الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

خضة جديدة تهز المعارضة السورية المسلحة

المصدر: النهار
A+ A-

"البيان الرقم واحد" الذي أصدرته مجموعات بارزة تقاتل نظام الرئيس السوري بشار الاسد، أثار تساؤلات في شأن توقيت وأبعاد قرارها رفض الاعتراف بـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" وتأليف إطار جديد يضم "جبهة النصرة" المرتبطة بتنظيم "القاعدة".

13 مجموعة مقاتلة، تتقدمها "جبهة النصرة"، وثلاثة منها وكانت منضوية تحت لواء هيئة الاركان العامة ل"لجيش السوري الحر" برئاسة اللواء سليم ادريس ، تنكرت ل"الائتلاف الوطني" والحكومة المفترضة برئاسة أحمد طعمة"، معتبرة أن "كل التشكيلات التي تتم في الخارج من دون الرجوع الى الداخل" لا تمثلها ولا تعترف بها".ودعت مناصريها الى "التوحد" ضمن اطار اسلامي يحتكم للشريعة.


ما حصل يقوّض القدرة التمثيلية للمكون الابرز في المعارضة السورية الذي يحظى بدعم الدول الغربية، ويثير مخاوف من تزايد تشدد المعارضة المسلحة، كما يمثل انتكاسة لحكومات غربية تحاول دعم جماعات المعارضة الاقرب الى التيار المدني. ومن شأن هذا القرار أن يؤدي الى اعادة النظر في مساعدات غربية محتملة للمقاتلين والتي تشمل تزويدهم بالسلاح من دول خليجية عربية ومساعدات أخرى غير فتاكة من أوروبا والولايات المتحدة.


وتمثل المجموعات التي شملها "البيان الرقم واحد" جزءا كبيرا من الثوار الناشطين في شمال سوريا، اضافة الى جزء كبير من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب ودمشق.وبعضها من كبرى المجموعات المسلحة في سوريا، بما فيها "أحرار الشام" و"التوحيد" وصقور الشام" التي تسيطر على مناطق واسعة في الشمال.


أما خلفياتها الايديولوجية فتكشف هويتها الاسلامية بامتياز، إذ تنتمي كتائب "لواء التوحيد" و"لواء الاسلام" و"صقور الشام" التي كانت تنشط في صفوف "الجيش السوري الحر" الى "جبهة سوريا الاسلامية الحرة"، وهو تجمع للاسلاميين المعتدلين، بينما تنتمي "أحرار الشام" الى "الجبهة الاسلامية السورية" التي تعد اسلاميين متشددين.وتستلهم "جبهة النصرة" فكر "القاعدة"، فيما وتنتمي جماعة "كتائب نور الدين الزنكي" التي كانت ايضا تتحرك في إطار "الجيش الحر" الى تحالف "أصالة وتنمية" السلفي.



نزعة التطرف


وكان النصف الثاني من عام 2012 شهد زيادة في نزعة التطرف بين صفوف المعارضة السورية المسلحة، وخصوصاً في شمال البلاد وشرقها. ولعل ما تبلور في البداية كقوة علمانية انعكست خصوصاً في تركيبة "الجيش السوري الحر" قد تشرذم تدريجاً إلى فصائل إسلامية متناحرة.وبالتالي، عزز بروز الاسلاميين الاصوليين على حساب "الائتلاف الوطني السوري" حجة الأسد بأن البديل لحكمه هو أن حكم تنظيم "القاعدة " في سوريا.
وكتب الباحث هارون زبلين من "معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى" أنه بينما نالت "جبهة النصرة" القدر الأكبر من الاهتمام، وخصوصاً بعد تصنيفها منظمة إرهابية من واشنطن مطلع كانون الأول 2012، لم تستأثر "كتائب أحرار الشام"، الا باهتمام قليل، علماً أنها مجموعة جهادية سلفية أخرى تنمو قوتها ويستمر دعمها يوماً بعد يوم في حلب وإدلب وأماكن أخرى.


ولكن ماذا يعني انفصال مجموعات تتمتع بقوة " قتالية عالية عن "الجيش السوري الحر" وانحيازها الى معتقدات اسلامية أكثر تطرفاً؟.
باختصار، يعني هذا القرار تمرد جزء كبير من "التيار الاساسي في الجيش السوري الحر" على قيادته السياسية التي تحظى بدعم واشنطن وأنقرة وباريس ولندن ودول أوروبية أخرى وقطر وأيضاً السعودية، وانحيازه علناً الى التيار الاسلامي الاكثر تشددا.
أما في ما يتعلق باعلان الشريعة مصدراً وحيداً للتشريع، فيقول المحلل الاسوجي آرون لوند أن "هذا الامر كان بيت القصيد لكثير من هذه الفصائل ، وكانت كلها اسلامية في اي حال".


لماذا الان؟


وأثار قرار هذه المجموعات تساؤلات في شأن توقيت قرارها، علماً أنه سبق لها أن رفضت قبل سنة الوقوف في صف "جبهة النصرة" في مسألة رفض الاعتراف بالائتلاف المعارض.
ويقول ناطق باسم "لواء التوحيد" القريب من جماعة "الاخوان المسلمين" أن التمرد سببه "المؤامرات والتنازلات التي تفرض على الشعب السوري من طريق الائتلاف الوطني".
وربما هو يشير الى ابداء رئيس الائتلاف محمد الجربا الاسبوع الماضي استعداد الاتئلاف للمشاركة في مؤتمر "جنيف-2" الذي تسعى واشنطن وموسكو الى عقده قريبا، إذا كان كانت ستنبثق منه حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة.


وفي المقابل، يقدم الخبير في شؤون المجموعات الاسلامية في سوريا توما بييريه، الاستاذ في جامعة ادنبره، قراءة مختلفة لتمرد هذه الفصائل، قائلا ان "الاتفاق الاميركي- الروسي على تدمير ترسانة الاسلحة الكيميائية السورية، والذي جمد تلويح واشنطن بتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، دفع بعض المجموعات المقاتلة الى مراجعة حساباتها.وأضاف:" بعد مأزق الاسلحة الكيميائية، فقد بعض المسلحين الامل في أن يتمكنوا من الافادة من عناصر ايجابية من التفاهم مع الغرب".


"جيش جديد"


وفي اي حال، يبدو أن هذا القرار ليس الا خطوة أولى في اتجاه انشاء مجموعة أكثر تنظيماً، وإن يكن لم تتضح بعد تفاصيل عن أعداد المقاتلين الذين ستشملهم الجبهة الجديدة ولا كيف سيتعاونون مع بعضهم.
وعلى حسابه على "تويتر"،لمح كبير القادة العسكريين ل"لواء التوحيد" عبدالقادر صالح الى المجموعة باسم "التحالف الاسلامي"، وإن يكن هذا التعبير قد يكون توصيفاً لها أكثر منه اسما رسمياً.
وبدوره، كتب محمد علوش من "لواء الاسلام" المقرب من السعودية على "تويتر":"انتظروا الاعلان عن الجيش الجديد".


"داعش" الغائب الاكبر


ومع أن المجموعات المتمردة تمثل شريحة مهمة من المعارضة المسلحة، وتضم افضل مقاتليها، لا شك في أنها ليست المعارضة المسلحة كلها، فثمة عشرات وربما مئات المجموعات الصغيرة الاخرى لم تنضم الى هذا القرار.كذلك، لا تزال ثمة مجموعات كبيرة أخرى موالية ل"الجيش الحر" وبالتالي للائتلاف، على غرار "كتائب أحفاد الرسول" و"كتائب الفاروق".أما الغائب الابرز فهو "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" (داعش) المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، احد اكثر الجماعات تشددا في سوريا والتي اشتبكت أخيراً مع مجموعات اخرى ذات توجه اسلامي معتدل.
وإذ لم يتضح على الفور ما اذا كان ذلك خيارها أو أن جماعات أخرى استبعدتها عمدا، تساءل أرون لاند :"هل يرمي التحالف الجديد الى عزل الدولة الاسلامية، ورفع أسهمه الاسلامية في الوقت نفسه؟" .وهل ينوي ارساء نوع من الطريق الثالث بين هيئة الاركان المدعومة من الغرب والقاعدة؟، وفي هذه الحال "ما وضع جبهة النصرة التي تعتبر فرعاً للقاعدة؟".


وفي أي حال، لا يشكل التحالف الجديد أي تهديد ل"الدولة الاسلامية" ،لا بل يمكن أن يصب في مصلحتها كونه يضعف المعسكر الذي يحظى بدعم الغرب ويكسب المطالب الاسلامية ثقلا اضافيا.
ومع أن المعارضة السورية تعاني التشرذم والخصومات منذ بدء الانتفاضة على الاسد قبل سنتين ونصف السنة، يقول الخبير في مركز "آي اتش اس جينز" للارهاب والتمرد تشارلز ليستر ان القرار الاخير يفرغ المعارضة المسلحة من عدد من مكوناتها الابرز، الامر الذي "سيكون له تأثير ملموس على قدرة هيئة الاركان على اعتبار نفسها نواة المعارضة المسلحة".
كذلك، يخشى محللون أن تؤثر هذه الخطوة الجديدة على رغبة الدول الغربية في تسليح مقاتلي المعارضة من خلال اللواء ادريس، وتؤدي الى تعثر محاولات التوصل الى حل سياسي للازمة السورية المستمرة منذ نحو 30 شهرا، نظرا الى ان الائتلاف المعارض سيفقد بعضا من نفوذه على المجموعات الميدانية.
ويقول الخبير في مركز "كارنيغي" الشرق الاوسط يزيد صايغ ل"وكالة الصحافة الفرنسية":"صحيح ان المعارضة لم تكن تحقق تقدما (سياسيا)، لكن فقدانها التأثير سيفرض تحديات اضافية، وقدرتها التمثيلية ستصبح مشكلة اساسية".


[email protected]
twitter:@monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم