحة بسبب تعنت النظام واستمراره في القصف والعدوان على الشعب السوري وعدم قدرة المجتمع الدولي على تنفيذ قراراته خاصة في ما يتعلق بالجانب الإنساني من فك الحصار وإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة والإفراج عن المعتقلين والالتزام بالهدنة".
وأضاف: "وحيث إني (..) كنت مصراً مع زملائي في الهيئة والوفد على عدم التنازل عن ثوابت الثورة بتحقيق انتقال سياسي لا وجود لبشار الأسد ورموز نظامه فيه وبيّنت أكثر من مرة أن المفاوضات إلى ما لا نهاية هي ضرب من العبث بمصير هذا الشعب، فإني أعلن انسحابي من الوفد وقدمت استقالتي للهيئة من منصب كبير المفاوضين".
استقالة علوش لم تسقط كريش النعام على باقي أطياف المعارضة، لكنها كانت مصدر سعادة بالنسبة إلى النظام وروسيا التي لا تترك فرصة أممية إلا وتحاول فيها ضم "جيش الاسلام" و"حركة أحرار الشام" الى لائحة الارهاب، لكنها تفشل في ظل قناعة دولية بطبيعة المكونين الاسلامية غير الارهابية. استقالة هذا الرجل الذي فاجأ المجتمع الدولي بوضعه كبيرا للمفاوضين، خصوصا بعد اغتيال قائد جيش الاسلام زهران علوش دفعت القوة المعارضة إلى البحث عن سبل وشخصيات جديدة للمواجهة، وسط معلومات عن ضم أطياف أخرى من وفدي موسكو والقاهرة بضغوط روسية - أميركية، فضلاً عن الحديث عن تغيير في منصب رئاسة الوفد الذي يشغله العميد الطيار أسعد الزعبي.
وتأتي استقالة علوش في وقت ابلغ فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مجلس الأمن عدم نيته استئناف المفاوضات قبل أسبوعين أو ثلاثة. وهي ثلاث جولات من المفاوضات منذ نهاية كانون الثاني ولم تحرز أي نتيجة، بل تصطدم دائما بجدار مصير الرئيس السوري بشار الأسد، فالمعارضة تريد الالتزام بالقرارات الأممية وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات مشترطة رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما يصر وفد النظام على عدم البحث في مستقبل الأسد مقترحاً تشكيل حكومة وحدة موسعة تضم ممثلين عن المعارضة "الوطنية" وعن السلطة الحالية.
وفي ضوء ذلك، تواصلت "النهار" مع علوش الذي شدد على أن استقالته لا تعني خروج "جيش الاسلام" من الحل السياسي، ويقول: "انا ناديت باسم الشريحة المتضررة من الشعب السوري وهي الاغلبية التي تُسحق مدنها وقراها وأحياؤها في ريف دمشق وحلب وادلب وحمص والساحل ودرعا وباقي المحافظات مع زملائي ممثلي الفصائل، تكلمنا باسمهم وباسم الثوار ونقلنا صورة ما يجري للعالم وبيّنا لهم أننا نحن أولياء الدم ومن يقارع النظام وحلفاءه، فإذا كان المجتمع الدولي يريد حلاً فلا بد ان ينظر الى هؤلاء ويرى مأساتهم الانسانية ويسعى إلى حلها في شكل حقيقي وعادل وكامل والا فلن يكون ثمة حل واستقرار".
وينفي علوش ما تردد في بعض الوسائل الاعلامية عن أن استقالته أتت بضغط سعودي، ويوضح: "هذا الأمر غير صحيح البتة، والاشقاء في المملكة لا يتدخلون بعمل الهيئة وسمعنا منهم كثيرا انهم داعمون للشعب السوري والهيئة ويؤيدون قراراتها من دون تدخل".
أما في شأن ضغوط روسية لتغيير في الهيئة منه استقالت، يقول: "الضغط الروسي صحيح وذلك بممارسة قتل الشعب السوري وتهجيره ومساندة الارهابي بشار بكل قوة وافشال الحل السياسي العادل وسعيهم إلى فرض وجهة نظر الكيميائي بشار في الحل الذي يؤدي الى استسلام كامل للنظام وهذا ما نرفضه تماما، هذا هو شكل الضغط واستقالتي كانت احتجاجا عليهم لعدم السماح لهم بتمرير الحل الذي يرغبون فيه. وعلى الاميركيين ان يسمعوا صوت هذا الشعب، ولا تكفي التصريحات بل عليهم ان يرفعوا حظر توريد السلاح النوعي للمعارضة حتى يستطيع الثوار الدفاع عن المدنيين".
وعلّق على ترحيب روسيا باستقالته، بالقول: "هذا يؤكد أن ما أطالب به هو الصحيح، واستقالتي من مكان لا تعني ترك الثورة بل الاصرار على تحقيق أهدافها وذلك برحيل النظام وابعاد كل من تدخل في تدمير بلادي".

[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer