الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

هل تطلب إيران ثمن الحلّ في سوريا ولبنان الموافقة على مشاركتها في "جنيف - 2"

اميل خوري
A+ A-

لماذا أصبح تشكيل الحكومات في لبنان عقدة العقد ويبلغ أحياناً حد تعريض البلاد لأزمة مفتوحة على شتى الاحتمالات؟


يجيب سياسي مخضرم أن رئيس الجمهورية كان بموجب الدستور السابق يعيّن الوزراء ويختار من بينهم رئيساً وهذا ما أزعج الشريك المسلم الذي راح يصفه بأنه "ملك على جمهورية"، ويصف رئيس الحكومة بـ"باشكاتب". وعندما عدّل هذا الدستور وأصبحت تسمية رئيس الحكومة منوطة باستشارات نيابية ملزمة يجريها رئيس الجمهورية ويأخذ بنتائجها، صار تشكيل الحكومات من صلاحية الرئيس المكلف ولكن بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وذلك تعويضاً له عن بعض حقه في الدستور السابق. وعندما خضع لبنان بموجب "اتفاق الطائف" للوصاية السورية صار تشكيل الحكومات من شأن هذه الوصاية التي كانت توزّر من تشاء وتقصي من تشاء ولا معارضة نيابية فاعلة بل مجرد اعتراض ممن هم ضد هذه الوصاية وخارج مجلس النواب. وعندما تخلص لبنان من الوصاية السورية حلّت محلها وصاية مقنّعة تمارسها قوى 8 آذار حليفة سوريا في لبنان وتعمل بتوجيهاتها، وإذا بها لا تعترف بنتائج الانتخابات النيابية لعام 2005 و2009 التي فازت بها قوى 14 آذار بالأكثرية واعتبرتها أكثرية نيابية وليست أكثرية شعبية، فأوعزت السلطة السورية الى قوى 8 آذار بأن تطالب بتشكيل حكومة "وحدة وطنية" يكون لها فيها "الثلث المعطل" لمنع صدور قرارات عن مجلس الوزراء لا تعجب سوريا خصوصاً في ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان. وقد وجدت قوى 14 آذار نفسها طوال فترة ما بعد زوال الوصاية السورية، اي منذ عام 2005، انها بين خيارين: إما القبول بشروط قوى 8 آذار ووراءها سوريا، وإما مواجهة الفراغ وزعزعة الامن وتهديد السلم الأهلي. وهكذا ظلت سوريا تحكم لبنان بوصاية مقنّعة. ومع ذلك فان تشكيل مثل هذه الحكومات تكرر على أساس ان "الكحل أفضل من العمى" وسكتت قوى 14 آذار حرصاً على الأمن والسلم الأهلي على تشكيل حتى حكومة اللون الواحد برئاسة نجيب ميقاتي وعرفت بحكومة "حزب الله"، ووقّع الرئيس ميشال سليمان مرسوم تشكيلها عن غير اقتناع مكتفياً بالقول "أنها تجربة جديدة"، فكانت هي ايضاً تجربة فاشلة تفوق بفشلها تجربة حكومات "الوحدة الوطنية".
وعندما تراجع النفوذ السوري في لبنان بفعل الحرب الداخلية التي اندلعت في سوريا، تقدم النفوذ الايراني الذي له في 8 آذار ركن أساسي هو "حزب الله".
يبدو أن لا شيء تغير حتى الآن بالنسبة الى سلوك "حزب الله"، فالمطالب المعرقلة لتشكيل الحكومة لا تزال واحدة: "حكومة وحدة وطنية" تتمثل فيها قوى 8 آذار بالثلث المعطل، والا فلتبق حكومة تصريف الاعمال الحالية الى ما شاء الله... لا بل فليواجه لبنان حتى الفراغ الرئاسي في أيار المقبل اذا لم تستجب مطالب 8 آذار.
ثمة من يعتقد بأن ايران تحاول ان تقبض ثمناً سياسياً في مقابل تسهيل تشكيل حكومة في لبنان، ولكن هذا الثمن غير معروف حتى الآن، هل يكون في سوريا من خلال اعطاء دور لها في حل الازمة فتُدعى مثلاً الى مؤتمر جنيف – 2؟ هل يكون الثمن بالتوصل الى تفاهم حول ملفها النووي او حول حصتها في المنطقة اذا ما رُسمت خريطة جديدة أعادت توزيع مناطق النفوذ بين الدول الكبرى؟
الواقع ان ايران تملك في لبنان ورقة سلاح "حزب الله" وتملك في سوريا ورقة تمويل المقاتلين مع النظام وتسليحهم ولن تتخلى عن هاتين الورقتين إلا اذا قبضت ثمن ذلك من خلال محادثات تجريها مع الولايات المتحدة الاميركية، ومن خلال حصول تقارب بينها وبين السعودية. فهل يستطيع لبنان انتظار الخروج من أزمته وهو على أبواب استحقاق مهم هو الانتخابات الرئاسية في أيار المقبل، الى ان يتحقق ما تريده ايران؟! وهل كُتب للبنان ان يظل رهينة خاطفيه الى ان تستجاب مطالبهم... وهو ما حصل له عندما جعلته سوريا رهينة فاتخذت من السلاح الفلسطيني في لبنان ورقة ضغط ومساومة، ومن الحروب الدائرة فيه ورقة اضافية بحيث جعلت الحل في يدها وليس في يد اي قوة اخرى بما فيها الولايات المتحدة الاميركية التي فشلت في اخراج لبنان من أزمته لا بارسال قوات متعددة الجنسية اليه، ولا باشعال حرب لبنانية – فلسطينية ولّدت حروباً طويلة لم تتوقف إلا بعد عقد صفقة اميركية – سورية بموافقة عربية وعدم ممانعة اسرائيلية، ودفع لبنان ثمن هذه الصفقة وصاية سورية عليه دامت 30 عاماً...
وثمة من يعتقد بأن ايران البعيدة عن لبنان قد تكون أرحم من سوريا القريبة منه، بحيث تساعد على تشكيل حكومة فيه لأن ليس لها كما لسوريا مطامع فيه إنما مطامعها هي في سوريا والمنطقة، وفي التوصل الى رفع العقوبات الاقتصادية المؤذية لها من خلال التوصل في أقرب وقت الى تفاهم حول ملفها النووي خصوصاً بعدما تم التوصل، الى تفاهم أميركي – روسي حول السلاح الكيميائي السوري.
إن تصرف "حزب الله" حيال تشكيل الحكومة هو الذي يكشف حقيقة نيات ايران في لبنان ولا يبقيه رهينة حل كل مشكلات المنطقة، ولا يُفرج عنه إلا بثمن مرتفع.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم