الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

صندوق النفط الأسود

فيوليت بلعة
A+ A-

لم يكن خفض تصنيف لبنان السيادي إلى -B من وكالة "ستاندرد اند بورز" نهاية الأسبوع مفاجئاً في اوساط المعنيين او حتى المراقبين. فالحصاد يكون على قياس زرع كان يفترض أن يلقى عناية فائقة، لا أن يدفع اليها اقتصاد مطوّق بكل اشكال الضغوط واقساها.


لم يكن مفاجئاً أن تضيق نظرة المجتمع الدولي الى لبنان سيادياً، ما دامت العلاقات السياسية في الأسر الاقليمي، تنتظر حلاً مرحلياً يترجم التسوية الدولية التي تطبخ على نار هادئة في أتون الحرب المفتوحة من سوريا على كل العالم العربي وما أبعد منه.
فالانفصام واقع بين السياسة المأزومة علناً وبقية السياسات النقدية والمصرفية التي أدركت اهمية التمسك بما بقي من ثقة. اما الاقتصاد فباق في الوسط، يتلقى الفواتير... ويعجز عن التسديد. وهو بذلك يعكس حال المالية العامة التي التصقت بها صفة "المديونية" المتفاقمة الى حد استوجبت ما يشبه الانذار من صندوق النقد أخيراً.
اقرب الاستحقاقات الموعودة يبقى اكثرها تعقيداً. ملف النفط شاهد حي على تشويه يصيبه قبل الولادة. فرغم حملات الدفاع عن حيويته الاستراتيجية، ما من حريص على انقاذه من براثن الخلافات المعوّقة لانطلاقته. لا تقف العقدة عند حد المرسومين حلاً ينتظر التئام الحكومة المستقيلة لترسيم البلوكات العشرة واطلاق المزايدة العالمية، لأن المطلوب في شق الشفافية والصدقية اكثر بكثير: التزام تطبيق القانون رقم 181 بكامل بنوده وليس مجتزأ، وتحرير هيئة ادارة قطاع النفط من تبعية الصلاحيات واخراج ادائها الى الضوء لا الحاقها بوصاية المنشآت بعيداً من الرقابة، تحديد سلطة ادارة صندوق اجيال المستقبل ضماناً لاستثمار ايرادات متوقعة بالمليارات او ادخارها، كي لا يتحوّل الى "صندوق النفط الأسود"، وربما الأهم، انشاء الشركة الوطنية للنفط حفظاً لحق لبنان من المنافسة التي تبشر بها هجمة الشركات العالمية.
هذا ما وجب السير به في موازاة الوقت الضائع كي لا تضيع الآمال. اذ متى حان وقت الانفراج السياسي، لن يتبقى وقت للتنفيذ. فالتأهب واجب في ملف يستحوذ اهتمام العالم المتقاتل على تحديد شكل انظمة الشرق الاوسط الجديد، ولكن وفق خلفيات اقتصادية فيها الكثير من المطامع النفطية والغازية.
يتردد أخيراً كلام عن مساع سياسية للقاء مصالحة قريب بين المتخاصمين، بما ينعش ظاهرياً، بعض الاحلام بحثاً عن ترجمات حرفية تعكس ما في النيات حيال مصلحة عليا اسقطتها غفلة الاهتمامات. يستحق لبنان ان يفضي مشواره الطويل بحثاً عن هوية، الى ايجابية مبدئية تكفل له ما يتوجب من خطوات.
ليس كل ما يلمع ذهباً. هي قاعدة للتحوط تخفيفاً للأضرار. لكن، كيف اذا كانت تجارب الماضي القريب هي أفضل مثال؟


[email protected] / Twitter:@violettebalaa

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم