الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

إقرار الحياد مع اللامركزية الإدارية الواسعة يحميان من الصراعات الداخلية والخارجية

اميل خوري
A+ A-

قال الوزير السابق الياس المر رئيس مؤسسة الانتربول حالياً في حديثه التلفزيوني في برنامج "كلام الناس" رداً على سؤال: "أنا مقتنع بأن النظام السياسي لم يعد يشبهنا ولبنان يحتاج الى نظام سياسي جديد. إذا أردنا أن نغش بعضنا بعضاً ونقول ليس لدينا طائفية ومذهبية ومناطقية، سنذهب إلى الخراب. فإذا أردنا بلداً علينا التفكير بنظام سياسي جديد من ضمن الطائف. فالانسان يتطور عبر الزمن وكذلك الدستور الذي وضع في زمن كانت الظروف فيه ملائمة. علينا الاعتراف بوجود مشكلة مذهبية ومشكلة سنية – شيعية على مستوى المنطقة، وعلينا تطوير نظامنا وإلا فالانهيار، وأنا لا أدعو الى التقسيم ولكن الى التطوير".


هذه الدعوة لم تصدر عن الوزير السابق المر وحده بل سبقته إليها قيادات حزبية وسياسية ومراجع دينية، ولكن من دون القول أي نظام سياسي جديد يلائم تركيبة لبنان الدقيقة.
وبما أن كثيرين أخذوا يدعون إلى وضع نظام سياسي جديد للبنان فإن الخلاف هو حول شكل هذا النظام الذي يلائم لبنان. فمن داعٍ إلى النظام الكونفيديرالي، إلى داعً إلى تقسيم لبنان ولايات وكانتونات بعدما بات العيش المشترك صعباً في ظل اشتداد الصراعات المذهبية والانقسامات الطائفية حول كل شيء تقريباً، وهو ما يعرض لبنان للمرة الأولى في تاريخه السياسي لخطر الفراغ في كل مؤسساته، فلا اتفاق على تشكيل حكومة، ولا اتفاق على قانون عادل ومنصف تجرى على أساسه الانتخابات النيابية وينبثق منها مجلس نيابي يمثل إرادة الشعب بكل فئاته تمثيلاً صحيحاً، ولا اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا اتفاق على الغاء الطائفية السياسية ليصبح في الامكان تطبيق الديموقراطية العددية.
لقد نص اتفاق الطائف على تطبيق اللامركزية الادارية الواسعة وذلك بتوسيع صلاحيات المحافظين وتمثيل جميع إدارات الدولة في المناطق الادارية على أعلى مستوى ممكن تسهيلاً لخدمة المواطنين وتلبية لحاجاتهم محلياً. لكن اللامركزية الادارية التي جرى الكلام عليها قبل اتفاق الطائف لم يتم تطبيقها، ولا طبقت أيضاً حتى بعدما نص عليها هذا الاتفاق، وقد يكون تطبيقها هو النظام السياسي الجديد والممكن للبنان ضمن إطار الطائف، لأن أي نظام آخر يكون بديلاً منه وفي الاجواء المذهبية السائدة، يصعب التوصل إلى اتفاق عليه مثل الفيديرالية والكونفيديرالية وتقسيم لبنان ولايات وكانتونات تطغى فيها غالبية مذهبية على أقلية ما يقضي نهائياً على العيش المشترك وعلى ما يحقق الانصهار الوطني.
والسؤال المطروح: هل يتم التوصل إلى إقرار مشروع اللامركزية الادارية قبل نهاية العهد الحالي بعدما انجزت اللجنة المكلفة وضعه ووافقت عليه؟
لقد لفت من استمعوا إلى خطاب الرئيس ميشال سليمان في مئوية بلدية زوق مكايل دعوته إلى ضرورة العمل بالحاح لإقرار مشروع اللامركزية الادارية المستند إلى ما ورد في اتفاق الطائف، كونه يعطي للمناطق أوسع العلاجات مع ابقائها ضمن الدولة الواحدة. ويقترح المشروع استحداث مجالس منتخبة بالكامل حائزة الاستقلالين الاداري والمالي ويبقي في الوقت عينه على البلديات كوحدات لامركزية أساسية ولا يمس بصلاحياتها أو بأموالها ويعتمد القضاء كمساحة لامركزية. كما أن المشروع ينشئ صندوقاً لامركزياً يحل محل الصندوق البلدي المستقل ويكون اعضاء مجلسه منتخبين ويعمل وفقاً لقواعد منهجية ولمعايير توزيع تعتمد مؤشرات موضوعية تراعي الانماء المتوازن وتحفيز النمو المحلي. واعتبر الرئيس سليمان "أن اللامركزية الادارية الموسعة تشكل أفضل إطار كي يمسك المجتمع الأهلي بقضاياه ومتطلباته بعيداً من الرهان على السلطة المركزية وتعقيدات القرار لديها، أو الاسترهان لاطراف داخل السلطة إمعاناً في تعميق الالتحاق والزبائنية النفعية او السياسية. إن غالبية اللبنانيين باتت مقتنعة بأن لبنان في حاجة إلى نظام سياسي جديد، وقد يكون إقرار مشروع اللامركزية الادارية الواسعة مع حسن تطبيقه هو الحل الذي يغني عن البحث عن أنظمة أخرى قد لا يصير اتفاق عليها، ويجعل معالجة موضوع السلاح شأن اللامركزية الادارية التي تسمح او لا تسمح به.
أما إذا صار اتفاق على تحييد لبنان عن أزمات الخارج فلا يبقى ساحة مفتوحة لصراعات المحاور، فإن أي نظام سياسي جديد يصبح مقبولاً، سواء أكان نظاماً رئاسياً أم مجلسياً أم مجلساً رئاسياً أم فيديرالياً، ذلك أن الحياديحصن لبنان من أخطار الداخل والخارج ويحمي الوحدة الوطنية ويعمق العيش المشترك، إذ لا شيء يحمي وحدة لبنان واستقلاله وسيادته سوى الحياد، ولا شيء يحول دون حصول انقسامات داخلية حادة وصراعات على مراكز السلطة سوى اللامركزية الواسعة. فعلى اي حكومة وعلى مجلس النواب الاهتمام باقرار الحياد واللامركزية لتأمين الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والازدهار في لبنان.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم