الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

هل يستوعب لبنان اشتداد الأزمة السورية بإعلان أقطاب الحوار تأكيد حياده؟

اميل خوري
A+ A-

يقول ديبلوماسي أوروبي انه إذا كان اللبنانيون يريدون الخلاص لبلدهم فما عليهم إلا أن يتنادى زعماؤهم للاتفاق على موضوع واحد هو الأهم في الوقت الحاضر من أي موضوع آخر، ألا وهو تحييد لبنان فعلاً لا قولاً عن صراعات المحاور وعن كل ما يجري حوله خصوصاً إذا كان حل الأزمة السورية سيطول، وان توترها على الارض قد يزداد قبل انعقاد مؤتمر جنيف – 2 بحيث يكون له تداعيات يصعب على لبنان تجنبها، وهذا ما جعل الأمين العام للامم المتحدة بان كي – مون يحض الزعماء اللبنانيين على تقوية المؤسسات الوطنية والتصرف بطريقة تحمي لبنان من آثار الازمة السورية، مشيداً بجهود الرئيس ميشال سليمان للحفاظ على سياسة النأي بالنفس.


لذلك بات على الرئيس سليمان دعوة اقطاب الحوار الى اجتماع لاتخاذ موقف واضح صريح ونهائي من "اعلان بعبدا" لا أن يظل موقف بعضهم منه ملتبساً وتحديدا "حزب الله" تارة بالقول إن الموافقة عليه كانت "تسامحاً لغوياً ومرونة تكتيكية وظرفية ولم تكن تحولاً في استراتيجية الحزب"، وطوراً بالقول "إن لا حياد إذا تعرض اي بلد عربي للعدوان"، ما جعل الرئيس سليمان يرد على هذه المواقف بالقول: "إن ما يحمي لبنان واقتصاده هو اعلان بعبدا الذي نص على الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وان هذا الاعلان يجنب لبنان التداعيات السلبية للازمات الاقليمية، وان التورط اللبناني في سوريا انعكس توتراً بين الطوائف والمذاهب اللبنانية".
وفي الاجتماع الذي عقده الرئيس سليمان في بعبدا مع ممثلي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، دعا الى "بذل جهود إضافية لتسريع التوصل الى حل سياسي للازمة السورية اذ ان تداعياتها تتعدى عبء اللاجئين السوريين الى لبنان لتمتد الى فترات لاحقة لمساعدته في النهوض من الخسارة الكبيرة التي تعرض لها لبنان بسبب ما هو حاصل في سوريا".
وكان الرئيس سليمان قد ألبس "اعلان بعبدا" في لقاءاته على هامش اجتماعات منظمة الامم المتحدة رداء دولياً ودعماً قوياً لأنه السبيل الوحيد لانقاذ لبنان من تداعيات ما يجري حوله، بحيث يمكن وصف رحلته لحضور جلسات الأمم المتحدة برحلة تحييد لبنان.
والسؤال المطروح هو: هل يتفق اقطاب الحوار على اتخاذ الاجراءات التطبيقية لـ"اعلان بعبدا" بعيدا من خلافات سخيفة وتجاذبات سياسية حول الحصص والمكاسب وحول أي شكل يكون للحكومة واي رئيس يكون للبنان قبل الاتفاق على أي لبنان نريد؟ وهل يدعو الرئيس سليمان اقطاب الحوار الى الاجتماع لاتخاذ موقف نهائي من صيغة "اعلان بعبدا" وتحميل كل قطب مسؤولية موقفه أمام الله والوطن حتى إذا صار اتفاق على تحييد لبنان، فإن اللبنانيين ولا سيما المسيحيين يرتاح بالهم ولا يعود يشغلهم خوف من تداعيات ما يجري حوله، ولا يعود ثمة خلاف داخلي حتى على الغاء الطائفية، وعلى قانون الانتخاب او على تشكيل الحكومات او على حقائب ومناصب. ذلك ان الحياد يجعل كل اللبنانيين وخصوصاً المسيحيين يطمئنون الى حاضرهم ومستقبلهم وتنتفي أسباب الصراع المذهبي على السلطة ويتحول صراعاً سياسيا بجعل الأصلح والأنظف والكفي يشغل المناصب العليا في الدولة الى أي مذهب انتمى والى اي حزب. فالحياد هو حصانة للجميع وتحصين للبنان من اعداء الداخل والخارج، فعلى الزعماء المسيحيين أن يكون لهم موقف واحد موحد من حياد لبنان الايجابي وان يفكوا ارتباطهم مع اي حزب له تحفظات عنه، وان يكون لبكركي دور في جمع هؤلاء حول هذا الموقف كي يذهبوا الى طاولة الحوار وهم موحدون ومتحدون، خصوصاً ان بكركي تكرر الدعوة في كل مناسبة الى الولاء للبنان أولاً وآخراً والى اخراجه من ازمته السياسية والاقتصادية والأمنية وتحييده عن النزاعات المذهبية والمحاور الاقليمية عملاً بالميثاق الوطني و"اعلان بعبدا".
إن هذا هو أول الاولويات اذ ان الاتفاق على حياد لبنان يفتح أبواب الاتفاق على الغاء الطائفية السياسية وعلى حل مشكلة السلاح خارج الدولة، وعلى وضع قانون للانتخابات يكون عادلاً ومتوازناً، ويحل مشكلة تشكيل الحكومات التي يواجهها لبنان كل مرة ولا يستطيع الخروج منها بسهولة، ويجعل الرئاسات الثلاث في الدولة مفتوحة أمام كل شخص وصالح الى اي مذهب انتمى اذ لا يعود ثمة خوف على لبنان من سياسة هذا الحزب او ذاك او هذا المذهب او ذاك لأن الحياد يحصن لبنان من كل التداعيات الداخلية والخارجية. اما اذا لم يتم التوصل الى اتفاق على حياد لبنان ليرتاح اللبنانيون من مشاكل الآخرين، فان الوضع يتطلب عندئذ عقد مؤتمر تأسيسي للاتفاق على ميثاق وطني جديد وصيغة جديدة تجعل العيش المشترك بين اللبنانيين دائماً وثابتاً والوحدة الوطنية مصونة، وإلا دخل لبنان المجهول وصار لكل طائفة لبنانها... ليس بتقسيمه وهو أصغر من أن يقسم، إنما باعتماد الفيديرالية إذا كان الكي هو آخر العلاج، او يدخل في رسم خريطة جديدة للمنطقة لتقاسم النفوذ فيها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم