الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

الصليب الأحمر في "رسالة سورية": دعونا نمرّ! \r\n\r\n

المصدر: "الواشنطن بوست" - ترجمة نسرين ناضر
ماغني بارث- رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا
A+ A-

نعمل في اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الجبهات الأمامية في سوريا لمساعدة ملايين المحتاجين، على الرغم من تصاعد وتيرة العنف وتدهور الظروف الأمنية.


لو أتيح لنا المجال، لأمكننا فعل أكثر من ذلك بكثير للتخفيف من معاناة المدنيين، إلا أننا نجد صعوبة متزايدة في دخول المناطق المتنازع العليها ومساعدة السوريين، فما بالكم بحمايتهم.


لا تزال مجموعة مسلّحة تحتجز ثلاثة من أعضاء فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد اختطافهم في إدلب في شمال سوريا في 13 تشرين الأول الماضي، ما أرغمنا على الحد من تحرّكاتنا في بعض المناطق. ولم نتلقّ جواباً عن الطلبات المتكرّرة التي وجّهناها إلى السلطات السورية لدخول المعضمية وسواها من البلدات المحاصرة حول دمشق. يتعرّض المتطوّعون في الهلال الأحمر العربي السوري، وهي منظمة شريكة لنا، للهجمات باستمرار أثناء محاولتهم نقل المواد الغذائية والبطانيات وسواها من الإمدادات أو إجلاء الجرحى. فمنذ فترة قصيرة، تعرّضت سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر العربي السوري لوابل من النيران في بلدة درعا في جنوب البلاد؛ وفي هجوم آخر، بُتِرت ساقا متطوّع في الهلال الأحمر العربي السوري.
من أكثر الأمور التي تُحبطنا نحن البشر أن نعلم أن هناك أشخاصاً بحاجة ماسّة إلى المساعدة، لكننا لا نستطيع فعل المزيد من أجلهم، ليس لأننا نفتقر إلى الإرادة أو القدرة بل لأننا ممنوعون من القيام بذلك بطريقة آمنة.


لا يمكننا العمل إلا عندما تقبل القوات الحكومية والمعارضة المسلّحة بالدور الإنساني الذي تضطلع به اللجنة الدولية للصليب الأحمر. إذا رفضوا أن يتيحوا لنا وصولاً آمناً، فلن يكون في إمكاننا بلوغ الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة. على الحكومة السورية وسواها من الأفرقاء في النزاع أن يسمحوا لنا بدخول المناطق الكثيرة التي تتأثّر مباشرةً بالقتال. ثم عليهم اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان سلامة عمّال اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأشخاص الذين نساعدهم، واحترام حقّنا في إيصال المساعدات أولاً إلى الأشخاص الأكثر حاجة.
تواجه اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحدّيات تتخطى الأمن والقدرة على الوصول إلى السكان الذين يحتاجون إلى المساعدة. فمع انتشار اليأس والشكوكية على نطاق واسع في هذا النزاع، غالباً ما تُوجَّه اتهامات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنها تمتلك أجندة خفيّة. وقد اتُّهِمنا على وجه الخصوص بالتقصير عن مساعدة المدنيين في بعض المناطق، وبالتواطؤ مع السلطات السورية أو المجموعات المعارضة. ليست هذه الادّعاءات بالأمر الجديد بالنسبة إلى منظمة غير مسيَّسة في رصيدها 150 عاماً من الخبرة في مناطق النزاعات. لكنها مقلقة ولا أساس لها من الصحة. فضلاً عن ذلك، تهدّد أمن فريقنا وتعطّل قدرتنا على المساعدة، لا سيما في المناطق التي تشهد القتال الأعنف في سوريا.
اليوم، تستطيع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري العمل في أجزاء كثيرة من سوريا، بفضل التفهّم والدعم من السلطات السورية والمجموعات المسلحة، والأهم من ذلك، من الشعب السوري. نحن مستقلّون ومحايدون. نسعى إلى مساعدة جميع الأشخاص الذين يطالهم النزاع وحمايتهم، بغض النظر عن أصلهم أو دينهم أو انتمائهم السياسي.
لقد أحدثت هذه المقاربة المستندة إلى المبادئ، اختلافاً ملموساً في حياة ملايين السوريين. فقد نفّذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، عشرات عمليات الإغاثة على الجبهات الأمامية. ونؤمّن مياه الشفة لملايين الأشخاص من خلال العمل مع هيئات المياه المحلية.
لكن حصيلة القتلى في ارتفاع. وكذلك تزداد أعداد المفقودين، وتُهجَّر العائلات، كما أنّ الملايين محرومون من الخدمات الأساسية. نحن بحاجة ماسّة إلى تفعيل عملنا في حماية المدنيين وتأمين المياه والمواد الغذائية والأدوية، لا سيما في المناطق حيث تسبّب القتال بوقف الإمدادات والمؤن. مع اقتراب فصل الشتاء، ستزداد الاحتياجات والمعاناة.
تؤدّي الحوادث والتهديدات والشائعات المغلوطة التي واجهناها، لا سيما في الأسابيع الأخيرة، إلى تعريض كل جهود الإغاثة الإنسانية للخطر. وقد دفع زملاؤنا في الهلال الأحمر العربي السوري ثمناً باهظاً، إذ لقي 31 متطوعاً وعاملاً مصرعهم خلال تأديتهم مهامهم الإنسانية منذ بدء النزاع عام 2011.
على الرغم من هذه الانتكاسات، يواصل المتطوعون في الهلال الأحمر العربي السوري وفريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر عملهم لإنقاذ الأشخاص، وغالباً ما نقوم بعملنا في مناطق في سوريا لا تستطيع الوكالات الإنسانية الأخرى دخولها.
لكن في الوقت الذي يعاني فيه عدد كبير من السوريين من أجل البقاء وتزداد الاحتياجات الإنسانية يوماً بعد يوم، نجدّد المناشدة للسماح لنا، بصورة عاجلة وملحّة، بالوصول إلى كل من هم في حاجة ماسّة إلى المساعدة. يجب السماح لعمّال الإغاثة بالتخفيف من محنة المواطنين السوريين العاديين. فهم من يتحمّلون الوطاة الأكبر لهذا النزاع.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم