الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

تعادل سلبي في المواجهة الإقليمية المفتوحة هل بات لبنان الساحة الثانية المطلوبة؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

لم يفصل مراقبون التصعيد الاخير للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ضد المملكة العربية السعودية وتحميلها مسؤولية التفجيرين ضد السفارة الايرانية عن الموقف الذي عبر عنه النظام السوري فورا والذي ألقى التبعة فيه على المملكة في الوقت الذي تجنبت ايران هذا المنحى عشية توجهها الى توقيع اتفاق نووي مع الدول الغربية وألقت التبعة على اسرائيل. الموقف هو على خلفية الصراع الجاري في سوريا والذي يدعم الحزب وايران النظام فيه بقوة فيما يتهم هؤلاء المملكة بدعم الثوار والمعارضة. وما لم يكن موقف السيد نصرالله معبراً عن الموقف الرسمي لايران وليس عن موقف النظام السوري فان الكرة في ملعب ايران لجهة تحديد الموقف من هذه المسألة كونها تتعلق بتفجيرين استهدفا سفارتها في بيروت.


واذ بدا ان ايران رغبت في الاستفادة من الزخم الداخلي والخارجي الذي وفّره لها الاتفاق بمحاولة انتهاج دينامية ديبلوماسية مع دول الجوار العربي في اتجاه دول الخليج، فان موقف الامين العام للحزب والذي يعتبر كثر انه يعبر عن الجناح المتشدد للحرس الثوري والذي يؤثر في اتجاهات النظام السوري ومواقفه ظهر بالنسبة الى هؤلاء المراقبين اعتراضيا ايضا على الجهد الظاهر الذي يبذله وزير الخارجية الايراني مع دول الخليج والرسائل الايجابية التي يوجهها الى المملكة السعودية من اجل فتح الابواب امام ديبلوماسيته باعتبار ان ذلك سيتيح المجال امام الاقرار بدور ايران كلاعب استراتيجي في ازمات المنطقة ومسائلها كافة في حين ان المملكة ليست مستعدة بعد للتسليم لايران بهذا الدور. فالزيارات لطهران من تركيا والعراق والامارات استفادت منها طهران من اجل تعزيز اوراقها كما ان زيارة وزير خارجيتها لدول الخليج مهمة بالنسبة الى ايران لجهة محاولة الحكومة الايرانية الجديدة تسريع او تحضير المجالات اللازمة لانعاش الدور الايراني استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا من جهة ومن اجل محاولة شق صف مجلس التعاون الخليجي واظهار السعودية في موقع المناقض لغالبية اعضائه. لكن في الوقت الذي بدت الدول الخليجية مرحبة بالانفتاح الايراني الجديد فانها اكدت في المقابل موقعها بالنسبة الى الازمة السورية على ما فعلت قطر التي استهدفها الاعلام الايراني لجهة اعلان التأثير في تغيير قرارها من سوريا والصراع الدائر فيها مما دفع بالقيادة السياسية القطرية الى نفي هذا التحول وتأكيد موقفها من ضرورة خروج الاسد واستمرار دعم المعارضة السورية.
واستكمالا لهذا المشهد في التوتر او عدم الارتياح السعودي الايراني، لم يفت المراقبون تسجيل بروز تفاصيل من بينها على سبيل المثال خروج وزير الاعلام في الحكومة السورية في الايام الاخيرة ليعلن رفض النظام ان تشارك المملكة السعودية في مؤتمر جنيف 2 في مقابل الرفض المعلن والسابق للمعارضة عبر تشكيلاتها المختلفة ان تشارك ايران في المؤتمر مشترطة ان توقف ايران دعمها للنظام ومده بالاسلحة وسحب عناصر "حزب الله" من سوريا (وايران راغبة بقوة في المشاركة في مؤتمر جنيف 2). رفض اذا لمشاركة السعودية في مقابل رفض لمشاركة ايران. ورفض النظام لمطالبة بشار الاسد بالمشاركة في مرحلة انتقالية تخرجه من المشهد السوري لاحقا في مقابل رفض المعارضة لاي دور للاسد في المرحلة الانتقالية. اتهام من جانب النظام ومعه "حزب الله" للسعودية بالمسؤولية عن دعم ما يسمّون بالتكفيريين ومن وراء التفجيرين ضد السفارة الايرانية في محاولة لموازنة اتهام الامم المتحدة عبر لجنة حقوق الانسان الاسد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. فهناك حروب كر وفر في الداخل السوري حيث يتقدم النظام في منطقة ويتراجع في منطقة اخرى وكذلك الامر بالنسبة الى المعارضة. وهناك عقبات من جانب المحور الذي يمثله النظام امام المؤتمر تقابلها عقبات من الجانب الآخر.
فمع توقف التراشق الاميركي الروسي حول الازمة السورية والكلام على توافق على مؤتمر جنيف 2 بين الجانبين وغياب اوروبا كليا عن الواجهة المتصلة بالموضوع السوري خصوصا بعد تذويب التوافق الروسي الاميركي لهذا الدور في موضوع الاسلحة الكيميائية السورية كما في الموضوع النووي مع ايران، فان التراشق الاقليمي يستمر في لعبة تبدو محصلتها السياسية التمهيدية صفراً اي نتيجتها التعادل والتكافؤ ولا غالب فيها ولا مغلوب في حين ان هدفها النهائي غالب ومغلوب. ولا يؤثر في هذا السياق وفق ما يرى المراقبون اعلان فرنسا عبر سفيرها في الامم المتحدة جيرار ارو قبل ايام انه لا جدوى من مشاركة المعارضة في مؤتمر جنيف 2 اذا لم يلتزم الاسد مقررات جنيف 1 ويرفض فكرة وجود حكومة انتقالية او اعلان روسيا ان مواجهة الارهاب هو ما يجب العمل عليه في المؤتمر. بل انها اضافات تساهم في تأكيد الاطار الذي لا تزال تدور فيه الاستعدادات للمفاوضات المقبلة اي رسم سقوف مرتفعة جدا على نار حامية يخشى ان الساحة السورية كساحة لم تعد معبرة على نحو كاف عنها بعدما اختلط الحابل بالنابل في سوريا فتم نقلها الى لبنان من اجل المزيد من الضغوط الواضحة في الاتجاهات المتبادلة خصوصا ان للاعبين الاقليميين مواقع مؤثرة فيه ايضا. وحتى موعد المؤتمر الشهر المقبل، لا يتوقع سوى مزيد في ظل ترقب عن كثب لنتائج لقاءات رئيس الاستخبارات السعودية الامير بندر بن سلطان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الازمة السورية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم