الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

حسابات الربح والخسارة الإقليمية تُلقي بظلّها\r\nالانفتاح الأميركي - الإيراني مفتاح التحوّل

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

هل يمكن ان تكون التطورات المتلاحقة في المنطقة حتى الان قد بدأت تصرف في لبنان على قاعدة حسابات الربح والخسارة، ام ان الوقت لم يحن لذلك بعد؟


بالنسبة الى مصادر معنية، يبدو ان المنحى هو لمصلحة تقويم حسابات الربح والخسارة استنادا الى اتجاهين على الاقل: الاول هو ان هناك مكسبا اساسيا في الانفتاح الاميركي الايراني، الذي وان يكن لا يزال في عباراته الافتتاحية من دون الانتقال الى اي مرحلة عملية، فان مؤشراته تحمل خسارة حتمية للمتضررين الاقليميين من اي انفتاح اميركي ايراني، وما يعنيه ذلك من امكان اعتراف بدور ايران الاقليمي وليس فقط بايجاد حلول لملفها النووي، علما ان التوصل الى اتفاق حول الملف النووي سيجعل من شؤون المنطقة امرا تفصيليا او جزئيا بحيث يتأثر دور ايران ايجابا وموقعها، من طهران امتدادا الى العراق وسوريا فلبنان حيث لها اوراق ونفوذ. وبحسب هذه المصادر فان الرهان كبير على تطورات ايجابية بين الاميركيين والايرانيين ووجود ارادة لدى الطرفين للذهاب الى تسوية ليست مبنية على المواقف الاخيرة التي عبر عنها كل من الرئيس باراك اوباما والرئيس حسن روحاني في خطابيهما امام الجمعية العمومية للامم المتحدة فحسب، بل هي مبنية على جملة امور قد يكون ابرزها وفق ما تقول هذه المصادر ايصال روحاني الى السلطة في ايران تبعا لخطة مقصودة وهادفة، اذا ما تم اعادة النظر في من افسح المجال له للترشح ومن لم يفسح له. يضاف ذلك الى ما تراه طهران فرصة ذهبية لانجاز تسوية في عهد الرئيس الاميركي الحالي. فزمن التسوية قد حل وفق هذه المصادر، وان يكن مسارها طويلا وصعبا احيانا لكنه بدأ خطواته الاولى.
وترجمة هذه التطورات ستنعكس سلبا على دول الخليج العربي في اعتقاد المصادر، تماما كما كان الامر بالنسبة الى الاتفاق الاميركي الروسي حول الاسلحة الكيميائية السورية، والذي انحصر بين الدولتين الكبريين دون سائر الافرقاء المعنيين بالوضع السوري ومن دون الاتفاق على ايجاد حل للازمة التي تعصف بسوريا. اذ ان الدول العربية لم تنجح في فرض نفسها لاعبا اساسيا لا غنى عنه في الطريق الى مسار التسوية مع ايران. وما لم تسع هذه الدول الى ان تكون شريكة في اي تسوية مقبلة، فإن النتائج قد لا تأتي لمصلحتها، ولا لمصلحة اسرائيل، وهي من اكبر المتضررين من تسوية محتملة من ايران حول ملفها النووي، واستتباعا حول ملفات المنطقة.
الاتجاه الثاني يتمثل في واقع بقاء الرئيس السوري بشار الاسد بموجب الاتفاق الاميركي الروسي علنا ورسميا، على الاقل حتى انتهاء ولايته في تموز من السنة المقبلة، وتحوله بموجب هذا الاتفاق شريكا في تنفيذه، علما ان التسويات المقبلة، وهي ليست للغد او ما بعده على نحو حتمي، قد تترك مجالا كبيرا لبقاء نظامه، ان لم يكن لبقائه شخصيا على رغم صعوبة ذلك، نظرا الى ملفه المثقل بدماء السوريين. لكن هذه الاحتمالات ليست سيئة مقارنة بمطالب غربية سابقة بتنحيه او رحيله، كشرط مسبق لاي اتفاق او كنتيجة من نتائجه وتراجع الاصرار الغربي على هذا المطلب او حتى مجرد ذكره، نظرا الى اعتبارات معقدة كثيرة متصلة بالوضع السوري. وازاء هذا التحول في المواقف، يميل فريق في الداخل الى اعتبار رهانه على عدم سقوط الرئيس السوري حتى مكسبا، في مقابل خسارة الفريق الآخر رهانه على سقوطه.
وثمة عامل ثالث مؤثر في رأي هذه المصادر، هو ان الرهان على مؤتمر جنيف - 2 يبدو اقرب الى السراب منه الى الحقيقة. اذ حتى لو تم الاتفاق في رأيها على موعد لهذا المؤتمر اواخر تشرين الاول او بداية تشرين الثاني المقبل، من غير المرجح امكان توصله الى اي نتائج عملية، خصوصا اذا سبق هذا المؤتمر التوصل الى معالم اتفاق مع ايران حول ملفها النووي، وهذا ما يجعل الازمة السورية مرشحة للاستمرار طويلا مع موازين قد تقلب لحسابات مختلفة.
وفي حسابات الربح والخسارة في ظل رهانات كبيرة للقوى المحلية على التطورات الاقليمية، فان فريقا قد يشعر انه منتصر في ظل خسارة فريق آخر، ويظل يرفع شروطه او يصر عليها من دون كلل. في حين ان الفريق الآخر، وعلى ذمة هذه المصادر، يعي جيدا هذه الحسابات ويدركها كما هي، لكنه لن يكون قابلا للاقرار العلني بذلك، اولا لان اي شيء لا يبدو محسوما حتى الآن، وثانيا لان الرأي العام لديه لن يقبل ذلك بسهولة، ويحتاج الى بعض الوقت لاستيعابه. وهذا على الاقل ما تعتقده هذه المصادر، اي ان هناك ملامح خسارة محور في مقابل كسب المحور المقابل، بما يعنيه من محاولة ترجمة ذلك على الواقع اللبناني من دون ان يؤدي ذلك الى حتمية تأليف الحكومة العتيدة بل على العكس من ذلك، اي الى استمرار التعقيدات التي لن تسمح بان يكون هناك حكومة جديدة في المدى المنظور، وخصوصا في ظل رهانات على تطورات اقليمية منتظرة كزيارة روحاني المرتقبة للمملكة العربية السعودية.
في المقابل، تعتبر مصادر سياسية ان من السابق لاوانه الجزم في تقويم حسابات الربح والخسارة في ظل آلية متطورة ومتصاعدة للامور الاقليمية والدولية، وفي انتظار ان تتضح معالمها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم