الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

تمديد جديد للأزمة الداخلية على وقع التسوية السورية المبادرات لملء الفراغ ومشاجرات التأليف إلى ما بعد نيويورك

سابين عويس
سابين عويس
A+ A-

مع بدء المسار الطويل وغير المستقر للتسوية الاميركية الروسية على السلاح الكيميائي لسوريا، مع ما يتطلبه من محطات وآليات تطبيقية تمهد لدخول التسوية حيز التنفيذ، تراجعت فرص أي تسوية محتملة كان يمكن لبنان ان يلجها لو حصل خرق في المشهد السوري.


وإذا كانت التسوية الدولية على السلاح الكيميائي ستدخل سوريا في نفق الازمة المفتوحة الى أمد غير منظور، باعتبار ان تطبيقها العملي محفوف بالاخطار والانزلاقات غير المضمونة النتائج، فهي أدخلت لبنان مجددا ثلاجة الانتظار حتى الخروج من النفق السوري، بعدما بات جزءا لا يتجزأ من تلك الازمة بفعل الانخراط الواسع لـ"حزب الله" فيها.
ذلك ان حرب الاستنزاف التي استدرجت اليها سوريا، نظاما ومعارضة لا ترمي الى انهاك الفريقين تمهيدا لإنضاج حكم بديل فحسب، انما هي تهدف في الواقع الى ضرب اكثر من عصفور بحجر التهديد بالضربة العسكرية الاميركية: انتزاع سلاح "الردع والتوازن "( كما كان يصفه الرئيس الراحل حافظ الاسد) مع اسرائيل من يد سوريا من خلال ضمها الى منظمة حظر الاسلحة الكيميائية، تمهيدا لوضع اليد على هذا السلاح وتجريدها من مكمن القوة الذي يوفره لها، ومن خطر خروجه عن السيطرة (في حال سقوط النظام)، اضافة الى حماية امن اسرائيل من خلال استنزاف "حزب الله" في سوريا.
لن يكون لبنان في منأى عن التداعيات المرتقبة لهذا المسار المضطرب وخصوصاً على الصعيد الامني بعد التفجيرات الاخيرة التي استهدفت مناطق سنية وشيعية. وتبدو المخاوف من تفلت الوضع الامني على خلفية التطورات السورية جلية في ظل التحذيرات الدولية التي يتلقاها لبنان عبر القنوات الديبلوماسية، والتي تشدد على ضرورة النأي بلبنان فعلا لا قولا عن حرب سوريا، نظرا الى اخطار تلك الحرب على ساحته الداخلية.
لكن لا يبدو ان لبنان يتعاطى والاستحقاقات الداهمة بالحد الأدنى من الوعي والمسؤولية. لذا برز ت أخيرا مخاوف من نقل سلاح كيميائي من سوريا الى لبنان. وفي حين لم يصدر اي نفي رسمي لما تردد في الاعلام في هذا الشأن أكدت أوساط رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي انه كلام لمحاولة افتعال مشكلة غير موجودة ومن اجل توريط لبنان في الأزمة السورية، مشيرة الى ان الموضوع غير مطروح على الاطلاق ولبنان غير معني بهذه المسألة. ولم يفهم اذا كان في الإمكان اعتبار هذا الرد بمثابة نفي لنقل الاسلحة.
في موازاة ذلك، بدا ان التسوية الكيميائية فرملت اندفاعة فريقي الصراع الداخليين بعد عملية حبس الأنفاس التي سبقت احتمالات الضربة العسكرية. وفي رأي أوساط سياسية ان الفريقين مدعوان حاليا الى مقاربة جديدة لمواقفهما من الملف السوري انطلاقا من المنحى الجديد الذي سلكته الامور بعد صرف النظر عن الضربة حاليا والسير في خيار الحل السلمي.
ورأت ان المساعي في هذه المرحلة اليوم يجب ان تتركز على الاستيعاب والاحتواء في انتظار جلاء ملامح التسوية وآفاقها.
وفي خضم الاخطار الامنية، يبدو الوسط السياسي المحلي منشغلا بزحمة مبادرات سياسية بدءا من المبادرتين الحواريتين لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس المجلس نبيه بري وصولا الى المبادرة "الانقاذية" لرئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي التي يرمي فيها من موقعه المستقيل الى "انقاذ لبنان"على ما اختار شعاراً للمبادرة، علما ان ميقاتي في الشهر السادس لاستقالة حكومته، يعود بزخم واندفاع الى الساحة السياسية، حتى انه استعاد لقبه كرئيس حكومة بدلا من الرئيس المستقيل، العبارة التي اعتمدها في الاشهر الخمسة الماضية على الاستقالة.
والمبادرات المذكورة ليست الا تحركاً لملء الفراغ وفق مصادر سياسية مواكبة للحركة السياسية مشيرة الى ان تلك المبادرات لا يمكن ان تنتج حلولا سحرية او مخارج للأزمة في ظل الانقسام السياسي الحاد في البلاد ورفض الفريقين على ضفتي الصراع من التواصل او الالتقاء او التحاور. وسألت المصادر في السياق نفسه، عما اذا كانت الدولة بمؤسساتها الدستورية عاجزة عن لم شمل اللبنانيين ومعالجة مشاكلهم فكيف ستكون الحال في ظل الغياب الكامل لهذه المؤسسات وليس دورها فحسب؟ فالحكومة معطلة والمجلس النيابي مشلول وأي حكومة جديدة لا تحظى بقبول "حزب الله" لن يكون أمامها الا نقل الصراع من الضاحية الجنوبية او عرسال الى بيروت، وتبدو جهوزية الحزب عالية في هذا المجال. فمن قاتل في الرستن وادلب والقصير لحماية نفسه لن يتوانى عن ذلك في بيروت اذا اعطي الذرائع، على ما تقول المصادر، وتضيف ان اول انعكاسات المسار التسووي في سوريا هو مزيد من المراوحة والمزيد من الشلل والتراجع والجمود، او بمعنى آخر تمديد للأزمة، مع كل ما يترتب على ذلك من انهيار على مستوى المؤسسات والاقتصاد ومصالح المواطنين العالقة في الدوائر.
اما على المسار الحكومي، فتستبعد المصادر اي تنشيط لمشاورات التأليف في الفترة الفاصلة عن موعد انعقاد المؤتمر الدولي لدعم لبنان في ملف اللاجئين السوريين في نيويورك في ٢٥ ايلول الجاري، حيث ينصرف رئيس الجمهورية الى متابعة التحضيرات الجارية لملف لبنان الى المؤتمر، مما يعني ان مسار التأليف سيكون معلقا الى ما بعد عودة الرئيس سليمان المرتقبة مطلع تشرين الاول المقبل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم