الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

أميركا وروسيا … اختبار القوة

سميح صعب
سميح صعب
A+ A-

الاندفاع الاميركي نحو الخيار العسكري، يجعل سوريا حقل الاختبار الاساسي لمكانة اميركا الاستراتيجية في الشرق الاوسط والعالم. الرئيس الاميركي باراك اوباما يبدو كأنه اسيتقظ الآن على حقيقة اهتزاز هذه المكانة في الاعوام الاخيرة.


ولم تكن التقارير عن استخدام السلاح الكيميائي وحدها هي التي ايقظت الولايات المتحدة وجعلتها تبدو كعملاق جريح. إذ ان إقدام الجيش المصري على اسقاط حكم "الاخوان المسلمين" في مصر، على رغم 17 مكالمة هاتفية بين وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ونظيره المصري الفريق اول عبد الفتاح السيسي، كان مؤشراً لانحدار كبير في مستوى الهيبة للولايات المتحدة بصفتها الدولة العظمى في العالم.
قبل اكثر من 22 عاماً ، جعل الرئيس الاميركي جورج بوش الاب، العراق ميداناً لتتويج الولايات المتحدة القطب الوحيد في العالم عقب خروجها منتصرة من الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي السابق. وأتى جورج بوش الابن عام 2003 ليكمل حرب العراق وليجعل اميركا قوة قادرة على العمل بمعزل عن الامم المتحدة وليخوض عملية "بناء الامم" في العراق وفي افغانستان.
وبعد هاتين الحربين والانهاك الاقتصادي الذي اصاب اميركا بسببهما، أتى باراك اوباما كي يستعيد اميركا من المغامرات الخارجية الفاشلة وليركز على انتشال البلاد من ازمتها الاقتصادية والاجتماعية. فانسحب من العراق وهو يعد العدة للانسحاب من افغانستان. وفي مرحلة الانهاك الاميركي نتيجة الحروب الخارجية، نهضت روسيا مجدداً لتخوض غمار مواجهة باردة جديدة مع اميركا انطلاقاً من سوريا.
وكما يريد اوباما ان يجعل سوريا نقطة لتذكير العالم بان العصر الاميركي لم يأفل نجمه بعد، تخوض روسيا اليوم معركة استعادة المكانة الدولية التي كانت تتمتع بها ايام الاتحاد السوفياتي، ولتعيد تشكيل نظام عالمي جديد ينهي عهد القطب الواحد.
واذا ما خسرت واشنطن المعركة في سوريا اليوم، فهي مهددة غداً بخسارة مصر في شرق اوسط يتغير بايقاع متسارع ويوفر نموا لتنظيم "القاعدة" من اليمن الى العراق الى سوريا وليبيا وشبه جزيرة سيناء. وبذلك تتحول سوريا حقل اختبار لقدرة اميركا على البقاء لاعباً وحيداً في العالم.
وفي الوقت عينه تراهن روسيا على ان تكون سوريا المنصة التي تنطلق منها للدفع نحو تشكيل عالم متعدد القطب، يضع حداً للسيطرة الاميركية المطلقة على العالم ويفرز نظاماً دولياً جديداً معاكساً لذلك الذي ولد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
وللمرة الاولى منذ انتهاء الحرب الباردة، يصل التوتر الى هذه الذروة بين واشنطن وموسكو. وهذا دليل آخر على الاهمية التي تشكلها سوريا في ترجيح هذا المعسكر او ذاك.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم