الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

الخلاف الأميركي - الروسي لم يعد على الأسد إنما على هوية الحكم في سوريا بعد رحيله

اميل خوري
A+ A-

قال ديبلوماسي عربي إن من يظن ان الدول الكبرى مستعدة لإشعال حرب في المنطقة بسبب الخلاف على حل الازمة السورية مخطئ، ذلك ان مثل هذه الحرب تقوم عندما تتهدد المصالح الحيوية لهذه الدول وتختلف على اقتسام النفوذ. وشبّه الرئيس بشار الاسد بشمشون الذي أراد أن يهدم الهيكل عليه وعلى أعدائه معتمداً على طول شعر رأسه كمصدر قوة له، فاستعان الخائفون منه بخليلته دليلة التي قصّت شعره وهو في فراش النوم ففقد قدرته على هدم الهيكل.


واضاف ان روسيا قد تكون هي دليلة التي تتولى انتزاع القوة العسكرية من الرئيس الاسد تدريجا بدءا بالأهم وهو السلاح الكيميائي الذي قبل التخلي عنه اعتقادا منه ان ذلك يضمن بقاءه في السلطة.
ولا يرى الديبلوماسي نفسه حصول خلاف اميركي – روسي على تقرير مصير الأسد وبقاء الحرب الداخلية في سوريا مستعرة، وهو ما يرفضه المجتمع الدولي ويتحمل مسؤوليته. فبعد الاتفاق على وضع السلاح الكيميائي تحت الرقابة الدولية تمهيدا لتدميره، ينتقل البحث الى ما يتضمنه تقرير المفتشين الدوليين حول استخدام هذا السلاح في بعض مناطق القتال في سوريا. فإذا أكد التقرير استخدامه ولم يؤكد الجهة التي استخدمته، فالرئيس الاسد يبقى في السلطة حتى نهاية ولايته او الى ان يتم الاتفاق على هوية الحكم البديل.
اما اذا حمّل التقرير مسؤولية استخدام هذا السلاح للجيش النظامي وقوى المعارضة المسلحة معاً فإن مجلس الامن الدولي يتخذ عندئذ القرارات التي يراها مناسبة بحق الطرفين. واما اذا اكد التقرير بالادلة ان الرئيس الاسد هو الذي أمر باستخدام السلاح الكيميائي، فسيكون ثمن اقدامه على ذلك التنحي عن السلطة.
وفي اعتقاد الديبلوماسي اياه ان الخلاف بين اميركا وروسيا يدور ليس على مصير الاسد بل على هوية الحكم في سوريا بعد رحيله، وممن ينبغي ان تتألف الحكومة الانتقالية التي نص عليها اتفاق جنيف كي تنتقل اليها الصلاحيات الكاملة لإدارة شؤون البلاد خلال هذه المرحلة من دون ان تتعرض سوريا لما تعرض له العراق ومصر وليبيا وما قد تتعرض له تونس. فالمشكلة، بحسب المعلومات، هي في اختيار رئيس الحكومة والوزراء وفق انتماءاتهم وما يمثلون ومن يمثلون، اذ يجب الاخذ في الاعتبار ما تريده ليس أميركا وروسيا فقط بل ايران وتركيا والسعودية ودول اخرى معنية. ومن خلال تشكيل هذه الحكومة تظهر المكاسب السياسية التي حصلت عليها كل دولة.
ثمة من يقول ان روسيا تريد ان تحسب سوريا من ضمن حصتها في المنطقة، في حين تريد ايران ذلك ايضا، والا فإنها لا تزال تملك اوراق خريطة اي حل. وقد تسلم اميركا بما تريده روسيا او ايران شرط ان يكون الحكم الجديد في سوريا ديموقراطيا تعدديا معتدلا يساعد على تحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة بحيث تنتفي مع تحقيقه اسباب اقتناء اسلحة الدمار الشامل من جراء الخوف المتبادل بين دول المنطقة وبين هذه الدول واسرائيل.
ولا يتوقع مراقبون التوصل الى حل متكامل للأزمة السورية قبل انتهاء ولاية الرئيس الاسد، سواء ما يتعلق بالسلاح الكيميائي وجعل سوريا توقع على اتفاق حظره، وسواء لجهة تشكيل حكومة انتقالية تتمثل فيها كل القوى السياسية الاساسية في سوريا بحيث تكون قادرة على تأمين انتقال هادئ وديموقراطي للسلطة، فلا يحل بسوريا ما يحل حاليا في عدد من الدول العربية بسبب الصراع على السلطة والخلاف على وضع دستور جديد وقانون جديد للانتخابات النيابية.
ويخشى بعض المراقبين من جهة اخرى حصول خلاف اميركي – روسي ليس على طريقة حل الازمة السورية بل على اقتسام مناطق النفوذ في المنطقة اذا لم يقتصر الامر على سوريا بل على دول اخرى ولاسيما تلك المحيطة باسرائيل، وحصة مَنْ تكون في عملية التقاسم، اذذاك قد يفتح الباب للبحث في اتفاق أوسع يكون بديلا من اتفاق "سايكس – بيكو"، وهذا من شأنه ان يشعل حربا عالمية ثالثة اذا تعذر التوصل اليه وكان النفط من اسبابه الأولى.
الواقع ان حل الازمة السورية لم يعد بين النظام وخصومه، بل بين الكبار، وعندما يجلس هؤلاء الى الطاولة يقف الصغار وينصاعون لما يقرره الكبار، وهو ما حصل غير مرة بعد كل ازمة عصفت في غير دولة في المنطقة. والسؤال المهم هو: متى يتم التوصل الى اتفاق بين الكبار؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم