الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

الشكوك تحاصر سيناريو التسوية الكيميائية\r\nالغرب "نمر من ورق" أمام تفوّق روسيا

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

لا يبدو السيناريو الغربي الذي يتحدث عن اختراق يتم السعي اليه من خلال الاجتماعات في جنيف بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف الهادفة الى صياغة اتفاق حول نزع الاسلحة الكيميائية لدى النظام السوري او وضعها تحت رقابة الامم المتحدة باعثا على التفاؤل وفق مراقبين ديبلوماسيين. فالتوافق على موضوع الاسلحة الكيميائية ليس سهلا ويحتاج الى آلية طويلة قد تستغرق سنوات يخشى ديبلوماسيون في ضوئها ان تنجح روسيا في تكريس الحاجة الى النظام السوري وتعاونه كشريك في هذا الاتفاق مما قد يعزز وجوده بدلا من المسارعة الى الاستغناء عنه. فالاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا الذي وقع العام 1997 من اجل تفكيك الاسلحة الكيميائية وتدميرها لم يسمح حتى الان وبعد مدة طويلة على توقيعه في ازالة غالبية المخزون لدى روسيا في حين نجح بازالة التسعين في المئة منه الموجود لدى الولايات المتحدة. وفيما ان هذه الآلية بطيئة حتى في دول تتمتع بكامل سيادتها وتعيش سلاما واقعيا بحيث تتمتع بالاهلية لتنفيذ ما تعهدت به، فان الحرب الجارية في سوريا قد تكون عنصرا يستغله النظام وداعموه من اجل المماطلة في الالتزام وفي تمديد حياته على حد سواء.


يعزز هذا السيناريو غير الايجابي عدم الوضوح في ما اذا كانت نقطة الالتقاء الاميركي الروسي حول موضوع الرقابة على الاسلحة الكيميائية او نزعها قد تثمر اتفاقا باعتبار ان هناك اختلافات كبيرة بين المبدأين. لكن في حال حصول ذلك فان السؤال الذي يلي هو هل يذهب النظام الى مؤتمر جنيف - 2 من اجل الاتفاق مع المعارضة السورية على حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة بعد التطورات الاخيرة؟
والاجابة غير مؤكدة ان لم تكن سلبية لاعتبارات عدة قد يكون اهمها واقع ما اسفر عنه الكباش الدولي حول احتمال توجيه ضربة عسكرية اميركية الى النظام وصولا الى اقتراح روسيا وضع الاسلحة الكيميائية لدى النظام تحت رقابة دولية. فالرئيس باراك اوباما وجد لنفسه مخرجا ديبلوماسيا من خيارين صعبين احدهما كان نيته توجيه ضربة عسكرية لمواقع تعود للنظام السوري في الوقت الذي لم تكن لديه اي حماسة لذلك، والآخر اقناع الكونغرس والرأي العام الاميركي بدعمه في خياره وتوفير الغطاء السياسي والشعبي له، وهو كان صعب التحقيق. ولم يكن موقف اوباما في خطابه الى الشعب الاميركي معبرا عن موقع قوة بل على العكس من ذلك وكان مرتبكا في منطقه خصوصا ان ادارته استخدمت الخيار العسكري بما يمكن ان يجعل النظام السوري ومعه ايران يطمئنان الى ان هذا الخيار غير قابل للاستخدام مرة اخرى لاعتبارات مختلفة ولن يسهل التلويح به مجددا بعدما استنفدت ورقته وظهر ان الغطاء له لن يتوافر بسهولة لاي خيار اكان يتعلق بسوريا مجددا او بايران بحيث ان المنطق الاميركي ككل لا يمكن ان يشكل رادعا لايران في هذا الاطار. اضف الى ذلك واقع ان يصب كل الدفع في اتجاه موضوع الاسلحة الكيميائية في اتجاه اسرائيل اكثر من اي طرف آخر في حين ان النظام السوري وفي ظل منعه من اللجوء الى الكيميائي فانه قد يستفيد من واقع ان كل الاسلحة الاخرى تحت سقف الاسلحة الكيميائية مسموحة ولا حظر دوليا محتملا لها.
في المقابل فان روسيا انتقلت بسرعة من موقع المعرقل لاي قرار في مجلس الامن ومن موقع المناقض لغالبية الدول الغربية والعربية في استمرار دعمها للنظام وتبني نظرية اتهام المعارضة السورية باستخدام الاسلحة الكيميائية على عكس كل الدلائل الاخرى الى موقع عراب تسوية للضربة العسكرية التي كانت ستوجه ضد النظام السوري ولو من باب جزئي هو الموضوع الكيميائي. هذا الموقع الجديد لروسيا مهم قياسا الى واقع ما بدت عليه الدول الغربية ككل بالنسبة الى الازمة السورية كـ"نمر من ورق" ازاء قدرة روسيا على تعطيل مجلس الامن من خلال الفيتو الذي استخدمته ثلاث مرات في شأن سوريا ثم من خلال استمرار الطعن بكل الدلائل التي قدمها الغرب وصولا الى القفز على تثمير موقعها من اجل انقاذ النظام من انهياره في حال حصلت الضربة العسكرية ضده. وقد يتعين على اميركا والدول الغربية محاولة ترميم صدقيتها في المرحلة المقبلة لجهة الخروج من عجزها من جهة ودعمها حلفائها على طول الخط من جهة اخرى مثلما فعلت وتفعل روسيا.
في الجانب الآخر من هذه المعادلة فان الازمة السورية لم تعد تقتصر في تعقيداتها الاقليمية والدولية على النظام والمعارضة بمقدار ما باتت تشمل جملة امور يعتقد المراقبون انها باتت تشكل امتدادات لها من بينها ما هو ظاهر وعلني يتصل بوضع "حزب الله" مثلا بعدما بات جزءا من مشهد الازمة السورية او ما يتمثل بالدعم الذي تقدمه ايران والربط الاستراتيجي بين مصالحها في سوريا وملفها النووي ومنها ما هو ظاهر وغير معلن او الاثنين معا يتصل بمصالح الدول العربية الاستراتيجية ايضا في سوريا. وبحسب مصادر ديبلوماسية عليمة فان الولايات المتحدة وسائر الدول المؤثرة الاخرى باتت تدرك ذلك في مقاربتها للوضع السوري بما يطرح تساؤلا جديا هل ان واشنطن جاهزة مع موسكو والدول الاقليمية لهذه المقاربة لايجاد حل للازمة السورية انطلاقا من النافذة التي يمكن ان يشكلها اي توافق حول الاسلحة الكيميائية؟
هذا الامر غير محتمل وثمة شكوك قوية في امكان العبور الى ذلك.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم