الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

لماذا طلب السوريون الإبقاء على مصانع أسلحة كيميائية؟

نسرين ناضر
A+ A-

نقلت مجلة "فورين بوليسي" عبر موقعها الإخباري "ذا كايبل" أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم طلب من المفتّشين الدوليين الإبقاء على نحو عشرة مصانع للأسلحة الكيميائية في سوريا وعدم تدميرها، بهدف تحويلها مصانعاً كيميائية مدنية، كما يقول السوريون. بيد أن هذه الخطوة تثير مخاوف لدى بعض الخبراء المتخصّصين في حظر الانتشار النووي، من أن دمشق ربما تسعى إلى الحفاظ على القدرات الصناعية لإعادة العمل ببرنامج الأسلحة الكيميائية في مرحلة لاحقة.


وأثار الطلب السوري – الذي ورد في رسالة سرّية وجّهها المعلم إلى أحمد أوزومجو، مدير عام منظمة حظر الأسلحة الكيميايئية – مخاوف أيضاً لدى بعض الحكومات الغربية من أن سوريا ربما تسعى إلى زجّ المنظمة في مفاوضات مطوّلة قد تؤدّي إلى المماطلة في عملية تدمير الأسلحة الكيميائية السورية.


يُشار إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية – التي تشرف، مع الأمم المتحدة، على تدمير برنامج الأسلحة الكيميائية السورية – سمحت مراراً للدول التي تتطوّع لتدمير مصانعها المنتِجة لغاز الأعصاب، بتحويل هذه المنشآت نحو تصنيع اللقاحات والأدوية وسواها من المنتجات التي تساهم في إنقاذ الحياة. لكن على الدول أن تقدّم أولاً البراهين الدامغة لتبرير الحفاظ على هذه المنشآت. إلا أن الرسالة السورية لم تتضمّن أي تفاصيل حول وجهة استخدام المصانع الكيميائية المدنية، بحسب أحد المسؤولين الذي اطّلع على مضمونها. وفي هذا الإطار، يجب الحصول على موافقة المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المؤلّفة من 41 دولة بينها الولايات المتحدة، من أجل إدراج أي استثناء في برنامج تدمير الأسلحة الكيميائية السورية. وهذه القرارات تُتَّخذ عادةً بالإجماع.
ولفتت آيمي سميثسون، الخبيرة في حظر الانتشار النووي في معهد مونتيري للدراسات الدولية، إلى أنه سيكون على المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن يدرس جدّياً ما تنوي سوريا تصنيعه، مضيفةً "إذا كانوا يريدون تصنيع العلكة أو المنتجات الإنسانية الضرورية من أجل رفاه المواطنين السوريين، فهذا أمر مختلف، لكن إذا طلبوا تصنيع المبيدات والأسمدة، فسرعان ما سينتهي بهم الأمر الى امتلاك القدرة على تصنيع موادّ حربية".
ويأتي الطلب السوري في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنها زارت 21 موقعاً من المواقع الكيميائية المعلَنة في سوريا، وخلصت إلى أن دمشق قد أنجزت تدمير كل المعدّات المخصّصة لحشو الأسلحة الكيميائية ومزجها قبل يوم من الموعد المحدّد.
ويلتقي إعلان المنظمة مع التقييم المتفائل لأمين عام الأمم المتحدة بان كي-مون الذي أبلغ مجلس الأمن الدولي في رسالة بتاريخ 28 تشرين الأول الماضي، بأن "حكومة الجمهورية العربية السورية قدّمت تعاوناً متّسقاً وبنّاء".
من جهتهم، حذّر عدد من خبراء حظر الانتشار من أنه لا تزال هناك مراحل أصعب في تدمير الترسانة الكيميائية السورية، ومن أنه من المستبعد تدمير مخزونات الأسد كاملة في حلول نهاية الصيف المقبل.
فقالت فايزة باتل، التي كانت سابقاً مسؤولة كبيرة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إن هناك عائقَين يعترضان تفكيك الترسانة الكيميائية السورية. فمخزون الأسد يحتوي على نحو 290 طناً مترياً من العوامل الكيميائية، وغالب الظن أن جزءاً كبيراً من هذه العوامل الفتّاكة قد استُخدِم في رؤوس حربية وقذائف مدفعية وصواريخ، بحسب باتل. ويعني ذلك أنه يجب فصل العوامل الكيميائية من الذخائر وتعطيلها، وهذه العملية خطرة وتستغرق وقتاً، قبل تدمير الرؤوس الحربية وقذائف المدفعية أيضاً.
وأضافت باتل أن العائق الثاني ناجم عن اختيار المكان الذي ستُدمَر فيه الترسانة الكيميائية. فتفكيك المخزونات في سوريا يقتضي بناء عشرات المنشآت أو تركيب أعداد كبيرة من الوحدات المتنقّلة لتدميرها، وهذا يستغرق عاماً أو أكثر. بحسب باتل، يمكن تدمير الأسلحة بسرعة أكبر بكثير إذا نُقِلت إلى بلدان مثل روسيا أو الولايات المتحدة اللتين تملكان منشآت ضخمة لهذا الغرض. إلا أنه يصعب نقل الأسلحة إلى نقطة تجمّع مركزية مع تواصل القتال، كما أن شحنها في السفن يطرح مخاطر أمنية هائلة.
وقال المعلم في رسالته إلى أوزومجو إن الحكومة السورية ستتحمّل كامل المسؤولية في نقل المواد الكيميائية من مواقع الأسلحة في مختلف أنحاء البلاد إلى مرفأ اللاذقية. وطلب من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تزويد السوريين بالآليات المدرعة وأجهزة الاتصالات وسواها من المعدات لمساعدتهم على نقل المواد.
ولفت ديبلوماسي في الأمم المتحدة إلى إن قواعد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تتيح لسوريا طلب تحويل المنشآت نحو الاستعمالات المدنية، لكنه أضاف أن الطلب السوري سيواجه على الأرجح معارضة في هذا السياق، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من المصانع موجود في مجمّعات عسكرية غير مناسبة للأنشطة التجارية. وأضاف أن الطلب السوري للحصول على معدّات من أجل نقل الأسلحة الكيميائية "واسع النطاق"، وأن بعض المعدّات، مثل الأجهزة اللاسلكية والمدرعات، تصعب الموافقة عليه نظراً لتطبيقاته العسكرية "المزدوجة الاستعمال".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم