الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

إنكفاء لافت للوساطات الديبلوماسية عن لبنان هل يمكن أوروبا الدفع نحو حكومة انتقالية؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

ندرت الحركة التي اعتادت البعثات الديبلوماسية الأساسية في لبنان القيام بها في الآونة الاخيرة باستثناء ما اتصل بمتابعة بعض الملفات اكان اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في نيويورك أو ما اتصل بملف اللاجئين السوريين في ما يعتبره أو يبرره كثر بغياب اي تطورات أساسية وفي غياب حكومة يفترض متابعة ملفات معينة مع وزرائها. الا أن أوساطاً سياسية تشكو غياباً حقيقياً للاعبين ديبلوماسيين عهدهم لبنان في ازمات مماثلة ولا ترى أي حركة أو نشاط ملموس لهم بل انكفاء نسبي قد يجد تبريراته في تقويم لدى هؤلاء اللاعبين بأن الازمة الاقليمية تثقل بتداعياتها على لبنان بحيث لا يمكن المخاطرة بوساطة او مبادرة قد تنتهي أو يرجح أن تنتهي بالفشل وتنال من صدقية القائمين بها في حين أن فرص نجاحها ضئيلة أو معدومة. وما يتم التطلع اليه على هذا الصعيد يتصل بالدول الأوروبية كونها الأكثر قبولاً من سائر الأفرقاء الاقليميين والمحليين وقد سلّط الضوء على ذلك استقبال في الخارجية الفرنسية قيل إنه كان مميزاً للنائب في "حزب الله" علي فياض أخيراً. فالسؤال الذي أثير تبعاً لذلك هو هل يمكن أن تساعد الدول الاوروبية لبنان وكيف؟


بغضّ النظر عن واقع أن بعض هذه الأوساط لا تخفي مآخذ على بعض الدول الأوروبية التي وفي معرض إظهار موضوعيتها أو وقوفها على مسافة واحدة بين الجميع ولحفظ خط الاتصالات مع هؤلاء تساوي بينهم في ما خصّ إدانة التدخل في سوريا في حين أن هذا التدخل أحادي من جانب "حزب الله" وحده في رأي هذه الأوساط ولا شيء يوازيه بما فيه توجه بعض الطرابلسيين الى سوريا في وقت من الأوقات، فإن ثمة تمييزا لهذه الأوساط بين الأزمة السياسية المباشرة المتصلة بتعطيل تـأليف حكومة وتعطيل عمل المؤسسات الدستورية وبين ما هو أبعد من هذه الازمة والتي لا يمكن الوصول الى تسويات أو حلول في شأنها لاعتبارات عدة من بينها وجود أهداف متناقضة كليا بين الأفرقاء في لبنان ورفض فريق وجود ايران فيه ووجود "حزب الله" في سوريا. فلا يمكن أي وساطة أن تؤدي الى شيء في ظل تشدد ايراني مقبل في لبنان في المقابل خصوصا في هذه المرحلة وفي المدى المنظور تعكسه مواقف الحزب. وتالياً فإن أي مقاربة انطلاقاً من هذا المعطى ستكون خاطئة ولن تكون سوى في إطار تضييع الوقت.
إلا أنه في غياب التسويات الكبيرة غير المتاحة فإن الحد الاقصى الممكن هو الطموح الى تطبيع الوضع المؤسساتي انطلاقاً من ان تعطيل الحكومة يؤدي الى تعطيل مجلس النواب ويعطّل الدولة ككل. فإذا من قوة دفع مطلوبة من الأوروبيين فهي ما يتم التطلع اليه في ضوء مواقف أوروبية راعت "حزب الله" من خلال حصر تصنيف ما اعتبرته شقه العسكري إرهابياً من أجل أن تترك لنفسها هامش التواصل مع الحزب والتأثير عليه في إطار مصالحه المباشرة الى ممارسة الضغوط حيث يلزم من أجل وقف عملية التعطيل وتسهيل قيام حكومة لإدارة الوضع، ما لم تكن الدول الأوروبية مقتنعة بضرورة قيام حكومة وحدة وطنية كما يطالب الحزب أو ما لم تكن اكتفت بتصنيف الشق العسكري للحزب خوفا على اليونيفيل وليس لحفظ هامش القدرة على التواصل والتأثير. فاستقبال نواب الحزب يسلط الضوء على أهداف لأوروبا في لبنان والتي يمكنها أن تحافظ عليها عبر مقاربة معقولة لا تعرض مصالحها للخطر. فإذا كان ثمة من يريد مساعدة لبنان في أزمته الراهنة خارج إطار البيانات العامة، فإن استخدام الدول الاوروبية علاقاتها أو انفتاحها يشكل منطلقا وفق ما ترى هذه الأوساط لأن ذلك يمكن أن يكون المدخل الى حكومة مقبولة بإدارة محدودة توفر أقصى ما يمكن من تطبيع عمل المؤسسات، وتدير البلد في المرحلة الانتقالية القصيرة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الرئاسي وتفتح الباب لأن يستعيد مجلس النواب نشاطه وربما عودة التواصل عبر الحوار أقلّه من أجل الشكل وتخفيف وطأة المشاكل على الناس وإن كانت لا تعالج الشرخ الكبير القائم راهناً.
وما لم تكن هذه هي خارطة الطريق التي يمكن العمل عليها راهناً، فإن ما يسري من كلام أو نظريات يسوقها البعض عن بدء الاهتمام باستحقاق رئاسة الجمهورية بدلاً من التركيز على حكومة لن يكون عمرها طويل هو في رأي الأوساط السياسية المعنية هروب الى الأمام. إذ أنه في حال الاتفاق الآن على رئيس للجمهورية على نحو مسبق فإن هذا الاستحقاق لن يحصل قبل خمسة أشهر ولن يكون هناك تقصير لولاية رئيس الجمهورية. في حين أنه في حال انتخاب رئيس جديد، فإن المشكلة حول الحكومة ستكون هي نفسها لأن الانقسامات العميقة على حالها بين استقواء "حزب الله" بما يعتبره مكاسب له في ظل تشدد ايران في كل الملفات والأوراق التي تملكها بالتزامن مع التنازل الذي ستقدمه حكماً في موضوع الملف النووي وبين رفض قوى 14 آذار التسليم لنفوذ ايران وشروط الحزب حول دوره وسلاحه وسيطرته على القرار خصوصاً في ظل محاولاته الراهنة اسباغ طابع الانهزام على خصومه من أجل الضغط عليهم للسير بما يريده. وما لم يتم حلّ إشكالية الحكومة حالياً فإنها ستطرح نفسها مع الرئيس الجديد، في حال تمّ انتخاب رئيس جديد، وتجعل من المتعذر انطلاق عهده في ظل تساؤل يطرح اذا كان سيكون أقدر من الرئيس الحالي في معالجة الامور.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم