الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

تشكيك في التحقيق وقبول بعودة المفتشين معركة "بروباغندا" روسية ضد الأمم المتحدة

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

تصدت روسيا لتقرير المفتشين الدوليين حول استخدام الاسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري في الغوطتين في دمشق ووصفته بانه تقرير "مسيس" و"منحاز" على رغم ان التقرير لم يأت على اتهام النظام السوري بالمسؤولية عن استخدامه هذه الاسلحة وان كان مضمونه يشير باصابع الاتهام اليه من خلال شروحات تناولت نقاط انطلاق هذا السلاح ونوعية الصواريخ التي استخدمت والتي جزمت مخابرات دول غربية عدة وعلى نحو مستقل عن لجنة المفتشين باستخدام النظام السوري هذه الاسلحة. ولا يبدو موقف روسيا مستغربا في ضوء استمرار دفاعها عن النظام بل هو يبدو كذلك في ضوء محاولتها استهداف الامم المتحدة وضرب صدقيتها في مسار دفاعها عنه. فالذريعة التي قدمتها روسيا هي ان النظام قدم لها ادلة تظهر مسؤولية المعارضة عن استخدام هذه الاسلحة في ظل نفيه مسؤوليته عن استخدامها ضد شعبه وخروجه باحاديث صحافية متواصلة في محاولة الدفاع هذه. والموقف الروسي يطرح تساؤلات جدية في الوقت الذي يعلن النظام استعداده لاستقبال المفتشين في جولة تفتيشية جديدة اخرى كانت مقررة اصلا قبل ان يضطروا الى التوجه الى الغوطه بعد استخدام الاسلحة الكيميائية فيها غداة وصولهم الى دمشق. وهذه التساؤلات ترقى ليس فقط الى مستوى تسييس روسيا موقفها فحسب بل الى ما تقوم به لجهة مواصلتها تعطيل الامم المتحدة والياتها المعتمدة اولا من خلال الفيتو الذي استخدمته ثلاث مرات منعا لقرار دولي حول سوريا ثم في الموقف الاخير المشكك في عمل لجنة المفتشين. اولى هذه التساؤلات ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون شكل لجنة المفتشين بناء على طلب من مجلس الامن الذي تشكل روسيا عضوا دائما فيه بين الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية وتتمتع بحق الفيتو. وحين يختار الامين العام اعضاء اللجنة ويحدد اسماءهم يعرضهم على مجلس الامن للموافقة او للاعتراض بحيث كان متاحا لروسيا في حال كانت لديها شكوك باي من الاعضاء الاعتراض عليه من اجل الاتفاق على بديل منه من اجل ان يكون عمل اللجنة موثوقا به.


ثاني هذه التساؤلات ما يثيره الموقف المستغرب لروسيا والذي تعتقد مصادر عليمة بالامم المتحدة انه موقف لا سابقة له في الامم المتحدة ولا يعتبر مزعجا بمقدار ما هو خطر نظرا الى ان الطعن بلجنة تحقيق دولية يعني انها تطعن بالالية المعتمدة وتشكك فيها بما يطرح اسئلة حول البديل من مرجعية الامم المتحدة ومرجعية اللجان التي تنشئها ما دامت روسيا تضرب صدقية المرجعيات الدولية نظرا الى ان لا الية اخرى يمكن اعتمادها في حال تم التشكيك من دولة عضو دائم في مجلس الامن وصاحبة قرار بالالية المعتمدة من مجلس الامن. فمن اجل الطعن بقرار يصدر عن اي محكمة هناك محاكم الاستئناف ثم محاكم التمييز للاعتراض قبل ان تستنفد وسائل المراجعة في حين ان لجنة محققين معتمدة من مجلس الامن هي اخر المطاف وليس اوله. اذ ان اي دولة صغيرة من دول العالم قد تشكك بقرار دولي بناء على مصالح الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الامن لكن الامر لا ينطبق على روسيا. فالموقف الروسي وفق ما تراه مصادر معنية يشكل اهانة للامين العام للمنظمة الدولية كما لروسيا نفسها التي كان بامكانها تشكيل لجنة المفتشين وفق معايير معينة اذا كانت ثمة شكوك حول اعضاء منها بدلا من اتهامهم بالكذب لاحقا.
ثالث هذه التساؤلات هو هل ان عودة المفتشين الى دمشق والذين اعلن النظام استعداده لاستقبالهم من اجل التحقيق في استخدام الكيميائي في خان العسل واماكن اخرى سيجعل تقريرهم غير مسيس وغير منحاز في حال قالوا بمسؤولية قوى في المعارضة عن استخدام الاسلحة الكيميائية او ان صدقيتهم بات مشكوكا فيها بناء على السابقة الروسية بما يسمح للمعارضة والمجتمع الدولي عدم ايلاء اهمية لاي تقارير مستقبلية. واذا كان تقرير المفتشين مسيسا لماذا يعود النظام ويسمح بعودتهم للتحقيق في ظل التشكيك بصدقية التحقيقات التي يقومون بها؟
وبحسب مصادر ديبلوماسية فان خلفية الاداء الروسي تكمن في استحضار موسكو كل الاوراق الممكنة من اجل مواجهة قرار دولي يتم البحث فيه راهنا في مجلس الامن حول التزام النظام السوري تسليم الاسلحة الكيميائية وتتم المطالبة فيه من الدول الغربية باللجوء الى الفصل السابع او التهديد به ضمنا في حال عدم التزام النظام تنفيذ الاتفاق الروسي الاميركي حول تسليم اسلحته الكيميائية كما تتم المطالبة بمعاقبة النظام لاستخدامه هذه الاسلحة. علما ان المصادر ترجح رفض روسيا تقرير المفتشين نظرا الى ان الصواريخ التي استخدمها النظام وحملت بغاز السارين هي صواريخ روسية في حين ليس واضحا اذا كان مصدر هذا الغاز روسيا ايضا او سواها. فهل تكسب روسيا مع النظام البروباغندا ضد الامم المتحدة وتقرير مفتشيها؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم