الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

بين المسيرة و"البوسطة"

ناجي شربل
A+ A-

أيام قليلة تفصلنا عن سنة جديدة، نحمل اليها المتراكم من اعوام طوال، وابرزها الثابت من علاقات اجتماعية ومهنية بينها الرياضية.


وككل سنة، نتبادل نحن الاصدقاء التهاني بعيد الميلاد والسنة الجديدة. ولا تغيب اتصالات اصدقاء ابتعدوا منذ اكثر من عقدين من الزمن عن الوسط الرياضي، لكنهم لم ينقطعوا عن التواصل، لأن العلاقة لم تبنَ، شأن سواهم، على مصلحة! في حين تخف حرارة الاتصالات وتنقطع احياناً مع آخرين، لأسباب غير خافية على أحد.
في 1992 بدأت مسيرتي المهنية، وتعرفت عامذاك اثناء تدشين القاعة المسقوفة للنادي الرياضي بيروت الى الرئيس الجديد للنادي المهندس هشام الجارودي. وكانت قاعة الرئيس صلائب سلام، الرئيس الفخري للنادي، باكورة انجازات الرجل الذي اشتهر لاحقاً بـ"العريس" (الكلمة التي يرددها لدى مخاطبته الآخرين).
عاصر الجارودي رجالات كباراً، ابرزهم في الرياضة المرحوم انطوان شويري باني نهضة كرة السلة اللبنانية، والرجل الذي جعل احلام اللبنانيين الرياضية حقيقة.
كان شويري يتحدث في استمرار امامي عن هشام، كرفيق دائم وأحد أركان النهوض باللعبة. وتناول دور الجارودي كضمانة لثبات نادٍ عريق وتأمين استمرارية اشتهر بها النادي الاصفر.
في البداية كنت لا اخفي دهشتي من "الود الزائد"، لاعتباري ان الخصومة الرياضية تجمع بين رئيسي الحكمة والرياضي. ومع الوقت، بدأت الصورة تتظهر اكثر فأكثر: رجلان ينهضان بناديين، على أمل تحويل النوادي مؤسسات، يرعاها رجال اعمال لا يبحثون عن مقابل. وهذه مقومات نجاح النوادي العالمية الكبرى، والتجربة التي سعى الى تعميمها القطري محمد بن همام العبدالله في القارة الآسيوية عبر مسابقة دوري ابطال آسيا.
طبعاً لم يرضَ الجارودي يوماً بمقارنته بشويري، "لأن انطوان صرف على كل النوادي، فيما اقتصرت تجربتي على النادي الرياضي بيروت، وهو الوحيد الذي تولّى تمثيل قسم كبير من بيروت، وشريحة واسعة من المجتمع اللبناني، ولم يقم على كتفه نوادٍ (...)".
ابتعد شويري قرفاً في نهاية 2004، لكنه لم ينقطع، وشجع لاحقاً بيار كاخيا على دخول ادارة كرة السلة في 2008 و2009، وأمّد اتحادات رياضية اخرى بمساعدات مادية، وتبرع بشراء مقر الاتحاد اللبناني لكرة السلة في جل الديب، الذي يحمل اسمه.
غاب الكبير في شباط 2010، واستمر الجارودي في تجربته، وصبر على فالج زاره مرات عدة، ولم يتعب من رعاية فرق عدة في النادي. وها هو ينقل الادارة الرياضية رويداً رويداً الى نجله تمام. وقد اطمأن الى نهج الاخير على مسيرته بالتمسك بالمبادئ الرياضية وتقديمها على المصالح، وعدم الدخول في بازارات وتسويات على حساب القناعات والاصدقاء.
في تجربة الاصفر الكثير، وخصوصاً انه شكّل مدرسة في الاستقرار المادي والاداري، وابتعد عن الانتصار فقط للالقاب على ما عداها.
وعلى شاكلة الرياضي بيروت، يسير المتحد طرابلس، سفيراً للشمال في كرة السلة، بخطى تقوم على الاستقرار المادي، تكفل لهذا النادي العيش طويلاً، وتجعله نموذجاً حقيقياً عن صورة العاصمة الثانية طرابلس كما عرفناها.
والى الناديين الممثلين للطائفة السنية، يأتي بيبلوس جبيل الذي أصاب استقراراً مادياً أمنه شاب يعمل بصمت واتقان بعيداً من حسابات الكراسي هو نبيل حواط، ناقلاً تجربة والده في رعاية نوادٍ جبيلية عدة، الى نادي بيبلوس، وواضعاً الاخير على خريطة الكبار، مع ملعب خاص به موله رجل الاعمال اللبناني الاصل كارلوس سليم.
تطول حكاية النوادي التي فرضت نفسها كبرى باستقرار مادي وتمويل ثابت، وفي طليعتها النجمة والانصار والعهد والشبيبة البوشرية وانتر ليبانون وبودا ومون لاسال والجزيرة والنجاح، وليس المجال لتعداد البقية مع الاعتذار سلفاً اذا اسقطنا اسم احد سهواً.
نعبر الى 2014، مع رفاق درب لا يرون في العلاقة بين الناس "بوسطة" ينزل منها الركاب كل في المحطة التي يختارها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم