الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الرئيس المقبل لن يكون إلا توافقياً إذا لم يتّفق "الأقوياء" على مرشّح منهم

اميل خوري
A+ A-

في الماضي كان المرشحون للرئاسة الأولى يخضعون لامتحان تجريه سوريا بطرح أسئلة محدّدة عليهم. فعندما انتهت ولاية الرئيس أمين الجميل وأصر العماد ميشال عون كرئيس للحكومة الانتقالية على البقاء في قصر بعبدا ورفض تسليمه الى الرئيس الجديد المنتخب، كان السؤال الذي طرح على المرشحين للرئاسة: هل توافق على إخراج العماد عون من قصر بعبدا بالقوة إذا لم يخرج بالحسنى؟ فمن أجاب بـ"نعم" دخل السباق إلى الرئاسة، ومن أجاب بـ"لا" أخرج من السباق. وقبل أن يخضع لبنان لوصاية سوريا وتدخل قواتها إليه كان السؤال الذي طرح على المرشحين للرئاسة: هل توافق على أن يتولى الجيش السوري مسؤولية حفظ الأمن في لبنان؟ فمن أجاب بـ"نعم" أصبح رئيساً للجمهورية، ومن أجاب بـ"لا" خسر الرئاسة. وبعدما خضع لبنان للوصاية السورية وتولى الجيش السوري مسؤولية حفظ الأمن فيه، كان السؤال الذي طرح على كل مرشح للرئاسة: هل توافق على بقاء الجيش السوري في لبنان لأن الحاجة لا تزال ماسة إليه؟ فمن أجاب بـ"نعم" صار رئيساً للجمهورية، ومن أجاب بـ"لا خسر الرئاسة. وهكذا بقي الجيش السوري في لبنان 30 عاماً بتكرار عبارة أنه "ضروري وشرعي وموقت" في كل بيان وزاري.


أما اليوم فمن يطرح السؤال على المرشحين عند اخضاعهم للامتحان: أهي إيران وحدها أم بالتفاهم مع أميركا وروسيا وبالتنسيق مع السعودية إذا تحقق التقارب معها؟ وما هو هذا السؤال الذي يجعل جواب المرشح عنه يصل إلى الرئاسة الأولى سواء كان من صنف الأقوياء أو الضعفاء؟ إن السؤال المحتمل طرحه على المرشحين هو: ما هو موقفك من سلاح "حزب الله"، وما هو موقفك من حياد لبنان كما حدّده "إعلان بعبدا"؟
معلوم أن المرشحين للرئاسة من قوى 14 آذار هم ضد بقاء سلاح "حزب الله" وكل سلاح آخر خارج الدولة، ومع وضع استراتيجية دفاعية للافادة من هذا السلاح في إطار الدولة وبإمرتها، وأنهم مع حياد لبنان أو تحييده عن صراعات المحاور على أساس "اعلان بعبدا". أما مرشحو قوى 8 آذار فليسوا ضد سلاح "حزب الله" ما دام لبنان يواجه خطر اسرائيل، وان "اعلان بعبدا" يحتاج إلى تعديل في بعض بنوده كي يبقى حياد لبنان تاماً ومطلقاً حيال كل موضوع عربي ودولي.
هذه المواقف لمرشحين محتملين من 8 و14 آذار معروفة ومعلنة في تصريحات صادرة عنهم، إلا إذا تغيرت بالنسبة إلى بعضهم بفعل تغير الظروف. لكن أجوبة المرشحين المستقلين من خارج 8 و14 آذار تبقى مجهولة، وقد تأتي بحسب الظروف.
لكن ما ينبغي معرفته هو: من هي الدولة أو الدول المعنية بانتخابات الرئاسة الأولى في لبنان، وهل يكون موقفها واحداً من الانتخابات الرئاسية ومن الأسئلة التي ستطرح على المرشحين ليتم اختيار من نجح في الامتحان رئيساً؟ وإلا كانت المعركة حامية بين المرشحين إذا تعذر التوافق بين الدول المعنية على اختياره.
والمعروف حتى الآن أن كل الدول المعنية بوضع لبنان متفقة على أن تجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري سواء تشكلت حكومة جديدة أو لم تتشكل، فشبه الفراغ الحكومي السائد حالياً ليس شيئاً بالنسبة الى الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى إذا ما حصل. لذلك سيكون مطلوباً من جميع النواب حضور جلسات الانتخابات الرئاسية بدون شروط مسبقة كأن يهدّد فريق منهم بالتغيب عنها أو مقاطعتها إذا لم يكن ضامناً فوز المرشح الذي يريد، فالكلمة هي للأكثرية النيابية التي في استطاعتها ان تنتخب رئيساً للجمهورية غر مرشح إنما هي التي ترشحه ربما خلال الجلسة إذا ظل متعذراً على جميع المرشحين الحصول على الأكثرية المطلوبة بعد دورات عدّة بسبب التزام كل مرشح موقفه من الأسئلة المطروحة وهي أسئلة قد تجعل النواب ينقسمون بين المرشحين المتنافسين وتتوزع أصواتهم بحيث لا يفوز أي منهم بالأكثرية المطلوبة. وهذا ما جعل بعض المرشحين يقترحون اعتبار المرشح فائزاً في حال نال نصف الأصوات زائداً واحداً وذلك تحسباً لاحتمال مواجهة وضع يجعل الانتخابات الرئاسية تدور في حلقة مفرغة ولا خروج منها إلا بالاتفاق على مرشح توافقي وهو ما يرفضه من يرون أنفسهم من المرشحين الأقوياء ويعتبرون التوافقي من النوع الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة. وتستبعد الأوساط السياسية المراقبة أن يتفق المرشحون الذين يوصفون بالأقوياء على مرشح واحد منهم كي يضطر الشريك المسلم إلى انتخابه أو اكتفاء بعضهم بإلقاء ورقة بيضاء في صندوق الاقتراع. وعندها يمكن القول إن الرئيس المقبل هو من صنع لبنان وحده ولا شريك له في صنعه، وهو ما حصل مرة واحدة في تاريخ لبنان عندما فاز سليمان فرنجية بالرئاسة بصوت واحد، لأن المرشح عندما يكون من صنع الخارج يفوز بشبه إجماع.
لا شيء يدل حتى الآن على أن رئيس الجمهورية المقبل سيكون من صنع لبنان أو سيكون من بين المرشحين الأقوياء لأنهم ليسوا من خط سياسي واحد كي يسهل الاتفاق في ما بينهم ولا بد حيال هذا الانقسام بين الاقوياء من أن يكون رئيس الجمهورية المقبل رئيساً توافقياً يشاركه في صنعه الخارج قبل الداخل وفي ضوء ما سينتهي إليه التقارب بين إيران والسعودية، إذ من دون هذا التقارب يصبح خطر الفراغ قريباً من رئاسة الجمهورية رغم كل الجهود التي تبذل لإبعاد هذا الخطر.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم