الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

هل يحلّ موعد الانتخابات الرئاسية في أيار وليس في لبنان سوى حكومة تصريف أعمال؟

اميل خوري
A+ A-

إذا كانت وحدة الموقف لدى الطائفة الشيعية المتجسدة في التحالف الثنائي المؤلف من "حزب الله" وحركة "أمل" تمكنها من التحكم بصيغة قانون جديد للانتخابات النيابية وبنتائج انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات رئاسة المجلس وشكل الحكومة وتشكيلها، وإذا كان موقف الطائفة السنية شبه الموحد دفاعاً عن صلاحيات الحكومة ورفض أن يتولى مجلس النواب عنها هذه الصلاحيات عندما تكون في حالة تصريف أعمال، فلماذا لا توحّد الطوائف المسيحية ولا سيما الطائفية المارونية موقفها أقله من انتخابات رئاسة الجمهورية فتحول دون جعل الطوائف الأخرى تتحكّم باختيار الرئيس تحت طائلة التهديد بإحداث فراغ في أعلى منصب ماروني في الدولة، وهو فراغ إذا ما حصل فإنه ينسحب على كل المؤسسات ويدخل لبنان في فوضى عارمة وتتحول الدولة فيه دولة فاشلة.


وإذا كان يتعذر على الطوائف المسيحية التوصل الى اتفاق على اختيار مرشح واحد للرئاسة الأولى، فما المانع من الاتفاق على وضع لائحة بأسماء عدد من المرشحين الذين تعتبرهم من الصف الأول وعلى شركائها المسلمين أن ينتخبوا من يريدون من هذه الأسماء تحقيقاً للمشاركة الوطنية الحقيقية والتزاماً بروح "الميثاق الوطني"، ولا شيء يحقق ذلك سوى الاتفاق على حضور الجلسات النيابية المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية وعدم التغيّب عنها بذريعة أن هذا هو من صميم الممارسة الديموقراطية، وهو ما حصل في الانتخابات الرئاسية السابقة التي كان تعطيل نصاب الجلسات أسلوباً لجأ اليه نواب 8 آذار للحؤول دون انتخاب رئيس من قوى 14 آذار، وكان أبرز المرشحين فيها النائب الراحل نسيب لحود والنائب الحالي بطرس حرب، فاستطاع نواب 8 آذار باعتماد لعبة التعطيل الحؤول دون انتخاب أي من هذين المرشحين، إضافة الى إصرار العماد ميشال عون على أن يكون هو المرشح الماروني الأحق من سواه بالرئاسة الاولى لأنه يمثل غالبية المسيحيين نيابياً وشعبيا، إلى ان انتهى الأمر بالتوافق داخلياً وخارجياً على ان يكون العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية كونه من خارج اصطفافات 8 و14 آذار.
لذلك ينبغي منذ الآن البحث في مصير انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة خصوصاً أنه لا يفصلنا عن موعدها سوى سبعة أشهر ووجوب اتخاذ الاجراءات التي تحول دون تعطيل اجرائها كما حصل سابقاً بمشاركة النواب المسيحيين في لعبة التعطيل وذلك بعدم حضورهم الجلسات المخصصة للانتخاب ومن دون أي عذر شرعي سوى استجابة لرغبة من يريد تعطيل شرعية الانتخابات، وإحداث فراغ في أعلى منصب في الدولة، كي تتولى الحكومة، إذا كانت موجودة، مهمات الرئاسة الأولى في إدارة شؤون البلاد وهي صلاحيات تعود لرئيس الجمهورية الماروني ويجب الدفاع عنها وعدم تجييرها لأحد.
ومن الاقتراحات المطروحة أن يدعو البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي النواب المسيحيين الى لقاء في بكركي للبحث في الوسائل الواجب اعتمادها لتأمين اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري وعدم تعريضها لخطر التأجيل كما حصل للانتخابات النيابية فصار التمديد المرفوض من غالبية اللبنانيين لمجلس النواب الحالي 17 شهراً، علماً أنه كان على مجلس نواب جديد منبثق من انتخابات تجرى في موعدها انتخاب رئيس للجمهورية، لا أن يتولى انتخابه مجلس ممدد له ومنبثق من انتخابات جرى على أساس قانون الستين المعدل في مؤتمر الدوحة والمرفوض حالياً من غالبية اللبنانيين وقادتهم وهو ما يجعل تمثيل الرئيس المنتخب للجمهورية منقوصاً ولا يعبّر انتخابه تعبيراً صحيحاً عن إرادة الشعب وتطلعاته.
الواقع ان البلاد إذا كانت تتحمل تأجيل انتخابات نيابية لخلاف على قانون جديد، والتمديد لمجلس النواب الحالي سداً للفراغ، وان تتحمل أيضاً أزمة تشكيل حكومة جديدة بسبب الخلاف على شكلها بين القوى السياسية الاساسية في البلاد، فلا يمكن تحمّل تأجيل انتخابات رئاسية لا لشيء سوى أن هذه القوى غير متفقة على انتخاب مرشح للرئاسة الأولى لاعتبارات سياسية أو حزبية أو شخصية، فتعمد الأكثرية الى التغيب عن الجلسات لتعطيل نصابها وهو ما ينبغي تدارك حصوله منذ الآن، ولتدارك احتمال حصول فراغ في أعلى منصب في الدولة بعد حصول شبه فراغ في السلطة التشريعية بإقرار التمديد للمجلس النيابي القائم واحتمال حصول فراغ حكومي إذا ظلت الشروط التعجيزية متبادلة بين قوى 8 و14 آذار والبلاد خاضعة لحكومة تصريف أعمال في إطار محدود، وهي حكومة لا يعقل أن تتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية، وإذا حلّ الفراغ فيها أيضاً. ولتدارك احتمال حصول كل ذلك ينبغي على القيادات المسيحية السياسية والدينية أن تسارع منذ الآن للبحث في الوسائل التي تضمن اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وأن يكون حضور النواب المسيحيين جلسات الانتخاب إلزامياً للحؤول دون تعطيل نصابها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم