الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

جميعنا مصيرنا الموت

اوكتافيا نصر
A+ A-

مفكّر لبناني آخر ينضم إلى قائمة ضحايا عمليات الاغتيال مع رفاق له وأشخاص مروّا مصادفة في المكان، الامر الذي يفضح مرة أخرى الشر الذي يتحكّم بأولئك الذين يتصرّفون وكأنهم الله، ظناً منهم أنهم يربحون مع كل صوت يُسكتونه وكل روح يزهقونها.


ما ينساه القتلة هو أن الله هو خالق الجمال والتناسق والانسجام والتوازن والكمال. يكفي أن نلقي نظرة حولنا لنعرف من هو الله: الحياة والنفَس والإبداع. يمكنك أن تخطّط لقتل أحدهم، يمكنك في الواقع أن تأمر بالقتل أو ترتكبه بنفسك، ولكن إذا لم تكن قادراً على أن تخلق من التنوّع تكاملاً مثالياً في رقصة جميلة، فأنت لست سوى فاشل ومدّعٍ وزائف. أنت قاتل وكارِه للحياة، كاره للخالق وكل أشكال الخلق. ليس الموت سوى ممر يستطيع أي كان أن يتسبّب به، إنه ينقلنا ببساطة إلى المرحلة التالية. لا كرامة في الموت، بل فقط عار يلحق بالقتلة ومعاناة تصيب الأقارب والأحبّاء، أما الراحل فيحيط به السلام.
سلاحكم لا يخيفنا، ولا مخططّاتكم التي تهدف إلى ترهيبنا. عمليات الاغتيال التي تنفّذونها تصيبنا بالغثيان، ونتألّم من أجل الضحايا على المستويَين الشخصي والوطني. لكننا نحتقركم أيضاً ونحتقر مخططاتكم التي تهدف إلى إعادتنا إلى الوراء. قد تستمرّون في قتل المفكّرين والقادة الحقيقيين، فلا يبقى أحد سواكم. لكنكم لن ترتقوا أبداً إلى مستوى الرجال والنساء الذين تقتلونهم، ولن تتمتّعوا أبداً بنصف الخصال التي يتميّزون بها. لن تتمتّعوا بالفطنة ولا بالإبداع لتوحيد الأشخاص، ولا بالكاريزما لجعل الجميع يُعيرون اهتماماً ما تقولونه ويحترمونه. ستجدون دائماً أتباعاً عمياناً وأشخاصاً يصفّقون لكم من دون تفكير، ولكن لن يأبه لكم أحد سواهم.
يمكنكم أن تستمروا في الارتفاع على كومة الجثث التي راكمتموها، ولكن أنّى لكم أن ترتقوا إلى مستوى الرسالة التي نستمدّها من تلك الأرواح الإيجابية كلما فكّرنا فيها أو تذكّرناها.
سنموت جميعنا، لا شجاعة في الموت، بل إن الشجاعة هي في التمسّك بمبادئنا وتوحيد الأشخاص بدل تفريقهم، وفي حبّ الآخرين بدل بغضهم، وفي التحدث معهم بدل قتلهم لمجرد أنك لا تتحمّل من يعارضك أو لا يكنّ لك الولاء!


@octavianasr


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم