الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

إيران والرهان الخاطئ على أميركا

عبد الكريم أبو النصر
إيران والرهان الخاطئ على أميركا
إيران والرهان الخاطئ على أميركا
A+ A-

"أخطأت القيادة الايرانية في التعامل مع الاتفاق النووي الموقّع بينها وبين أميركا والدول الخمس الكبرى الأخرى، اذ انها راهنت على أن هذا الانجاز سيفتح باب التعاون مع الأميركيين والغربيين في مجالات عدة وسيبعد هؤلاء تدريجاً عن حلفائهم العرب ويجعلهم يتفهمّون بشكل أفضل سياسات ايران وأعمالها، فيتعزّز موقعها في المنطقة. لكن هذا الانقلاب في الموقف الأميركي – الغربي من الحلفاء العرب لم يتحقق وواصلت أميركا والدول العربية تبنّي سياسات معادية للأعمال والممارسات الايرانية في المنطقة مما أثار خيبة أمل عميقة لدى القيادة الإيرانية". هذا ما أوضحه لنا مسؤول غربي في باريس وثيق الصلة بالإدارة الأميركية وقال: "إن الاتفاق النووي مع ايران هو الإنجاز الأكبر والأكثر أهمية الذي حققه الرئيس باراك أوباما في الشرق الأوسط لكنه لم يهدف الى مكافأة القيادة الايرانية وتقاسم النفوذ معها بل يجب أن نضعه ضمن نطاق الاستراتيجية التي حددتها الادارة الأميركية لطريقة التعامل مع ايران لكي ندرك حقيقته وأبعاده، وهذه الاستراتيجية ترتكز على أساس أن ايران مصدر خطر وتهديد لمنطقة الشرق الأوسط ولحلفاء واشنطن وللمصالح الحيوية الأميركية والغربية، وهذا مردّه الى ثلاثة عوامل أساسية هي:
أولاً، إن ايران تملك برنامجاً نووياً متطوراً انفقت على بنائه وتعزيزه عشرات المليارات من الدولارات وخطورته تكمن في أنه يضم مكونات وعناصر ومواد وأجهزة تسمح بانتاج السلاح النووي اذا اتخذت القيادة الايرانية قراراً سياسياً في هذا الشأن. والأفضل إزالة هذا التهديد النووي من طريق المفاوضات مع طهران.
ثانياً، إن النظام الايراني يشكل في توجهاته وسياساته وأعماله مصدر تهديد للدول العربية الحليفة لواشنطن ولاسرائيل ولموازين القوى في المنطقة وان من الصعب في المقابل اسقاط هذا النظام أو تغييره من طريق انقلاب داخلي أو غزو خارجي أو عملية عسكرية باهظة التكاليف.
ثالثاً، إن النظام الايراني يتبنى استراتيجية تصدير الثورة الى الخارج وخصوصاً الى دول المنطقة ويرفض أن يتصرّف على أساس أنه يقود دولة طبيعية تتقيد بالقوانين والمفاهيم الدولية الشرعية المعترف بها ويرفض تطبيق سياسة حُسن الجوار والاحترام المتبادل للمصالح المشروعة للدول التي يتعامل معها في المنطقة.
وشدّد المسؤول الغربي على "ان ادارة أوباما نجحت في تطويق التهديد النووي من طريق توقيع الاتفاق الأميركي – الدولي – الايراني الذي ينتزع من البرنامج النووي الايراني كل المكونات والعناصر والاجهزة التي تسمح لإيران بانتاج السلاح النووي، لكنها فشلت في انجاز صفقة او تفاهمات مع القيادة الايرانية تبدل سياساتها الاقليمية أو تضع حداً لاستراتيجية تصدير الثورة الى الخارج". وأضاف: "إن المسؤولين الايرانيين أصيبوا بخيبة أمل حقيقية وواضحة بعد بدء تطبيق الاتفاق النووي واتهموا الادارة الأميركية مراراً بالخداع وبرفض تنفيذ تعهداتها، ذلك انهم راهنوا خطأ على تخلي الاميركيين تدريجاً عن عدائهم للسياسات الايرانية الاقليمية. وما حصل أن أميركا والدول الغربية اخذت من ايران التنازلات الأساسية التي تمنعها من إنتاج السلاح النووي وواصلت في المقابل إعطاء الأولوية لتطوير وتعزيز علاقاتها مع السعودية ودول الخليج والدول العربية الحليفة لها وطبّقت سياسات معادية بوضوح للسياسات الايرانية في سوريا واليمن والعراق ولبنان وفلسطين والخليج والمنطقة عموماً. بل ان الادارة الأميركية أعلنت مطلع هذه السنة رفع العقوبات الاميركية عن ايران المرتبطة بالبرنامج النووي لكنها واصلت تطبيق كل العقوبات الاميركية المرتبطة بدعم ايران الإرهاب و"حزب الله" وبنشاطاتها وأعمالها المزعزعة للاستقرار في سوريا واليمن والمنطقة عموماً. وهذا القرار مزعج للقيادة الايرانية اذ انه يمنع الكثير من الشركات الاميركية والغربية من العمل في ايران".
وخلص المسؤول الغربي الى القول: "ما حققته ايران من توقيعها الاتفاق النووي أقل بكثير مما كانت تتوقعه وتراهن عليه، والأهم من ذلك أن القيادة الايرانية ستواجه مع الادارة الاميركية الجديدة، سواء فاز دونالد ترامب بالرئاسة، وهو احتمال ضعيف، أم فازت هيلاري كلينتون في الانتخابات، وهذا هو الأرجح، مصاعب جدية وتحديات وخصوصاً على صعيد سياساتها الاقليمية وأعمالها في المنطقة وتدخلاتها الخطرة في عدد من الساحات الساخنة. وهذا ما جعل الرئيس حسن روحاني يقول علناً إن الخيار بين كلينتون وترامب هو "خيار بين السيئ والأسوأ".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم