الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

استيراد الغاز المسيل وخط نقل الغاز خطوتان أساسيتان

مروان اسكندر
مروان اسكندر
A+ A-

في هذه الظروف الصعبة في سوريا انجزت الدولة السورية اتفاقاً مع شركة سويوز نفط - غاز التي تملكها كلياً الحكومة الروسية للبحث والتنقيب عن النفط والغاز وانتاجهما.


الوزير جبران باسيل مصر على اجراء مناقصة لاقامة منشآت لتحويل الغاز المسيل الى غاز طبيعي ومن ثم ضخ هذا الغاز الى محطتي انتاج الكهرباء في البارد والزهراني، كما إمداد مصانع الاسمنت والاسمدة بلقيم الغاز الذي يؤتي وفراً في تكاليف انتاج الكهرباء، والاسمنت، والاسمدة وبعض المؤسسات العامة التي قد تستفيد من توافر الغاز الطبيعي.


لقد صار من نافل الكلام القول ان استعمال الغاز لقيماً لانتاج الكهرباء امر يساهم في خفض تكاليف الانتاج بما يزيد على 700 - 800 مليون دولار سنوياً، كما أن التلوث من مصانع الانتاج الكهربائي، وبصورة خاصة من مصانع الاسمنت ينخفض بنسبة ملحوظة، وحينما نستطيع في المستقبل توسيع استعمال السيارات الهجينة التي تحتاج الى امدادات كهربائية ملحوظة، والسيارات التي تشغل على الغاز المضغوط، نكون قد حققنا خطوات اساسية في ضبط التلوث وتنقية الاجواء اللبنانية التي عساها بعد توقف الحرب القائمة في سوريا تشهد تدفقاً سياحياً ملحوظاً.
اننا نشاطر الوزير اندفاعه نحو تنفيذ المشاريع المفيدة لتأمين الطاقة، انما تصريحه الاخير عن زيادة التعرفة لضبط عجز الكهرباء تحت سقف ملياري دولار لا نوافقه عليه. فعلى رغم قوله ان مشتريات الطاقة من المولدات الخاصة ستنخفض وتالياً فاتورة المستهلك الكلية لكهرباء لبنان، والمولدات الخاصة لن تزيد، فان هذا افتراض قابل للمناقشة وما دامت ثمة حاجة الى المولدات الخاصة سيبقى المشترك في وضع مستضعف يمكن استغلاله برفع تعريفات واشتراكات المولدات الخاصة.
الوزير باسيل بذل جهوداً كبيرة ومشكورة، لكن النتائج المطلوبة لم تتحقق بسبب عراقيل اتخاذ القرارات الحيوية في لبنان على المستوى السياسي. فاتفاق الطائف ركز مسؤولية قرارات المشاريع الرئيسية في ايدي مجلس الوزراء ورئيسه، واتفاق الدوحة ادخل على السلطة التنفيذية قرار الفيتو للثلث المعطل، وحيث أن هنالك خلافات سياسية واضحة بين الكتل النيابية وحتى بين اعضاء مجلس الوزراء تواصلت مسيرة تحسين طاقة انتاج الكهرباء وتوزيعها، والقرارات المتعلقة بالبحث والتنقيب عن النفط والغاز.
هذا التعطيل ساهم في زيادة عجز الموازنة وانقلاب الفائض الاولي الى عجز، كما ساهم في ابعاد شركات عالمية عن التموضع اقليمياً في لبنان، وفي اقفال مصانع تعتمد على استهلاك الطاقة بكثافة كمصانع السيراميك مثلاً، وتردي اوضاع الاتصالات وارتفاع تكاليفها دفعا الكثير من الشركات اللبنانية الناجحة الى تأسيس مكاتبها في دبي، واللوكسمبور، وقبرص.
عام 1995 زار لبنان رئيس وزراء ماليزيا الدكتور مهاتير محمد، ومن المعلوم انه كان المسؤول الاول عن نهضة ماليزيا وانتقال اوضاعها من العوز، والاعتماد على الزراعة، الى البحبوبة، والاعتماد على الخدمات المالية الدولية، والصناعات الالكترونية والتجارة المثلثة الخ.
طلب مني الرئيس رفيق الحريري محاورة الدكتور مهاتير محمد وقمت في هذا الامر مع الدكتور فريدي باز من اعمدة بنك عوده، وبعد الحديث المتلفز مدة ساعة ونصف ساعة اتيح لنا محادثة مهاتير محمد على انفراد، واردنا الاستعلام منه عن رأيه في مسيرة لبنان وكانت تبدو واعدة على رغم تعثر بسبب الخلافات السياسية وضعف الارادة الحكومية. اجابنا رئيس الوزراء الماليزي بهدوء: لن تحققوا الكثير في وقت قريب لان قرار الحكم واختيار المشاريع النافعة في لبنان مبعثر. كما انتم لا تعهدون بمناصب المديرين العامين الى اصحاب اختصاص ممن حققوا نجاحات عملية. ونحن في ماليزيا نولي المسؤوليات الادارية العامة للمميزين، ونقدم لهم تعويضات توازي ما يمكنهم تحقيقه في القطاع الخاص، وما دام هذا الامكان غير متاح لكم بسبب التمايزات السياسية لن تنجحوا على مستوى الطموح اللبناني.
العجز عن التنفيذ أظهر صحة تقديرات مهاتير محمد. ولنأخذ قطاع الكهرباء. منذ عام 1998 ولبنان يواجه عجزاً متفاقماً على صعيد توفير الكهرباء لحاجات الناس، والطاقة الانتاجية لم ترفع، باستثناء مبادرات قام بها الوزير باسيل حديثاً.
واذا راجعنا ارقام عجز كهرباء لبنان، وهذه الارقام لا تشمل مخصصات الاهتراء، نجد ان القروض التي منحت لمؤسسة كهرباء لبنان منذ 15 عاماً وحتى تاريخه تتجاوز الـ13 مليار دولار، وحيث ان الحكومة اللبنانية كانت تقترض الأموال عبر سندات الخزينة، بالعملات الاجنبية والعملة اللبنانية، لا بد من احتساب كلفة اقتراض الـ13 مليار دولار، طبعاً مع تدرج الاحتساب لفرض فوائد عن المبالغ المتجمعة في كل سنة. ومهما اردنا تخفيف وقع الفوائد يبدو انها ترفع ارقام تغطية عجز كهرباء لبنان الى 15 مليار دولار.
وزراء الطاقة منذ عام 1998 كانوا من الفريق الموالي للرئيس اميل لحود حتى عام 2008 ومن ثم "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وليس هنالك من شك في ان غالبية الوزراء كانوا على مستوى المسؤولية ونذكر منهم محمد فنيش وموريس صحناوي والوزير باسيل، انما كان هنالك وزراء دون مستوى المسؤولية المطلوبة.
قبرص منذ سنتين ونصف سنة واجهت كارثة تمثلت في تفجر مخازن اسلحة وذخائر كانت موجهة الى سوريا وصودرت في قبرص وخزنت على مقربة من محطة انتاج الكهرباء الرئيسية الواقعة على مقربة من ليماسول. انفجر المخزن ودمر 40 في المئة من طاقة انتاج الكهرباء في قبرص، وخلال سنة ونصف سنة كانت الامدادات قد توافرت طوال ساعات الليل والنهار. ولا شك في ان قبرص استفادت من قانون يلزم كل صاحب بناء، تأمين ألواح الطاقة الحرارية لتوفير المياه الساخنة سواء للاستعمال المنزلي او السياحي الخ. وهذا القانون معمول به منذ السبعينات حينما كان سعر النفط على مستوى 10 - 12 في المئة مما هو الآن.
وقبرص تعاقدت مع الشركات المختصة على التنقيب عن النفط والغاز في مياهها الاقليمية منذ سنتين ونصف سنة. وخلال السنة الاولى وبعد حفر البئر الاولى اكتشفت كميات وافرة من الغاز، وحفر البئر الثانية على تقدم. والقبارصة يتوقعون كفاية حاجاتهم من الغاز، لإنتاج الكهرباء، والصناعة، والمؤسسات السياحية والتعليمية قبل 2018، وفي حال حصول اكتشافات جديدة قد تصير قبرص بلداً تقام فيه مصانع لتسييل الغاز وتصديره. وهذا بالفعل ما اقترحته اسرائيل على قبرص، وعرضت تزويد مصانع كهذه من الاكتشافات التي حققتها اسرائيل بواسطة انبوب بحري يربط البلدين.
لا نريد الاستفاضة في عرض تأخرنا عن مواكبة موجة استكشاف الثروة الكامنة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط والارقام متوافرة من نشرات المؤسسات الحكومية الاميركية منذ خمس الى ست سنوات. والتقديرات الايجابية للمياه الاقليمية اللبنانية توافرت من النروجيين منذ عام 2008، ولا نزال نبحث عن عدد الملائكة على رأس الدبوس، ونترك البؤس للمواطنين الذين يعودون لانتخاب ممثلين لهم يكرسون كرسحة لبنان على الانجاز.
كم هو محزن هذا العرض، ونحن على ابواب انتخابات لبنانية لنواب مددت ولايتهم 18 شهراً انقضى منها اكثر من تسعة اشهر من دون تحقيق أي تطور نحو انجاز قانون انتخاب عادل، واتفاقات لتحسين انتاج الكهرباء وربما كفاية حاجات لبنان من الطاقة او جزء كبير منها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم