الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

لأجلهم... لأجلنا...فلنتّفق

ميشيل تويني
ميشيل تويني
A+ A-

الجمعة الفائت، حلّت ذكرى استشهاد الرئيس رينه معوض، وسبقتها ذكرى بيار الجميل، وطبعا ذكرى الاستقلال. ومع أنّ العيد لم يعد يعني الكثير للبنانيين بعدما فقَدَ رمزيته الاستقلالية، إلاّ أنه بقي لنا، على الأقل، أن نتذكر شهداء الجيش الذين دفعوا أثمان مؤامرات وقدموا حياتهم للمحافظة على البلد قدر الإمكان. وحتى اليوم ما زالت بوابة الشهادة مفتوحة يومياً في طرابلس، ولا نعرف لماذا، ولمصلحة من؟


نقترب من ذكرى جبران تويني وفرنسوا الحاج. وتذكّرنا منذ فترة وسام الحسن وشهداء الاشرفية، ولم يمرّ وقت على ذكرى ضحايا تفجيرات الرويس وطرابلس.
ما يعيشه لبنان اسوأ من كل الحروب، اذ اصبح وطن الشهداء، ولم تعد ساحاته تتسع للنصب التذكارية، وكادت أيام سنته تضيق بذكر الشهداء. بات في كل عائلة شهيد، البعض لم يتخذ القرار، بل استشهد فقط لأنه اختار البقاء في لبنان. بعضهم استشهد مواجهاً قدره لأنه وُجد مصادفة في مكان الانفجار، فيما البعض الآخر استشهد عن سابق تصور وتصميم وإرادة، اذ واجه النار بصدره، كشهداء الجيش. وثمة رعيل آخر من شهداء سقطوا لأنهم رفضوا واقعاً مريراً ونشدوا التغيير، سواء كانوا صحافيين او سياسيين، فعمل المتضررون والخائفون منهم على إلغاء وجودهم. وهكذا يكون لدى بعض اللبنانيين انطباع أنه ممنوع في بلدهم أن يكون الانسان وطنياً، وإلا واجه القتل.
من قداس إلى قداس، ومن ذكرى إلى ذكرى، ومن جرح عميق إلى جرح أكثر عمقاً، ومن أرملة إلى يتامى، إلى والدة ووالد مفجوعين سؤال واحد: لماذا لا نرفض هذا الواقع؟ لماذا لا نتحد، فقط لمنع إهدار المزيد من الدماء؟ لماذا لا نقدّم شيئاً مختلفاً، ونتفق على ان يحمي بعضنا بعضاً، لأننا، دفعنا كلنا فاتورة موت باهظة، وبات أمننا الذاتي وتفاهمنا ووحدتنا وحدها الكفيلة بحمايتنا، باعتبار أن آلة القتل لم ترحم أحداً ولن تكون أكثر رحمة مستقبلاً. قد تكون خلافاتنا السياسية عميقة وكثيرة ومعقدة، لكن اتفاق الحد الادنى على المحافظة على لبنان ضروري. إن حماية لبنان واجب على كل لبناني، وبدلاً من التصفيق لدبي، لأنها ستستضيف "اكسبو 2020"، فلنعمل على إنهاض لبنان من كبوته لكي يعود، على الاقل، كما كان.
لقد استشهد مَن استشهد، والجراح لا تشفى، لكن ليتنا نرتفع بذكرى شهدائنا عن خطب المناسبات وتدشين الطرق. فليس أغلى على قلوب الشهداء من اتحادنا للدفاع عن وطن استشهدوا من أجله.
وذكرى شهدائنا ترنو الى سياسيّينا ومسؤولينا جميعاً طالبة اليهم ان يتواضعوا قليلاً، ولو لمرة واحدة ، ويجلسوا معاً بلا شروط ولا ضغائن، بقلوب صادقة، وحينذاك سيكتشفون أنّ بيروت لا تحتاج الى طائف ولا دوحة ولا سان كلو لكي تحقّق وفاقها وسلامها.
افعلوا ذلك، ولو لمرة واحدة، إكراماً للشهداء، كل الشهداء.


michelle.tué[email protected] / Twitter:@michelletueini

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم