الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الموقف الإسرائيلي الملتبس من اتفاق جنيف

رندة حيدر
A+ A-

لم يسبق لاتفاق دولي أن أثار تأويلات وتقويمات متعارضة كتلك التي أثارها اتفاق الدول الست الكبرى مع إيران في شأن ملفها النووي. فقد اعتبرته الأوساط المؤيدة لإيران انتصاراً لطهران، واعترافاً دولياً بإيران النووية، وهذا لا يجافي الحقيقة تماماً لانها المرة الاولى يعترف المجتمع الدولي بحق إيران في تخصيب الأورانيوم لأغراض غير عسكرية.
لكن الانجاز الاساسي لرئيس الجمهورية حسن روحاني ووزير خارجيته انتزاعهما موافقة الدول العظمى على تخفيف العقوبات الاقتصادية في مقابل تجميد موقت للنشاطات النووية الإيرانية مدة نصف سنة. وهذا التجميد تحديداً يمكن اعتباره أيضاً انجازاً بالنسبة الى إسرائيل اذا تقيدت إيران ببنود الاتفاق، لأنه يصب في صلب المساعي الإسرائيلية لمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية ولو موقتاً.
وهكذا يتضح أن كل ما يعتبره طرف من الأطراف انجازاً له يمكن أيضاً أن يسجل كانجاز للطرف الآخر، وربما هذا ما يميز الاتفاق الناجح. لكن يبقى السؤال الاساسي الى اي حد، كما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاتفاق "سيئ" وخطر؟ وما حقيقة الكلام الإسرائيلي عن ان الاتفاق تسبب بتوتر العلاقات بين إسرائيل وحليفتها الأساسية والوحيدة الولايات المتحدة؟
يبدو ان نتنياهو كان يأمل في ان تتضمن بنود الاتفاق الشروط التعجيزية التي وضعها مثل تفكيك البرنامج النووي الإيراني برمته، والتخلص من مخزون الأورانيوم المخصب بنسبة 20%، الامر الذي لم يحصل. اولاً لان الدول الكبرى لا تعمل لدى نتنياهو، ولان ما يطالب به تعجيزي ومن شأنه ان ينسف المفاوضات. ومن شبه المرجح ان نتنياهو كان على علم بقناة الاتصال السرية التي قامت بين الأميركيين والإيرانيين في موازاة المحادثات العلنية. وتالياً فان الحملة على الاتفاق قبل توقيعه كان هدفها املاء الشروط الإسرائيلية على بنوده، وبعد توقيعه اعطاء إسرائيل دوراً اكبر في مراقبة تطبيقه، وجعلها شريكة غير مباشرة مع الدول الكبرى.
أما في ما يتعلق بحقيقة الخلاف بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، فعلى رغم مشاعر الغضب والاستياء الإسرائيليين، فان نتنياهو يدرك اليوم مدى حاجة بلاده الى التنسيق والتعاون مع الأميركيين لا التشاجر معهم في هذا الوقت الحساس.
وبغض النظر عن كل التهويل الإسرائيلي بان إيران لن تتقيد بالاتفاق وانها تخدع المجتمع الدولي وان الاتفاق الموقت مصيره الفشل، فان الراهن اليوم ان اتفاق جنيف ادخل من الباب الخلفي إسرائيل كي تصير رقيباً غير مرئي على المشروع النووي. اما استمرار إسرائيل في التهويل بالخيار العسكري فليس هدفه تدمير المنشآت النووية، بقدر ما صار وسيلة لردع إيران عن التملص من تطبيق الاتفاق.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم