الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

ماذا ينفع 14 آذار إذا ربحت الحكومة وخسرت الانتخابات الرئاسية بتعطيل إجرائها؟

اميل خوري
A+ A-

يرى سياسي مخضرم عايش الأزمات الكثيرة التي مرّ بها لبنان عبر عقود وعهود أن تعطى الاولوية للانتخابات الرئاسية بحيث تجرى في موعدها الدستوري، وألاّ تعطى لحكومة إذا أدى الخلاف على تشكيلها إلى تعطيل هذه الانتخابات، فالفراغ الحكومي قائم بوجود حكومة مستقيلة، ولن تسده حكومة أخرى إذا حجبت عنها الثقة وصارت مثلها، لا بل إنها تضيف إلى الفراغ الحكومي فراغاً أخطر في الرئاسة الأولى.


لذلك ينبغي التأكد من أمرين عند تشكيل الحكومة: أولهما ضمان الثقة النيابية لها، وثانيهما معرفة حجم ردود فعل المعارضين لها، وهل تبلغ حد الاضراب والتظاهر والاعتصام والإخلال بالأمن، أم تقتصر على حجب الثقة وعرقلة إقرار المشاريع التي تصدر عنها عند إحالتها على مجلس النواب، وردود الفعل هذه قد تصبح مبررة إذا استمرت الحكومة كحكومة تصريف أعمال بعد حجب الثقة عنها، وتكون قوى 8 آذار قد نجحت في إحداث فراغ حكومي وفراغ رئاسي. وعندها تحمل مسؤولية كبرى أمام التاريخ والوطن، وتكون بذلك قد كشفت سوء نيتها من خلال ربط شكل تشكيل الحكومة بالانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يتطلب من قوى 14 آذار الرد على هذا الموقف السلبي والمضمر للشر بصرف النظر عن تشكيل حكومة جديدة إذا ظل الاتفاق على تشكيلها متعذراً انقاذاً للانتخابات الرئاسية التي ينبغي أن تكون لها الأولوية على أي شيء آخر، واذ ذاك لا يعود لقوى 8 آذار مبرر لتعطيل هذه الانتخابات توصلاً إلى إحداث الفراغ الشامل في مؤسسات الدولة والذي لا خروج منه إلا بمؤتمر دوحة جديد يضع ميثاقاً وطنياً جديداً للبنان بحجة إنصاف كل المذاهب والطوائف وتحقيق مزيد من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.
ويرى السياسي المخضرم أيضاً وجوب تجنب تشكيل حكومة إذا لم تكن الثقة النيابية بها مضمونة، لئلا يعطي حجب الثقة لقوى 8 آذار ذريعة الاعتراض عليها حتى في الشارع واعتبارها غير ميثاقية أو مخالفة للفقرة "ي" من مقدمة الدستور ونصها: "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". ومن جهة أخرى ينبغي الوقوف على رأي إيران في موضوع الحكومة وهل هي مع "حزب الله" في ربطه الاتفاق على تشكيل الحكومة بالانتخابات الرئاسية أم وجوب الفصل بينهما لأن ثمة فرقاً بين عملية التشكيل والانتخابات الرئاسية. فتشكيل الحكومة يحتاج إلى موافقة أكثرية الكتل النيابية لضمان نيلها الثقة، في حين أن الانتخابات الرئاسية تحتاج إلى الأكثرية النيابية المطلوبة لإعلان فوز هذا المرشح أو ذاك، وهو ما جعل الرئيس نبيه بري يقول: "لا نريد لتأليف الحكومة ولانتخاب الرئيس أن يؤثر أحدهما سلباً على الآخر".
ويخشى السياسي المجرَّب أن يكون وراء ربط قوى 8 آذار تشكيل الحكومة بمصير الانتخابات الرئاسية لعبة مقايضة او ورقة ضغط ومساومة تستخدمها في الانتخابات الرئاسية كي تخيّر قوى 14 آذار بين أن يكون لقوى 8 آذار رأي في المرشح المقبول منها للرئاسة الاولى كي تسهل تشكيل حكومة جديدة، إذ إنها عندما تحصل على ضمان فوز هذا المرشح فلا يعود يهمها شكل الحكومة التي تستقيل حكماً بعد خمسة أشهر أي بعد انتخاب رئيس للجمهورية، أو لا يتم تشكيل حكومة ولا تجرى انتخابات رئاسية. هذه المناورة التي قد تلجأ إليها قوى 8 آذار لتضمن فوز رئيس للجمهورية ترتاح إليه، تطرح موضوع الاتفاق على هذا الرئيس قبل الحكومة أو وضعهما في سلّة واحدة حتى إذا ما صار اتفاق على المرشح الرئاسي زال الخلاف على تشكيل حكومة موقتة وانتقالية، فالدائم ست سنوات هو رئيس البلاد، أما الحكومة فعمرها لن يتجاوز الخمسة أشهر. والحكومة يصير لها أهمية عندما يتعذر الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وتنتقل سلطات الرئاسة الأولى بالوكالة اليها. فأي من هذه الخيارات المفتوحة يمكن اعتمادها لتجنيب لبنان خطر الدخول في فراغ شامل؟ وهل يحتاج الأمر إلى مسعى خارجي لا تكون إيران ولا السعودية بعيدتين عن المساهمة فيه؟
الواضح حتى الآن أن تشكيل حكومة لا تحظى بثقة مجلس النواب قد يعطل اجراء انتخابات رئاسية، في حين ان حكومة تحظى بالثقة تفضح نيات قوى 8 آذار إذا لجأت إلى الشارع، وبالتالي إلى مقاطعة جلسات الانتخابات الرئاسية التي لم يعد النواب إليها حتى في أوج الحرب في لبنان بل حضروها تحت القصف المدفعي لانتخاب الياس سركيس رئيساً للجمهورية.
لذلك ينبغي التضحية بالحكومة إذا لزم الأمر لتجنب التضحية بالرئاسة الأولى، إذا استمر الخلاف على تشكيلها وإذا لم يحصل توافق على مرشح للرئاسة الأولى فان الكلمة يجب أن تترك للأكثرية النيابية المطلوبة التي ينالها مرشح من بين المرشحين، وهذا يتطلب التزام النواب حضور جلسات الانتخاب وعدم التغيب عنها إلا بعذر شرعي. وهذا الحضور هو واجب وطني، والبلاد بدون رئيس للجمهورية كمن يقطع الرأس عن الجسد، وهذا قتل للوطن كما قال البطريرك الكاردينال الراعي.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم