الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

"ضروري وشرعي وموقت" أبقى الوصاية السورية و"الجيش والشعب والمقاومة" لإبقاء سلاح الحزب

اميل خوري
A+ A-

عندما سمع اللبنانيون نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم يقول "ان اعتراف الدولة اللبنانية بعجز الاجهزة الامنية عن القيام بواجبها في كل المناطق اللبنانية اضطرنا الى اعتماد الامن الذاتي"، تذكروا ما كان يقوله رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وقيادات فلسطينية عندما برروا اعتماد الامن الذاتي في المخيمات ومحيطها بالقول نفسه. وهو ان الدولة اللبنانية عاجزة عن حماية هذه المخيمات من اعتداءات تقع عليها ولاسيما من اسرائيل. لكن هذا الامن الذاتي ما لبث ان تمدد الى مناطق لبنانية بعيدة عن محيط المخيمات ولاسيما في جبل لبنان وصارت حواجز التفتيش التي تقيمها عناصر فلسطينية مسلحة تزعج الناس وتثير الحساسيات السياسية والمذهبية، فصار الرد عليها باعتماد الامن الذاتي في كل المناطق، مما تسبب باحتكاكات بين عناصر فلسطينية مسلحة وعناصر لبنانية مسلحة ما لبثت ان هيأت النفوس لاشعال حرب عرفت بحرب السنتين، ثم تحولت الى حرب الآخرين على ارض لبنان ودامت 15 سنة فصارت الدولة عاجزة فعلاً عن حفظ الامن وخصوصاً بعد انقسام أجهزتها الامنية والعسكرية سياسياً وطائفياً وصار ما يعرف تسميته بالمناطق "الشرقية" والمناطق "الغربية". وكان الحكم للقيادات الفلسطينية والمتحالفين معها في المناطق الغربية والحكم الآخر لقيادات الميليشيات المسيحية، الامر الذي جعل الرئيس الياس سركيس يهتم بأمر واحد الا وهو حماية الليرة اللبنانية من تقلبات سعر الدولار وقد نجح في ذلك.


وكما ان سلاح "حزب الله" لم يحترم ما نص عليه اتفاق الدوحة ففرض بانسحاب ثلث الوزراء من حكومة الرئيس سعد الحريري استقالتها لتخلفها حكومة اللون الواحد برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، كما لم تحترم سابقا المنظمات الفلسطينية بنود "اتفاق القاهرة" فكانت الحرب اللبنانية – الفلسطينية.
لكن ما حصل في الماضي لن يتكرر اليوم لأن "حزب الله" هو وحده الفريق المسلح والقادر على اعتماد الامن الذاتي، حيث يشاء، في حين ان الفريق الآخر غير مسلح كي يستطيع ان يفعل مثله وان تكن الاسباب التي تفرض الامن الذاتي هي واحدة. ففي الاشرفية وقعت انفجارات لسيارات مفخخة وكذلك في طرابلس ولم يتقرر اعتماد الامن الذاتي بل تقرر ان تكون اجهزة الدولة وحدها هي المسؤولة عن الامن في كل منطقة، ولو انها ردت بالمثل على حزب الله لكان لبنان دخل الوضع الذي سبق حرب الـ75 خصوصاً بعد تكرار مخالفة بنود اقرتها هيئة الحوار الوطني بالاجماع في القصر الجمهوري وعرفت باعلان بعبدا.
وعندما اكد نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" تعمّدت بالدم والتضحيات وهي سبب قيامة لبنان ولا تحتاج الى اذن من احد تذكر اللبنانيون معادلة: "وجود الجيش السوري في لبنان هو شرعي وضروري وموقت". وكانت الوصاية السورية تصر على ايراد هذه العبارة في كل بيان وزاري لكل حكومة يتم تشكيلها لأن الوصاية السورية كانت تحكم لبنان كما يحكمه اليوم سلاح "حزب الله" وقبله السلاح الفلسطيني.
يقول سياسي مخضرم عاصر عهوداً كثيرة، ان الدولة تكون قوية بقوة ابنائها وعندما يلتفّون حولها، وان الامن ليس كله اجهزة وقوات مسلحة انما هو وفاق وطني حقيقي وقرار سياسي واحد يجعل كل مواطن خفيراً لمواجهة اعداء لبنان في الداخل وفي الخارج، فإذا لم يحصل وفاق وطني حقيقي ولا قرار سياسي واحد فلا الامن الذاتي ولا الامن الذي تتولاه الدولة يمنع التفجيرات والسيارات المفخخة وزعزعة الاستقرار.
لقد رفع البطريرك بشارة الراعي في مستهل بطريركيته شعار: "شركة ومحبة"، لكن هذه الشركة لا يمكن ان تقوم بين اللبنانيين على الحقد والكراهية والنكايات. ولا يمكن حزباً او طائفة فرض رأيها وموقفها على الشركاء الآخرين في الوطن كأن تقول: ان المقاومة ليست في حاجة إلى اجماع وليست في حاجة إلى اذن من احد لتفعل ما تريد ولا ان يخاطب شريك شريكه الآخر بهز الاصبع في وجهه وتهديده، إنما الشركة الحقيقية في الوطن تقوم على المحبة والوئام والوفاق واحترام الرأي الآخر، خصوصاً ان "حزب الله" هو اول من دعا الى الوفاق والتوافق حول المواضيع المثيرة للخلاف والا بقيت مجمدة الى ان يتحقق ذلك. فكيف للحزب الآن ان يستقوي بسلاحه على الآخر وبخارج على داخل ان تكون له الكلمة والقرار من دون سواه، فإما تكون حكومة كما يريد والا فلا حكومة، واما يكون قانون للانتخاب كما يريد والا فلا انتخابات. وغداً يقول اما يكون رئيس للجمهورية كما يريد والا فلا رئيس وليكن الفراغ الاخطر والادهى على البلاد. فهل هذه هي "الشركة والمحبة" التي دعا اليها سيد بكركي؟!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم