الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

إنقاذ عسكري... لا محرقة؟

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

يشكل تكليف الجيش مهمات حفظ الامن في طرابلس في واقعه الرمزي لا العملاني استنفاداً لكل ما تبقى من قدرات دولة تصريف الاعمال على مواجهة حرب اهلية قيّض لعاصفة الشمال ان تختصرها وتختزل احتقاناتها الملتهبة بين جنباتها لئلا تتمدد الى سائر انحاء لبنان. هو تدبير مأزوم بذاته أيضاً لم يجد الحكم والحكومة مفراً من اتخاذه ولو ان التجارب السابقة أخفقت في وضع حد لهذه الحرب مما يضع الجيش في واجهة تجربة اضافية على تماس مباشر مع سائر شياطين الفتنة ولاعبيها المعلنين والمستترين.


مع أزمة حكومية طال عمرها الى فوق المتصور تبدو اناطة الامرة العسكرية والأمنية حصراً بالجيش أقرب الى سابقة اناطة رئاسة الجمهورية بالوكالة بحكومة عسكرية انتقالية في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل عام ١٩٨٨ مع اختلاف طبيعة التجربتين وظروف كل منهما. آنذاك سدّت السبل أمام الانتخاب الرئاسي والبارحة اقفلت كل مسارب الحلول وسقطت كل تعهدات رفع الاغطية السياسية عن شلل المسلحين وميليشياتهم. ولكن الحكومة العسكرية لم تنجح في وقف اهوال الحرب آنذاك بل انفجرت معها "حربا التحرير والالغاء" والامل الان الا تسقط طرابلس تجربة الامرة العسكرية الحصرية للجيش في انتشالها مما آلت اليه اطول حرب استنزاف عرفتها في تاريخها القديم والحديث.
لا نسوق هذه المقاربة من باب السخافة العظمى التي بدأ تداولها عبر زجّ المحنة الطرابلسية في حسابات الترويج السطحي للاستحقاق الرئاسي من باب سياسات وسياسيين مترفين او من باب التوظيف المسبق لتعويم اسماء وحرق اسماء أخرى على خلفية اقحام رأس المؤسسة العسكرية في السباق الى رئاسة لا أحد يضمن من الآن ما اذا كانت ستُملأ بعد ٢٥ أيار او تضحي بدورها عرضة للفراغ. بل العكس هو الصحيح اي ان الفرصة التي فتحت مع التدبير العسكري الجديد ينبغي ان تحمى بالكامل اذا كان يراد لطرابلس ان توضع على سكة الانقاذ واطلاق الشفاء المتدرج من لعنة الفتنة الضاربة في سائر انحائها.
لن ينجو احد على الأرجح من اي تشاطر في هذا الاختبار الأخير خصوصاً اذا ألصق مصير المدينة مع مجمل الوضع الامني في البلاد بالمراهنات المتعجلة جداً على السباق الرئاسي. واقصى الغباء ان يصار الى اسقاط تجربة مخيم نهر البارد على طرابلس في ما لاح من ملامح الوشوشات والكواليس اللاهية.
مجمل الاستحقاق الرئاسي الآن وعلى رغم قصر المدة الفاصلة عن موعده لا يعدو كونه في الواقع العملي والواقعي أكثر من تحمية نظرية. هكذا فعلت الازمة الداخلية والربط القسري للبنان بمصير الحرب السورية بنظامه الدستوري والسياسي وباستحقاقاته المتعاقبة. وهكذا بات هاجس الفراغ الاحتمال الاكثر رجحاناً. وعسانا لا نرى طرابلس تساق أيضاً الى محرقة الاستحقاق.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم