الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

رسالة موسكو وصلت... وقُرِئَت

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

الروسيا الجديدة تتقدّم أكثر فأكثر في "فتوحاتها"، وتتوسّع مشرقيّاً وعربياً بخطى ثابتة، فيما تتقوقع أميركا وينحسر نفوذها، حتى لتكاد صاحبة تلك الطنّة والرنّة تصبح في خبر كان.
لكن الحكاية ليست محصورة في هذه الزاوية، ولا هي مقتصرة على الانحسار مثلاً، بقدر ما هي متجليّة في مستجدات العودة الروسيّة المدروسة والمتأنيّة إلى مسرح الأحداث والاضطرابات على امتداد المنطقة العربيّة.
وانطلاقاً من مصر، من أمّ الدنيا، حيث الصراع يأخذ حدّه ومداه بين الإصلاحيّين والتغييريّين من جهة، و"الإخوان" وحلفائهم المدعومين من واشنطن من جهة أخرى. وعلى كل أرض الكنانة، بل على وقْع مواجهات واصطدامات لا تهدأ. من سيناء حيث حرب الأنفاق لا تعرف الاستراحة، إلى القاهرة والإسكندرية وباقي المدن والمناطق الرئيسيّة.
فالمواجهة مستمرة. والقرار الكبير الذي اتخذته الثورة الثانية يتعهّده وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، مثابراً على تحقيق ما وعدت به الثورة مصر.
هذه الثوابت التي "تصدّت" لها إدارة أميركا بالعدائية وقطع المساعدات، سارعت إلى دعمها واستجابة متطلباتها المملكة العربيّة السعوديّة ودول الخليج، وأحاطتها بالرعاية والمتابعة.
والثوابت ذاتها، مع الأسباب ذاتها، قد تكون في مقدّم القضايا والاهتمامات التي شملتها الزيارة الثنائية لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو... فضلاً عن كل ما تحتاج إليه مصر في هذه المرحلة، وما تشكو منه.
وفوق هذا وذاك، كل أنواع المساعدات من عسكرية وسياسية واقتصادية. وفوق الجميع الضجّة الدوليّة التي رافقت الزيارة، معتبرة أنها رسالة سياسيّة صريحة من موسكو إلى العالم. إلى مَنْ يهمّهم الأمر. إلى واشنطن بصورة خاصة. فالعلاقة بين القاهرة والإدارة الأميركية تشهد توتّراً لا سابق له، مصدره الأساسي انحياز البيت الأبيض إلى "الإخوان" وإصرار الرئيس باراك اوباما على "تبنّيهم".
وتحت عنوان غير مُعلن مفادَه "مقاصصة" الثورة التصحيحيّة والحكم الانتقالي... والهدف الأبرز دائماً الفريق أول السيسي.
على هذا الأساس، وانطلاقاً من شرارات هذا التوتّر، قرّر الرئيس بوتين وضع كل ثقله وثقل الروسيا في تصرّف الحكم المصري الانتقالي، مع التأكيد أن أبواب الكرملين مفتوحة أمام ما يطلبه السيسي، وما تتطلّبه مصر في هذه المرحلة الحرجة.
لا داعي هنا للتذكير بأن الفرق الشاسع بين سياسة موسكو وسياسة واشنطن ليس بسيطاً. فموسكو صديقها صديق إلى الأبد، فيما تُعلن واشنطن على الملأ أن لا صداقة دائمة في السياسة، بل مصلحة دائمة.
ثمة من يرى أن العودة الروسية ستكون لها جولات مقبلة. أما الزيارة الثنائية فرسالتها قد وصلت، وقُرِئَت.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم